أزمة الرواتب تظهر تدريجياً: الحل بقانون أو مرسوم

«طرحنا موضوع الرواتب في مجلس الوزراء ولم يخرج أي قرار. قد نتمكن من تحقيق التوازن لدفع الرواتب في نهاية الشهر الجاري، لكن الازمة ستشتدّ تدريجاً في الأشهر المقبلة. ليس لدينا سوى حلّ من اثنين: إقرار مشروع قانون الاعتماد الإضافي في مجلس النواب، أو استصدار مرسوم في مجلس الوزراء لنقل الاعتمادات من احتياط الموازنة إلى بند الرواتب». بهذه العبارات ردّ وزير المال علي حسن خليل على أسئلة تكتل التغيير والإصلاح عن أزمة الرواتب. خليل يدرج كلامه في خانة التوضيح لا الردّ: "أنا أجيب عن تساؤلات مطروحة ولا أفتح أي إشكالات. البيان الرسمي الصادر عن تكتل التغيير والإصلاح استدعى هذا التوضيح». غير أن بعض النقاط التي تحدّث عنها خليل استدعت ردّاً من النائب إبراهيم كنعان... فإلى أي مدى ستُستعمل مسألة الرواتب في لعبة الابتزاز والتقاذف السياسي بين تكتل التغيير والإصلاح وتكتل «التحرير والتنمية» والآخرين؟

