الحسكة | خفضت فصائل المقاومة العراقية من وتيرة استهدافاتها للقواعد الأميركية، منذ حادثة مقتل ثلاثة جنود أميركيين في «قاعدة التنف» قبل نحو شهر، وما أعقبها من اعتداءات أميركية على سوريا والعراق، وذلك إفساحاً في المجال أمام جهود الحكومة العراقية لجدولة انسحاب القوات الأميركية سلمياً، عبر المحادثات الجارية في ما بين بغداد وواشنطن. مع ذلك، استهدفت الفصائل، يوم السبت، قاعدة «التحالف الدولي» في حقل العمر النفطي في الريف الشرقي لدير الزور بأربع قذاف صاروخية، تزامناً مع تدريبات كان يجريها «التحالف» في القاعدة، ما أدى إلى وقوع أضرار مادية في هذه الأخيرة، وهو ما سبقه هجومان مماثان على «قاعدة كونيكو» شمال دير الزور. لكن في المجمل، تراجعت الوتيرة بشكل ملحوظ، لتصبح بمعدل استهدافين إلى ثلاثة أسبوعياً، بعد أن سجلت أكثر من 180 استهدافاً في أقل من مئة يوم، نحو 120 منها في سوريا فقط، خلّفت 3 قتلى من الجنود الأميركيين، وأكثر من مئة مصاب. وبينما توقفت العمليات في العراق بشكل شبه تام منذ مطلع شباط تقريباً، انحسرت في سوريا بشكل ملحوظ أيضاً، لكون غالبيتها كانت تنطلق أصلاً من داخل الحدود العراقية. والظاهر أن المقاومة أرادت من وراء هذا التخفيض إظهار حسن نواياها لحكومة بغداد، والتزامها بالتوجهات الوطنية العراقية، كجهة تابعة أساساً للقوات المسلحة التي يقودها رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني. وهنا، تؤكد مصادر ميدانية، لـ«الأخبار»، أن «المقاومة خفضت من وتيرة الاستهداف، لأنها لا تريد الخروج عن إطار الإجماع الوطني العراقي، وتريد إفساح المجال للحلول السياسية والديبلوماسية، مع احتفاظها بحقّ الرد في حال تعرضها لأي اعتداءات جديدة». وتشير المصادر إلى أن «عمليات الاستهداف هدفها الأساسي إخراج القوات الأميركية من سوريا والعراق»، مضيفةً أن «هذا الهدف بات محط نقاش رسمي وجدي، وذلك بعد انعقاد أول جلسة رسمية حكومية مع الأميركيين لجدولة الانسحاب رسمياً». وترى أن «عمليات المقاومة أثبتت للداخل العراقي حقيقة الأميركيين، وأن وجودهم لم يعد مطلوباً في ظل تحسن الظروف العسكرية والأمنية»، معتبرة أن «الإجماع العراقي في الحكومة ومجلس النواب على ضرورة تنفيذ الانسحاب بشكل سريع، يعدّ بمنزلة نجاح ديبلوماسي وميداني للمقاومة».
تراجعت الوتيرة بشكل ملحوظ، لتصبح بمعدل استهدافين إلى ثلاثة أسبوعياً


في المقابل، اعتبرت وزارة الدفاع الأميركية، أخيراً، أن «الضربات التي شنتها الولايات المتحدة ضد أهداف مرتبطة بإيران في سوريا والعراق، كانت رسالة قوية جداً، أسفرت عن توقف الهجمات ضد القوات الأميركية في البلدين». وقالت المتحدثة باسم «البنتاغون»، سابرينا سينغ، خلال مؤتمر صحافي، إن «القوات الأميركية في سوريا والعراق لم تتعرض لأي هجوم منذ الـ4 من شهر شباط الحالي»، مضيفة «(أننا) نرحب بعدم وقوع أي هجمات». وتتعمد الولايات المتحدة تجاهل الضربات الأخيرة التي تعرضت لها قواعدها في كلّ من حقلَي «العمر» و«كونيكو» في ريف دير الزور، في محاولة لإثبات نجاح إجراءاتها في وضع حد للهجمات ضد قواتها وإيقافها، وهو أمر تنفيه الاستهدافات المتقطعة لتلك القواعد.
بالتوازي مع ذلك، يواصل الأميركيون استقدام قوافل جديدة من التعزيزات العسكرية المنقولة جواً وبراً من شمال العراق، في اتجاه قواعدهم في كل من دير الزور والحسكة، في شمال شرق سوريا. وتتزامن هذه التعزيزات مع إجراء تدريبات شبه يومية بالذخيرة الحية، لاختبار جاهزية الأسلحة والمعدات المنقولة حديثاً، ومحاكاة كيفية صدّ أي هجمات جوية وبرية جديدة على تلك القواعد. وتبين مصادر ميدانية، في حديث إلى «الأخبار»، أن «القوات الأميركية استقدمت منذ حادثة مقتل ثلاثة جنود أميركيين في استهداف قاعدة التنف، في نهاية شهر كانون الأول، دفعات غير مسبوقة من الأسلحة»، كاشفة عن «استقدام أكثر من 200 آلية محملة بأسلحة ومعدات متنوعة منقولة براً، و10 دفعات من الأسلحة المنقولة جواً، خلال أقل من شهر، بهدف تعزيز القواعد الأميركية في التنف ومناطق سيطرة قسد». وتلفت المصادر إلى أن «نجاح صواريخ وطائرات مسيرة مصنعة محلياً في اختراق أنظمة دفاع جوي هي الأكثر تطوراً في العالم، شكل ضربة للنظام التسليحي الأميركي»، مضيفةً أن «واشنطن تحرص على تحصين قواعدها بمزيد من الأسلحة مع تعزيز أنظمة الرصد والمراقبة، لتجنب تكرار حادثة التنف في قواعد أخرى في سوريا والعراق». وتستبعد «وجود أي نوايا للأميركيين بالانسحاب من سوريا في الوقت الحالي»، مرجحة أن «أي انسحاب لن يحصل قبل معرفة الجدول الزمني للانسحاب من العراق، والذي يعني ضمناً انسحاباً من سوريا، سيتطلب حتماً أشهراً لتحقيقه».