علاقة اللاعبين البرازيليين بجماهيرهم خاصّة، أو إذا صحّ التعبير، لا وجود لمنتخب في العالم، يملك روح الانتماء إلى الوطن كما يملكها اللاعبون البرازيليون. يرى المتابعون والجماهير كم أنّ قيمة الهدف مع المنتخب بالنسبة إلى اللاعبين البرازيليين عالية ومهمة. على سبيل المثال، عندما مرّ نجم ليفربول السابق فيليبي كوتينيو بفترة سيئة مع فريقه، جاءت مباراته الوديّة مع المنتخب لتشكل المنعطف، فسجّل كوتينيو هدفاً، وذرف الدموع خلال الاحتفال، رغم أنّ المباراة كانت وديّة. الأمر عينه حدث عندما سجّل نجم باريس سان جيرمان، نيمار، ركلة الجزاء الأخيرة في نهائي الأولمبياد، ركع على قدميه وبدأ بالبكاء متأثراً بحسمه للميدالية الذهبية الأولى لمنتخب بلاده. هذه المشاعر مفقودة في منتخبات أخرى، وتحديداً اللاتينية.
خيارات المدربين الغريبة في كثير من المناسبات حدّت من إمكانات ميسي
بالنسبة إلى المنتخب الأرجنتيني، علاقة اللاعبين بمنتخب بلادهم مختلفة بعض الشيء، أو يمكن القول إنّ للقائد ليونيل ميسي علاقة خاصّة به. «ليو» في مقدّمة المنتخب دائماً، إنْ كان على صعيد الانتقادات أو المديح، في الـ«طلعات» وفي الـ«نزلات». ميسي دائماً في الواجهة ويحمل العبء كاملاً. ولهذا الأمر أسباب عدّة، لعلّ أبرزها عدم الظهور بالمستوى المطلوب عندما يرتدي قميصاً مختلفاً عن اللونين الأحمر والأزرق (برشلونة). فضلاً عن عدم تحقيقه للقب حتى الآن، وقد تخطّى الـ32 من عمره مع منتخب بلاده (باستثناء الميدالية الأولمبية الذهبية وكأس العالم للشباب). إذاً، بعد عدّة صفعات تعرّض لها المنتخب الأرجنتيني وميسي، تمثّلت بخسارة ثلاث نهائيات متتالية، الأوّل أمام المنتخب الألماني في كأس العالم 2014، وخسارة نهائي كوبا أميركا أمام تشيلي في 2015، وفي كوبا أميركا الذهبية المئوية في 2016 أمام الخصم ذاته، ليعود ويظهر ميسي مع منتخب بلاده في مونديال 2018، ويتلقّى هزيمة كبيرة في دور الـ16 أمام حامل اللقب المنتخب الفرنسي بأربعة أهداف مقابل ثلاثة. مسيرة ابن مدرسة «لامسيا» مع منتخب بلاده يمكن وصفها بكل بساطة بـ«المنحوسة» التي لم تتحسّن مع مرور الوقت. فرص كثيرة سنحت لـ«لا بولغا»، إلّا أنّ الحظ وأداءه المتواضع في المباريات النهائية، كما خيارات المدربين الغريبة في كثير من المناسبات حدّت من إمكانات ليو، وجعلته يقوم بأدوار لم يكن مطالباً بها. كل هذه العوامل، أدّت إلى حرمان قائد المنتخب الأرجنتيني تحقيق لقب قاري وحيد على أقل تقدير.
التاريخ يبتسم لأبناء «التانغو» في كوبا أميركا. المنتخبان التقيا من قبل في 32 مباراة، فازت البرازيل في 9 مناسبات، بينما حقق المنتخب الأرجنتيني 15 انتصاراً، وكان التعادل حاضراً في 8 مناسبات. إذاً، التفوق الأرجنتيني واضح تاريخياً، رغم أن «ميزان القوة» الحالي يميل بوضوح إلى المنتخب البرازيلي، حيث إنه المنتخب الأفضل فنياً وتكتيكياً وعلى مستوى الأسماء أيضاً، وهو المنتخب الذي لم يخسر البطولة على أرضه في 4 نسخات سابقة. يحتلّ المنتخب الأرجنتيني المركز الثاني خلف الأوروغواي (15 لقباً) من ناحية عدد الألقاب المحققة في كوبا أميركا بواقع 14 لقباً، وهو بدوره يبتعد عن المنتخب البرازيلي بفارق 5 ألقاب، إذ يملك البرازيليون 9 ألقاب فقط.
على الورق، الكفّة ستميل إلى راقصي السامبا، نظراً للتناغم فيما بينهم، إضافة إلى عاملَي الأرض والجمهور. إلّا أنّ عالم كرة القدم لا يعترف بحسابات الورق دائماً، وهذا ما ظهر جلياً في مباراة المنتخب البرازيلي أمام أحد أضعف المنتخبات المشاركة في البطولة، المنتخب الباراغواياني، حيث تمكّنت الباراغواي من الصمود أمام الجمهور البرازيلي حتى بلغت ركلات الجزاء التي ابتسمت أخيراً لأصحاب الأرض. في الوقت عينه، خرج أحد أبرز المرشحين للفوز بالبطولة، المنتخب الأوروغواياني، على يد منتخب البيرو، وهذا ما يجعل كل الاحتمالات مفتوحة، ويشير إلى أنّ أمل ليونيل ميسي لا يزال حاضراً، وأنّ الحلم من الممكن أن يتحقق في نهاية المطاف.