تحرص قوى 14 آذار على تضمين مغزى زيارتها لبكركي الكثير من الايجابيات. تصرّ على عدم اثارة اي غبار على لقاء تراهن عليه لتحسين العلاقة بين بكركي والقيادات المارونية في قوى 14 آذار. وبدا واضحاً ان المعنيين بعقد اللقاءات التمهيدية حريصون على ابعاد اجتماع بكركي اليوم عن كل التجاذبات، مفضّلين عدم الحديث عن الخلاف الذي كاد يتسبب بغياب الرئيس أمين الجميّل عن حضور اللقاء وترؤس الوفد.
والجدير بالذكر أن اجتماع اليوم جاء نتيجة اجتماعات تمهيدية بين النائب بطرس حرب والنائبين السابقين نايلة معوض وفارس سعيد، في اطار تصور شامل لأهمية عقد لقاءات مع الراعي لتنقية اجواء التشنج والخلافات، انطلاقاً من انه لا يمكن بقاء الحال بين الطرفين على ما هي عليه، وضرورة اصلاح ذات البين مع بكركي، وتوسعت لتشمل الرئيس امين الجميل انطلاقا من حرص الجميع على توسيع قاعدة المشاركة والمصارحة.
وعلى خط مواز، كانت القوات اللبنانية قد فتحت خط حوار مع بكركي عبر لقاءات عقدها النائب ايلي كيروز مع المطران بولس صياح عرضت فيها مختلف وجهات النظر حول واقع العلاقة بين الطرفين، انطلاقاً من حرص القوات التاريخي على أفضل علاقة مع بكركي. وتقاطعت هذه اللقاءات مع ما كانت تعدّ له قيادات في 14 آذار، الامر الذي اوجب توحيد الجهود والاتفاق على عقد لقاء مشترك، وتولت النائبة ستريدا جعجع طلب موعد لتحديد اللقاء الموسع.
وذكرت مصادر في «قوى 14 آذار» شاركت في الاعداد للقاء لـ«الأخبار» ان الوفد سيثير مع الراعي «كل النقاط الخلافية، ومنها الموقف من الثورة في سوريا، لانه حين يعلن البطريرك قناعته ومبادئه فانه يبدو امام الرأي العام وكأنه متسامح مع النظام السوري او معه، إضافة إلى الموقف من سلاح حزب الله، والنظرة إلى اتفاق الطائف، لأن هذه النقاط هي التي اثارت الالتباسات الحاصلة مع قوى المسيحية والقيادات المارونية في المعارضة».


مشاركة الكتائب

وكان التحضير للزيارة قد شابته بلبلة مساء أمس، بعدما كاد الجميل يغيب عن اللقاء. ومعلوم ان الكتائب قد اقامت علاقة سوية مع الراعي، وابقت على تمايزها عن سائر قوى 14 آذار، في طريقة تعاملها مع اي ملف خلافي. وظل الرئيس أمين الجميّل والنائب سامي الجميّل يناديان بتحييد بكركي وابقاء الاعتراضات على تصريحات الراعي ضمن جدران البيت الماروني. ولم يكن مستغرباًً ان تتردد معلومات عن غياب الجميّل، ولا سيما في ضوء سلسلة ملاحظات اضافية. وبحسب معلومات «الأخبار» فإن الجميّل أبدى استياءه من تسريب اخبار حول اللقاء، على رغم الاتفاق على عدم تسريب خبر الزيارة. اضافة الى ان الكتائب فوجئت بأن ما نشر تحدث عن وثيقة، وكأن ثمة بنوداً محددة تريد هذه القوى تبليغها لسيد بكركي. فيما الاتفاق كان على عرض وجهات النظر المتبادلة من زاوية حرص الكتائب على افضل علاقة بين الاحزاب المسيحية والراعي. مع العلم ان ثمة نقاطاً نشرت كانت الكتائب قد اعترضت عليها وطالبت بشطبها، لكنها بقيت ووزعت على اساس انها نقاط البحث مع بكركي، فبدا وكأن الزيارة تهدف إلى فرض أجندة على الراعي من موقع مغاير لما تريده الكتائب من علاقتها مع بكركي. كذلك فوجئت الكتائب بأصل نشر خبر عن تشكيل الوفد لزيارة الراعي «وهو امر لم يكن صحيحاً».
وقد اثارت المعلومات عن احتمال غياب الجميل بلبلة ولا سيما ان مصادر قوى 14 آذار كانت ذكرت ان الجميل هو من سيرأس الوفد في حال حضوره وان الاتصالات معه كانت تصب في هذا الاطار. وهذه البلبلة استدعت مساء مزيدا من التشاور، بعدما تردد ان اكثر من شخصية من قوى المعارضة المسيحية ابدت عتبها على عدم شمولها بالدعوة. وقد اجرى البطريرك الماروني اتصالا بالجميل مساء وتمنى عليه المشاركة في اللقاء، فتجاوب الجميل مع رغبة سيد بكركي. وعلم ان الوفد سيتوسع ليضم ايضاً شخصيات مارونية عدة، منها رئيس حزب الوطنيين الاحرار دوري شمعون ورئيس حزب الكتلة الوطنية كارلوس اده.


