قبل يومين أصدر المدير العام للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، محمد كركي، مذكرة يطلب فيها منها من المستشفيات اعتماد أسعار الأمصال وفقاً للائحة الأدوية المعمول بها لدى الصندوق، وألغى مذكرة سابقة عن هذا الموضوع صدرت في أيار 1922. ماذا تعني هذه المذكرة؟ ولماذا لم تصدر قبل الآن؟ وهل تشير خلفيات هذه المذكرة إلى حالات شاذة في العلاقة بين الصندوق والمستشفيات؟ عندما أصدر كركي هذه المذكرة، كان الهدف توجيه رسالتين؛ الأولى موجّهة إلى المستشفيات، والثانية موجّهة إلى موظفي المحاسبة الذين يصفّون المعاملات في الصندوق. بالنسبة إلى مستخدمي الضمان، الموضوع إداري بحت وينطوي على توجيهات الإدارة الرامية إلى إزالة الإرباك الذي وقع به المصفّون بسبب طرق احتساب فواتير المستشفيات. فالمصل يمثّل جزءاً أساسياً من كل الفواتير التي يدفعها الضمان للمستشفيات، لكن الصندوق كان يحتسب سعر المصل على أساس مبلغ مقطوع ولم يكن يميّز بين أنواع المصل، وبالتالي كان يوازن بين أنواع رخيصة الثمن وأخرى أكثر كلفة. مردّ ذلك إلى أن المصل لم يكن قد أدخل ضمن لائحة الأدوية المعتمدة من الصندوق ولم يكن مسعّراً بعد.

أما اليوم، فقد وضع الضمان تسعيرة واضحة لأسعار المصل تأخذ في الاعتبار المصنع والمورّد، إذ إن سعر المصل لدى هذا المصنع مختلف تماماً عن مصنع آخر، فيما أسعار المورّدين ليست نفسها أيضاً: نوع سعره 2000 ليرة، ونوع سعره 3000 ليرة، والثالث سعره 8 آلاف ليرة.
بعض مصفّي المعاملات بدأوا بالاحتساب وفق الآلية الجديدة، وبعضهم استمر وفق التطبيق السابق بحسب المبلغ المقطوع، ولذلك كان يجب توحيد عملية الاحتساب.
أما بالنسبة إلى المستشفيات، فالأمر ليس بالبساطة التي يظهر عليها. إن طلب كركي التشدّد في تطبيق أسعار الأمصال سببه أن هذا الدواء هو أحد مصادر النهب التي كانت تعتمدها المستشفيات. فهناك الكثير من المستشفيات التي اعتادت استعمال أرخص أنواع المصل لقاء السعر المقطوع، بل كانت تسجّل أنها تستورد مصلاً من نوع أغلى سعراً من النوع الذي تستعمله فعلاً... وحالة المصل بين الضمان والمستشفيات تشبه إلى حدّ التطابق ما يحصل بالنسبة إلى فواتير الأدوية. فبحسب مصادر مطلعة، إن غالبية المستشفيات تستعمل أدوية جينيريك (الأدوية البديلة) لأنها أرخص ثمناً وتسجّل في فواتيرها المقدمة إلى الضمان استعمال أدوية أصلية بأسعار أعلى.