بدت «توضيحات» خليل في مؤتمره الصحافي أمس كردًّ موازٍ على «أسئلة» تكتل التغيير والإصلاح في اجتماعه الاسبوعي أول من أمس. خليل ردّ على النقاط الثلاث التي طرحها التكتل لجهة: أزمة الرواتب، السقف القانوني للاستدانة بالعملات الأجنبية (إصدارات اليوروبوندز)، القروض والهبات التي ألغيت بسبب عدم إقرارها في مجلسي الوزراء والنواب.
بالنسبة إلى الرواتب والأجور، كان تكتّل التغيير والإصلاح قد سأل عمّا إذا كان مبلغ الـ874 مليار ليرة الذي يطلبه خليل لتغطية الاعتمادات الإضافية، هو كله عبارة عن زيادات على بند الرواتب والأجور، فهل تمّ إجراء توظيف إضافي بهذا الحجم في الإدارات والمؤسسات العامة والأسلاك؟
خليل أوضح أن حجم الأزمة لا يزال محدوداً، إذ إن الخزينة عاجزة عن إيجاد مخارج قانونية لتغطية بعض المبالغ لموظفين في وزارة الثقافة، وهناك جزء يتعلق بالمتعاقدين مع وزارة التربية (التعاقدات الاضافية في التعليم المهني والتقني وتفرغ أساتذة الجامعة اللبنانية والتعاقدات الإضافية في التربية)، إضافة إلى بعض الإدارات التابعة لرئاسة الحكومة. وأوضح خليل أن الصرخة لم تصدر بعد لأن المتعاقدين معتادون على تأخر رواتبهم لشهر أو اثنين «لكن المشكلة ستزداد تدريجاً خلال الاشهر المقبلة، وفي تشرين الأول وتشرين الثاني وفي كانون الأول ستزداد الأزمة جداً وسيصل العجز إلى مبلغ يتراوح بين 160 مليار ليرة و170 مليار ليرة شهرياً».
الحلول التي يراها خليل قابلة للتحقيق من دون مخالفة القوانين هي أن يقرّ مجلس النواب مشروع قانون فتح الاعتمادات الإضافية بقيمة 874 مليار ليرة، أو صدور مرسوم عن مجلس الوزراء لنقل الاعتمادات من احتياط الموازنة إلى بند الرواتب. الحلان يتطلبان التوافق في مجلس الوزراء، أو التوافق على عقد جلسة تشريعية لمجلس النواب.
وفي ما خصّ إصدارات اليوروبوندز، أشار التكتّل إلى أنه «سبق للنائب ياسين جابر أن اقترح قانوناً بإصدار 2.5 مليار دولار باليوروبوند، وهو أكبر إصدار دين في تاريخ اليوروبوند، وقد صرّح نفسه بهذا الأمر في 24 شباط من عام 2005. وكما هو معلوم فقد استُعمل 2.2 مليار دولار من هذا الإصدار، فيما بقي 300 مليون دولار لم تُستَعمل. يطالبون اليوم بإصدار بقيمة 1.5 مليار دولار، لذلك نسأل، ما الحاجة إلى هذا الرّقم؟».
بالنسبة إلى خليل لم يكن واضحاً ما هو المقصود من السؤال، بل استغرب طرح مثل هذا السؤال: «للأسف سمعت كلاماً من أحد الوزراء السابقين (المقصود هو سليم جريصاتي الذي أذاع بيان تكتل التغيير) أن هناك إجازة سابقة بـ800 مليون دولار في شباط عام 2014 باقتراح قانون من الزميل ياسين جابر. لم أفهم ما القصد، خصوصاً أنه ليس للأمر وجود، فليس هناك هذا الاقتراح إطلاقاً. الجميع يعرف أن أي إصدار مالي يحتاج إلى أشهر من الإعداد قد يستغرق شهرين أو أكثر».
«إنكار» خليل لوجود قانون مقترح من النائب جابر، استدعى ردّاً من النائب إبراهيم كنعان يقول فيه إن «اقتراح القانون المقدم من الزميل ياسين جابر، والذي تضمن الطلب بإجازة الحكومة إصدار سندات خزينة بالعملات الاجنبية بحدود 3 مليارات دولار، أُقرّ في المجلس النيابي بتاريخ 11\11\2014، وهو يرد في الجريدة الرسمية تحت الرقم 14، وقد أجاز للحكومة إصدار سندات خزينة بحدود 2.5 مليار دولار. أتى سؤال الوزير سليم جريصاتي حول الحاجة إلى إصدار جديد، بعد أقل من ستة أشهر على الاصدار السابق المذكور، لمعرفة الاسباب الكامنة وراء هذا الطلب الجديد، لا سيما أن وزارة المالية بشخص معالي الوزير كانت قد أعلنت بتاريخ 24 شباط 2015 أن "لبنان يسجّل أكبر إصدار لليوروبوند في تاريخه بقيمة 2.2 مليار دولار، وأن الطلب على السندات كان أكثر بكثير من حاجة لبنان».
وكان خليل قد أشار إلى أنه تقدّم بمشروع يجيز للحكومة إصدار سندات خزينة بقيمة 4.4 مليارات دولار لتغطية احتياجات جزء من عام 2014 وكامل عام 2015، «لكن للأسف لم يوافق مجلس النواب إلاّ على 2.5 مليار دولار، علماً بأن استحقاقات عام 2015 هي 3.5 مليارات دولار. هذه استحقاقات، وليس الامر خافياً على أحد. لدينا بصراحة ووضوح خيارات كثيرة نتمنى ألاّ نلجأ اليها، لكننا مستعدون للجوء إليها حتى لا يخسر لبنان مصداقيته وحتى لا يتخلف عن تسديد كل سند يستحق عليه من قبل أي من المؤسسات الدولية».
أما بالنسبة إلى القروض والهبات، فكان التكتل قد غمز من قناة إلغاء وكالة التنمية الفرنسية بعض القروض، طالباً البحث عن أسباب ذلك. وقد ردّ خليل أن لبنان أمام خسارة فرص كبيرة بالتأكيد؛ «أمامنا مشاريع قروض تحتاج إلى موافقة مجلس الوزراء عددها 12 قرضاً وقيمتها 643 مليون دولار. ولدينا قروض تحتاج إلى إقرار في مجلس النواب وعددها 14 قرضاً بقيمة 1.168 مليار دولار. كذلك هناك قروض لم نستفد منها بسبب مرور الحد الاقصى لإقرارها فألغيت، ومنها قرض الوكالة الفرنسية للتمويل بقيمة 45 مليون يورو وقرض ثان من الوكالة نفسها بقيمة 70 مليون يورو بفائدة 1.7 لمدة 16 عاماً بسبب عدم تنفيذ عملية الربط الكهربائي في المنصورية. ولدينا أيضاً هبات بقيمة 172 مليون دولار وعددها 9 هبات قد تلغى، ولا سيما تلك المقدّمة من البنك الدولي، كونها مرتبطة بتواريخ محدّدة.

الأكثر قراءة

محتوى موقع «الأخبار» متوفر تحت رخصة المشاع الإبداعي 4.0©2025

.يتوجب نسب المقال إلى «الأخبار» - يحظر استخدام العمل لأغراض تجارية - يُحظر أي تعديل في النص، ما لم يرد تصريح غير ذلك

صفحات التواصل الاجتماعي