النائب جورج عقيص، وخلال مداخلته عند طرح اقتراح القانون على التصويت في الهيئة العامة، أشار الى أن هذا القانون لم يحدد الأشخاص المستفيدين وما هو مطلوب منهم. لذلك يجب وضع نص جديد اقترح أن يرسل الى اللجان لقراءته مع كل قوانين مكافحة الفساد وتبييض الأموال». ووفق ما يقوله عقيص لـ»الأخبار»، فإنه مع إقرار القانون ويطلب إحالته الى اللجنة الفرعية برئاسة النائب ابراهيم كنعان التي تدرس اقتراح قانون خاص للأعمال المتأتية عن أعمال الفساد، وقد قاربت على إنهاء عملها. هكذا تتم قراءة هذا الاقتراح بالتوازي مع القوانين الأخرى، ولأنه يفترض أن يكون ضمن هذه الرزمة وبالتآلف معها». ويلفت النائب الزحلي الى أن «جرم الاطلاع على المعلومات بالاستفادة من الوظيفة وارد في القانون 44/2015 وله عقوبة، وهو ما يجعل الآلية الموحدة مطلباً رئيسياً حتى لا يحصل تضارب بين النصين والعقوبتين».
ثمة مشكلة أخرى يتحدث عنها آخرون، تتعلق بالفقرة (و) من الدستور، التي تتعلق بالنظام الاقتصادي الحر الذي يكفل المبادرة الفردية والملكية الخاصة، وبالتالي لا قدرة لأن يكون تحويل الأموال بمثابة جرم، خصوصاً أنه لم يصدر أي قانون في تلك الفترة يضع قيود على التحويلات والسحوبات بالعملات الأجنبية. في الإطار نفسه، يرى عقيص أن «التركيز يجب أن يكون على عدم الاصطدام بمبادئ قانونية عامة، مثل عدم رجعية القوانين، أي استحالة تطبيق عقوبات بمفاعيل رجعية».
عقيص: كل قانون لا تحدد مراسيمه التطبيقية يحمل في طيّاته بذور فشل
لكن ما جدوى هذا الاقتراح ما دام القانون 44/2015 يشمل هؤلاء، ولماذا لا يتم تطبيقه عليهم؟ «السؤال الذي يفترض أن يكون موضع نقاش هو هل أن القانون 44 يكفي لاستعادة هذه الأموال المحولة بعد الثورة، أم أننا بحاجة إلى نص عقابي آخر؟ إذا كان الجواب نعم، فهذا يعني أن الاقتراح ذو فائدة ويجب أن نجهد لإقراره بعد وضع بعض التعديلات عليه. إشارة الى أن هيئة التحقيق الخاصة هي الوحيدة القادرة على تقصي وتعقب حركة الأموال ورفع السرية المصرفية، وعملها منصوص عليه في قانون مكافحة تبييض الأموال، ولكن العقوبة غير محددة، وبالتالي نحتاج إلى نص يحدد العقوبة من دون التضارب مع القانون السابق». أما ترك اقتراح القانون المقدم من التيار الوطني الحر من دون تحديد أي آليات ومراسيم تطبيقية، فيحمل في طياته «بذور فشل وعدم تطبيق». هناك عدة أمثلة في هذا السياق، أبرزها قانون حق الوصول الى المعلومات الذي أقرّ في العام 2017 ولم تصدر مراسيمه التطبيقية سوى منذ بضعة أشهر. ووفق التجارب، فإن هذه المراسيم إما تُعطل، وفي حال إقرار هذا القانون، هناك من السياسيين والنافذين من سيلهث لتعطيله مستغلاً هذه الثغرة، وإما لا تُقرّ المراسيم إلا بعد سنوات.
