لم يمتحن طلاب الشهادة المتوسطة في طرابلس تحت أزيز الرصاص هذه المرة على غرار السنوات القليلة الماضية، بل دخلوا قاعات الامتحانات بجرعة أقل من القلق والخوف على حياتهم ومصيرهم الدراسي. لكن ذلك لم يحجب الخشية من تدهور الوضع الأمني، ما دعا وزارة التربية إلى إبعاد مراكز الامتحانات عن مناطق التوتر. كذلك تحوّل محيط المراكز إلى خلية نحل بسبب تمترس أهالي الممتحنين لساعات أمامها، بعدما آثروا اصطحاب أبنائهم معهم ذهاباً وإياباً. لم يشأ هؤلاء تكرار مشاهد لا تزال عالقة في ذاكرتهم، وهي الهروب من القاعات على وقع الرصاص، ما أدى إلى إصابة بعض الطلاب وأهاليهم بانهيار عصبي.
هكذا تجمع البعض أمام مدرسة الحدادين في أبي سمراء، وقد أحضر المنتظرون عدّتهم من الكراسي والمظلات الشمسية و«ترامس» القهوة وسواها. إحدى السيدات نفت أن تكون قد أتت مع ابنها خوفاً من الأوضاع فحسب، بل «لأنه لا يزال صغير السنّ نسبياً، ويحتاج إلى من يبقى إلى جانبه ويدعمه». توافقها سيدة أخرى قائلة: «لديّ شاب تقدّم السنة الماضية لامتحانات البكالوريا ولم أرافقه لأنه كبير وواع، أما ابني في البروفيه، فصغير وما إلي قلب أتركه».
هذه السنة نقلت وزارة التربية مركز امتحانات البداوي إلى بلدة دير عمار المجاورة، بعدما شهد المكان أخيراً إشكالات فردية، إضافة إلى اعتمادها منذ السنوات الماضية مراكز خارج المناطق الأمنية الساخنة مثل الميناء وأبي سمراء والتل والضم والفرز والقلمون، بدلاً من باب التبانة وجبل محسن والقبة والزاهرية والملولة.
إذاً، مرّ اليوم الأول بسلام، وترك ارتياحاً في صفوف المشرفين على الاستحقاق وإدارات المدارس والطلاب والأهالي على السواء. وقد خاض 3610 طلاب استحقاقهم بهدوء في 11 مركزاً في طرابلس. وأوعزت رئيسة المنطقة التربوية في الشمال نهلا حاماتي إلى المراقبين «التعاطي بإيجابية مع الطلاب، وإضفاء أجواء مريحة له».
هذه الأجواء انسحبت على كل الأقضية الشمالية، إذ لم تتجاوز نسبة الغياب 3%، فغاب 387 طالباً من أصل 13337 طالباً توزعوا على 37 مركزاً في كل الشمال.