الحسكة | وصلت، في الأيام الماضية، دفعات جديدة من الأسلحة والمعدات العسكرية إلى القواعد الأميركية في الشرق السوري، قادمةً من كردستان العراق، في ما أنبأ بتوجُّس أميركي من اشتداد عمليات استهداف المقاومة لتلك القواعد، بعد ثلاثة أشهر من الانخفاض الملحوظ في وتيرتها. وسُجّلت حركة نشطة لآليات الشحن، وأخرى لحركة طائرات الشحن والمروحيات، والتي انتقلت بين عدد من القواعد، في ظلّ معلومات عن تعزيز هذه الأخيرة بدفعات جديدة من الأنظمة الدفاعية. وسجّل «معبر الوليد» غير الشرعي في مناطق سيطرة «قسد»، منذ بداية الشهر الجاري، دخول 60 شاحنة محمَّلة بأسلحة ومعدّات مختلفة إلى الأراضي السوريّة، توزّعت حمولتها على عدد من القواعد في محافظتَي الحسكة ودير الزور. كما رُصد في «مطار خراب الجير» في ريف المالكية، شمالي الحسكة، هبوط طائرات شحن عسكرية لعدّة مرات، بالتزامن مع تكثيف القوات الأميركية تدريباتها على الأسلحة بالذخيرة الحية، وذلك في كل من قواعد «كونيكو» و«العمر» في ريف دير الزور، و«الشدادي» و«تل بيدر» في ريف الحسكة، و«التنف» عند مثلّث الحدود مع العراق والأردن.ووفقاً لمصادر ميدانية، تحدّثت إلى «الأخبار»، فإنّ «النشاط الأميركي المتصاعد في سوريا، بدأ بعد حادثة استهداف الكيان الإسرائيلي للقنصلية الإيرانية في دمشق، وتولّد خشية من ردّ إيراني على المصالح والقواعد الأميركية في سوريا». ورجّحت المصادر أن تكون الولايات المتحدة قد «عزّزت بالفعل قواعدها في سوريا بعدد إضافي من الجنود»، موضحةً أن «التعزيز شمل أيضاً الدفاع الجوي، عبر نصب أنظمة جديدة في كل من حقلَي العمر وكونيكو»، مضيفةً أن «تعزيز هذه القواعد سبقته تعزيزات عسكرية وصلت أيضاً إلى التنف والشدادي وتل بيدر». وتوقّعت المصادر «وجود توجّه أميركي نحو الاحتفاظ بوجود عسكري في سوريا» في حال تحقّقت خطة الانسحاب التدريجي من العراق، مرجّحةً أن «لا يستمرّ ذلك الوجود، إلا إذا احتفظت واشنطن بقاعدة صغيرة في العراق، وتحديداً في شماله، لتكون نقطة إمداد رئيسة في اتّجاه قواعدها في الشرق السوري، في ظلّ استحالة تأمين عمق إمداد من تركيا، بسبب حالة العداء المطلقة مع قسد وحزب العمال الكردستاني».
يُتوقّع أن تصعّد المقاومة عملياتها ضدّ الأميركيين في سوريا في الفترة المقبلة


وجاءت موجة التعزيزات تلك، في أعقاب استعادة فصائل المقاومة نشاطها العسكري التدريجي ضدّ القواعد الأميركية في الأسبوع الأخير، والذي سُجّل فيه استهدافان طاولا قاعدة «كونيكو» شمالي دير الزور، أحدثهما يوم السبت، فضلاً عن قصف صاروخي طال قاعدة «العمر» شرقي دير الزور، وآخر بصواريخ ومسيرات استهدف مطار «خراب الجير» في ريف الحسكة الشمالي، وثالث اتجه إلى قاعدة «عين الأسد» في العراق، بشكل متزامن، ليل السبت - الأحد. وتكشف هذه العمليات عن وجود نوايا لدى المقاومة لاستعادة نشاطها ضدّ القواعد الأميركية، بالوتيرة التي أعقبت العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، حيث جرى استهداف الكيان مباشرة داخل الأراضي الفلسطينية المحتلّة أو في الجولان المحتلّ. وما يعزّز ذلك التقدير، تسريب الجانب العراقي معلومات عن وجود توجّه أميركي لفصل الساحة السورية عن تلك العراقية، مع رغبة في الاحتفاظ بوجود عسكري في سوريا، وهو ما يستوجب، من وجهة نظر المقاومة، الضغط على الأميركيين، للعزوف عن هذه الفكرة.
وفي هذا الإطار، قالت مصادر مطلعة، لـ«الأخبار»، إن «الولايات المتحدة تنظر إلى الوجود العسكري في سوريا على أنه إستراتيجي، لكونه مرتبطاً بمواجهة ما تسميه النفوذ الإيراني في المنطقة، إضافة إلى عدم القدرة على التخلّي عن ملف مهمّ هناك، هو سجون ومخيمات داعش في مناطق سيطرة قسد»، مضيفة أن «الضغط العراقي على واشنطن، دفعها إلى التفكير في الانسحاب من العراق، من دون سوريا؛ بسبب عدم القدرة على معالجة الملفات المشار إليها على الساحة السورية، في الفترة التي يطلبها العراقيون للانسحاب». ورأت المصادر أن «أيّ انسحاب أميركي من العراق حصراً، سيواجَه بضغوط عسكرية كبيرة على واشنطن في سوريا، لدفعها إلى الانسحاب من هناك أيضاً»، موضحةً أن «المقاومة في الغالب تنظر إلى الوجود العسكري الأميركي في كلا البلدين بالعين نفسها، ولن تقبل بانسحاب جزئي أو كامل من العراق فقط».