للنائب إبراهيم كنعان رؤية أخرى؛ فآليات التنفيذ تحتاج الى مراسيم تضعها الحكومة وأخرى تخضع لمسؤولية مصرف لبنان، ولأن الاقتراح أصلاً مقدم بصفة معجل مكرر. أهمية هذا القانون، وفق كنعان، أنه يدخل تحويل الأموال بعد تاريخ 17 تشرين في سياق الملاحقة، وذلك ما لا ينص عليه القانون 44، لأن العمليات لا تدخل ضمن نطاق تبييض الأموال. هذا الاقتراح لا يناقض قانون النقد والتسليف، بل يعمد الى تعديله، أما ورود القانون 44/2015 ضمن الاقتراح، فيفتح باب الملاحقة المحلية والدولية المسموح به ضمن عمليات غسل الأموال. لكن تعميم مصرف لبنان ينص هو الآخر، كالمادة الثالثة من الاقتراح، على اعتبار المصارف الرافضة لإعادة نسبة معينة من رأسمالها مخالفة للقوانين المذكورة ومنها القانون 44؟ «التعميم غير ملزم ولا يعدّ بمثابة مخالفة، يفترض إعداد قانون حتى تصبح تلك العمليات مخالفة قانونية وتخضع لعقوبات صارمة». ويشير كنعان الى أن هناك نظرية تقول بعدم إمكانية سنّ قوانين تتعارض أمام المجلس الدستوري. ولكن المفارقة هنا أن «المصلحة العليا المذكورة في الأسباب الموجبة لاقتراح القانون، ومنها إفلاس الدولة والظروف المالية، تجعل الظرف استثنائياً».
قزي: أدعو إلى تشكيل لوبي للضغط لإقرار القانون وبعض المصارف قبضت 10% عمولة على التحويلات
ويعطي مثالاً على ذلك انهيار بنك إنترا في العام 1969. حينها تم إصدار قانون ووضعت قيود استثنائية على الودائع مخالفة لقانون النقد والتسليف، لكن تمّ تطبيقها لأنها حملت طابعاً استثنائياً. من ناحية أخرى، قانون الكابيتال كونترول يتعارض هو الآخر مع الاقتصاد الحر، ولكن موجبات تطبيقه في لحظة بهذه الحساسية تبرر ضرورة وجوده، فيما الفقرة الدستورية الضامنة للاقتصاد الحر عامة وغير محددة بموضوع التحاويل غير أنه يستنتج منها ضمان حرية تحرك الرساميل من دون أن تذكر الحالات الخاصة، كالإفلاس والتعثر المالي، التي يقدرها المجلس النيابي والمجلس الدستوري في حال جرى الطعن في القانون. الأمر نفسه، على ما يلفت كنعان، حصل عند إقرار الموازنة من دون حسابات مالية، والتي ردّ الدستوري الطعن فيها لأن «المصلحة العليا فوق كل اعتبار».
في مادته الخامسة، يشمل اقتراح القانون كلاً من «زوج الأشخاص الطبيعيين المشار اليهم في المادة الأولى وفروعهم القاصرين»، فيما تقول المادة الرابعة بعدم استفادة الأموال النقدية والمحافظ المالية المستردة من أي إجراءات تحفيزية معمول بها بمقتضى تعاميم مصرف لبنان. وفي وقت يقترب الاحتياطي في مصرف لبنان من النفاد وتستفحل أزمة السيولة في المصارف، يفترض أن يجري إقرار هذا القانون بعد إدخال التعديلات اللازمة عليه، على وجه السرعة، تماماً كما التحقيق الجنائي، علماً بأن حركة تحويل الأموال لم تتوقف حتى الساعة، بل باتت تجري باحترافية عالية، بحيث انتقل البعض الى تهريب أمواله تحت ستار الدعم، وبحجة استيراد القمح عبر تقديم فواتير وهمية... وبمساعدة من سبق لهم أن أسهموا وساعدوا في تهريب المليارات عقب اندلاع انتفاضة 17 تشرين الأول 2019.
اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا