بحسب المتابعين، فإن إرباك القاضي عبود عائد إلى أمور عدة من بينها:
- أنه يخشى في ملف دعاوى مخاصمة الدولة أن يؤدي أي اعتراف بـ «خطأ جسيم ارتكبه القضاة» - مع أنه أمر مستبعد – إلى اعتباره إدانة لقضاة «انتقاهم» عبود ليكونوا شركاء في «منح الحصانة الكاملة» للقاضي البيطار.
- كيفية التعامل مع مشكلة أكبر تتعلق بدعوى تحديد المرجع صاحب الصلاحية في تنحية البيطار أو عدمها. وهو قرار يحتاج إلى تصويت أكثرية الهيئة العامة، لا إجماع أعضائها، وبما أن الهيئة تضمّ إلى جانب عبود، القضاة سهير الحركة، روكز رزق، عفيف الحكيم وجمال الحجار، فالقرار بحاجة إلى 3 أصوات من خمسة. وفي حال اعتبرت الهيئة بأن واحدة من المحاكم التي أُحيلت إليها الدعاوى هي المرجع الصالح (أي الاستئناف أو التمييز) فسيشّكل ذلك إدانة واضحة للقضاة الذين تهربوا من البت بها، علماً أن الجميع يشتبه في أن خلفية مواقف هؤلاء القضاة كانت إما لأسباب سياسية أو تحت ضغط الترهيب من جماعات تدعم عمل البيطار.
عبود طيّر اجتماع الهيئة العامة لمحكمة التمييز للبت في دعوى مخاصمة الدولة
ولتفادي هذه المشكلة، يرجّح أن يستعين عبوّد بالمطالعة التي قدّمها المحامي العام التمييزي القاضي عماد قبلان في 9 تشرين الثاني الماضي (سنداً إلى المادة 478 من قانون أصول المحاكمات المدنية التي توجب على النيابة العامة التمييزية إبداء رأيها) وقضت باعتبار المجلس العدلي المرجع الصالح لبتّ طلبات الرد. وإذا كان عبود يضمن الحصول على أصوات الهيئة العامة، إلا أنه حتى الآن «ليسَ واثقاً» من تصويت يدعم اجتهاد اعتبار المجلس العدلي المرجع الصالح للبت في قضية تنحية البيطار، ولا يضمن أصوات غالبية الأعضاء فيه (القضاة جان مارك عويس، عفيف حكيم، وجمال الحجار ومايا ماجد).
لكن يبدو أن الاتصالات السياسية الجارية منذ أسبوعين تجاوزت هذه المرة الحديث عن تنحية المحقق العدلي، لينتقل الحديث وللمرة الأولى إلى إثارة أوساط سياسية وحتى قضائية فكرة تنحية عبود نفسه، كونه المتهم بممارسة سطوة على القضاة، وتولى إدارة «الهندسات القضائية» الهادفة إلى التعمية على المخالفات والاستنسابية التي يتهم بها البيطار من قبل خصومه. فضلاً عن أنه لم يتصدّ جدياً لمنع الفوضى، بالتالي تحميله مسؤولية الانقسام الطائفي السائد في العدلية.
ومع أن أحداً من القوى السياسية لا يجزم بوجود اتفاق على آلية لتنحية القاضي عبود. علمت «الأخبار» أن الاتصالات تضع فكرة تنحيته ضمن «تسوية» تشمل توازناً في الإجراءات بحيث تطيح بمدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات والنائب العام المالي القاضي علي إبراهيم، وعدد من المسؤولين الأمنيين والإداريين في مواقع مهمة، فتظهر العملية كما لو أنها «عملية إصلاح». إلا أن الاقتراح لم يسلك طريقه. إذ لاقى اعتراضات متبادلة من الرئيسين ميشال عون ونبيه بري، علماً أنه كانَ مرتبطاً بإعادة تفعيل الحكومة. في السياق، لا يزال البحث جارياً في عدد من السبل من بينها أن تتقدم جهات متضررة من تسييس التحقيق بدعوى رد ضد عبود، من بينها بعض أهالي شهداء المرفأ الذين يعتبرون أن «سلوك عبود يبعث على الارتياب».