الفقير هو البنّاء
في زمن قانون الإيجارات الجديد والتلويح بتوقيعه، سؤال يطرح نفسه: هل هو قانون منصف أم جائر؟
الجواب يؤخذ من مضمون القانون. في السنة الأولى عقب تنفيذه تزداد القيمة 15% على قيمة الإيجار القديم، وفي السنة الثانية 30%، وفي السنة الثالثة تبلغ 45%، لتصل تلك الزيادة إلى 60% في السنة الرابعة، وفي السنة الخامسة تضاف نسبة 20%، وفي نهاية السنة السادسة تضاف إلى الزيادة نسبة 20%، لتصبح الزيادة في غضون ست سنوات 100%.

وبعد ذلك، من كان قادراً على تحمّل أعباء هذا القانون يبقَ في منزل، ومن يعجز عند انتهاء السنة التاسعة، يُقَلْ له: اخرج من منزلك أنت وكلاكيشك. هذا هو القانون، والحملات تنهال على الحزب الشيوعي اللبناني وإذاعة صوت الشعب التابعة له من أصحاب الأملاك القديمة، في زمن تبلغ فيه البطالة الحقيقية نحو 35%، والبطالة المقنعة نحو 45% في ظل الحرب التي تشنها سياسات الإفقار والتجويع. وإذا طرد المستأجر من بيته بعد تسع سنوات، فحتماً لن يكون قادراً على شراء شقة سكنية، ولا على دفع مبلغ 400 دولار أميركي، أي قيمة إيجار شقة خارج بيروت، لأن راتبه لا يصل إلى مليون ليرة، هذا إن كان متحرراً من براثن البطالة. الحزب الشيوعي يهدد بإراقة الدماء وصوت الشعب تحرّض! هذا ما قاله المالكون القدامى من على درج المتحف في بيروت.
لا يا سادة. الحزب الشيوعي اللبناني شعاره مطرقة ومنجل يبنيان لا يهدمان، وفكره المتنور المثقف إلى اقصى حدود، مؤمن بالمنطق السليم، وزاخر ببعد النظر والتحليل الدقيق.
لكن ما أحب أن ينوّر به الحزب الشيوعي، هو أن الجائع والفقير إذا أمسيا بلا مأوى، فقد يقدمان على ارتكاب حماقات، بالنسبة إليهما ليست جرائم، بل مقدسات. نعم يا فخامة الرئيس، وقّع قانوناً عادلاً للإيجارات ينصف المستأجر والمالك معاً. كفى حرباً على الفقراء يا سادة، إن 180 ألف عائلة مهددة بالنوم في الشوارع وعلى أبواب الكنائس والمساجد، وقد يبقى في المنازل نحو 15 ألف عائلة، وأربابها هم من الأطباء والمهندسين والصيادلة. وبالمناسبة، يا دعاة الإصلاح والتغيير، أين الإصلاح والتغيير، وأنتم تلهثون وراء كراسي الرئاسة على حساب من علمكم في المدرسة وكان له الفضل في حصولكم على الشهادات العليا، وتبوئكم المناصب الوزارية والنيابية؟ حقاً لقد ثبت نهائياً أن أحزاب الشيوعي والبعث والقومي والقوى الناصرية وحركة أمل وحزب الله هي الحاملة الحقيقية لشعلة الإصلاح والتغيير، لأنها وقفت إلى جانب حقوق المعلم، وهي التي ستقف إلى جانب حقوق كل مستضعف، وعلى كلّ تاريخها يشهد على ذلك.
ريمون ميشال هنود