ملفات بكركي

في المقابل ثمة نظرة مختلفة لواقع زيارة وفد من المعارضة المسيحية لبكركي، ولا سيما لجهة غياب مسيحيي «المستقبل» عن اللقاء، رغم ان معدّيه اعتبروا ان الامر محصور بالقيادات المارونية فحسب وضرورة تصفية القلوب بين هؤلاء وبكركي، لذا لم يكن ضروريا دعوة نواب «المستقبل». فالصرح البطريركي لن يكون في وارد اعطاء صك براءة مطلقة لزائريه، ولا سيما في اعقاب مراجعة استراتيجية لموقف هذا الفريق مما يجري عربياً وفي ضوء اعادة قراءة احداث الربيع العربي بعدما وصلت في عدد من الدول الى حائط مسدود، وتغيرت النظرة اليها بعد صعود التيارات الاسلامية، اضافة الى ما يتعرض له مسيحيو هذه الدول ومنها سوريا ولا سيما في المناطق التي تمدد فيها انصار المعارضة السورية. ولا سيما ان موقف بكركي يلتقي مع توجهات الفاتيكان غير الصدامية. وثمة من يعتبر ان عودة هذا الفريق الى بكركي «خطوة تراجعية» تشبه تماماً عودة المعارضة الى طاولة الحوار رغم اعتراضها على عدم بحث الاستراتيجية الدفاعية التي بات من المعروف انها لن تبحث في وقت قريب.
في بال بكركي، تحضر الاجواء التي رافقت زيارة الراعي للولايات المتحدة وما شابها من مقاطعة. لكن، ايضاً، ثمة ملفات تطرحها مع المعارضة المسيحية، انطلاقا من الاختلاف بينها وبين هذه القوى عليها، ومنها ما هو وطني مثل العلاقة بين هذه القوى ورئاسة الجمهورية من جهة، وبين هذه القوى والجيش من جهة اخرى. وبكركي تشدد على المثلث الماروني الذي يجمعها مع كل من المرجعيتين المارونيتين السياسية والعسكرية. كذلك سبق لبكركي ان اعلنت اكثر من مرة موقفها من الحكومة وضرورة استمرارها وايدتها في اكثر من محفل.
اما الامور التفصيلية فهي: قانون الانتخاب، لا سيما ان اجتماعات اللجنة المنبثقة من بكركي لا تزال عالقة بين اجماع على رفض قانون 1960 من دون التوصل الى قواسم مشتركة على قانون جديد. والتحدي ان تتمكن قوى 14 آذار المسيحية من تخطي حلفائها في المستقبل او النائب وليد جنبلاط في رفضهم النسبية. مع العلم ان بكركي ومعها الاتجاه الغالب في لجنة بكركي النيابية، تؤيد النسبية في دوائر متوسطة، وهو امر سبق ان حصل على تأييد رئيس الجمهورية و«تكتل التغيير والاصلاح» وحلفائه في قوى 8 آذار. وبكركي تنتظر ان يلتزم مسيحيو المعارضة في مجلس النواب بهذا التوجه وترجمته عمليا.
الملف الثاني هو تملّك الاجانب. وتشدد بكركي على وجوب اقرار القانون المعلق الموجود في مجلس النواب. والملف الثالث تحسين وضع المسيحيين في الادارة، بعدما تبين لها ان هناك سلسلة قوانين في اللجان النيابية تهدف الى تثبيت كل من دخل الإدارة العامة «في مرحلة الابعاد المسيحي». والملف الرابع، الملف المالي مع كل تشعباته القانونية، مع ما يحمله من امور تفصيلية ترخي بثقلها على السياسة العامة.



ضو: جزء من 14 آذار في بكركي

اوضح عضو الأمانة العامة لقوى 14 آذار نوفل ضو، أن زيارة وفد يمثل قسما من مسيحيي 14 آذار للبطريرك الراعي لم تتقرر في الأطر التنظيمية لقوى 14 آذار، وإنما جاءت نتيجة اجتماعات بين بعض الجهات السياسية والحزبية التي تنتمي الى 14 آذار، والتي رأت وجوب توضيح بعض الأمور بينها وبين بكركي نتيجة لبعض المواقف السياسية المتباينة.
وشدد على أن زيارة قسم من مسيحيي 14 آذار بكركي لا تعني أن القسم الآخر متحفظ على زيارة البطريرك من جهة، ولا أنه على خلاف مع الذين سيزورون الصرح من جهة مقابلة، لكن الذين أعدّوا للزيارة وشكلوا الوفد ارتأوا استبعاد من لم يدعوا الى الاجتماعات التحضيرية وبالتالي تشكيل وفد غير مكتمل التمثيل لزيارة البطريرك.
ولفت الى أن الغائبين «يؤيدون في شكل كامل ومطلق أي تقارب بين البطريرك وممثلي الجهات السياسية والحزبية التي ستزوره، ويؤمنون بضرورة أن يكون موقف الكنيسة وقوى 14 آذار واحدا من القضايا والملفات الوطنية كلها».