كشف مصدر دبلوماسي في نيويورك، لـ«الأخبار»، عن حراك كثيف تقوده باريس، بعيداً عن الأضواء، في مجلس الأمن من أجل إشراك قوة اليونيفيل العاملة في جنوب لبنان بمهمات على صلة بمشروع إيجاد ممرات آمنة للمساعدات الإنسانية لسوريا. وكشف المصدر أن تعليمات صدرت أخيراً لقيادة اليونيفيل في الناقورة تطلب منها الاستعلام عما إذا كان مطار رياق أو مطار القليعات مؤهلين لوجستياً للخدمة، وعن قدرتهما على استقبال طائرات نقل مساعدات إنسانية.
وأوضح الدبلوماسي عينه أن دولاً عربية تتعاون مع فرنسا في هذا المشروع، وتقترح اعتماد أحد المطارين كنقطة تجميع للمساعدات الإنسانية الغربية والعربية، تحت إشراف الأمم المتحدة، قبل إيصالها إلى النازحين السوريين داخل سوريا وعلى الحدود اللبنانية ـــ السورية، وذلك ربطاً بالشروط السعودية بضرورة التثبت من وجود ممر آمن للمساعدات، أو الاستمرار بالعمل بقرار تجميد إرسال المساعدات الإنسانية. وأعطت دول في مجلس التعاون إشارات الى أنها تفضل هذه الممرات اللبنانية لتجميع المساعدات وتوزيعها تحت إشراف الأمم المتحدة، وعبر الاستعانة بقوة من اليونيفيل.
ولفت الدبلوماسي الى أن الاقتراح وتجميع المعلومات لا ينسجمان مع المهمات التي حددها القرار ١٧٠١ للقبّعات الزرقاء في منطقة جنوبي نهر الليطاني. ويحذر المصدر من أن يكون الهدف الفعلي هو خلق أمر واقع في سياق السعي الدائم الى تعديل صلاحيات ومهمات قوات اليونيفيل.
ويعود المصدر الى ما حصل في مجلس الأمن في آب الماضي، عندما طلب القرار رقم ٢٠٠٤ من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون قيادة عملية مراجعة استراتيجية لليونيفيل في جنوب لبنان. وكانت فرنسا هي من بادر الى إجراء هذه المراجعة بهدف «الحكم على نتائج عمل اليونيفيل بعد ست سنوات من انتهاء الأعمال العدائية في جنوب لبنان، وتحسين عملها».
ويقول الدبلوماسي إن مضمون المراجعة اشتمل على أربعة محاور، يقول أحدها الذي جاء تحت عنوان «استكمال المهمة والتنسيق»: هناك أهمية في هذه النشاطات لتطوير أهداف القرار ١٧٠١». ويأتي مضمون المحور الأخير ليكشف عن جانب من المقصود بتطوير أهداف القرار ١٧٠١، فيقول «إن اليونيفيل لا يمكن عزلها عن الطبيعة السياسية للقرار ١٧٠١ وكذلك عن الظروف الأمنية والعملية المتبعة». وتشي هاتان الفقرتان بأن المقصود هو تطوير أهداف القرار ١٧٠١ لتشتمل على مهمات تفرضها ظروف أمنية وسياسية داخل نطاق عملياتها وخارجه، وبحيث لا تعود قيادة اليونيفيل عسكرية صرفة كما ينص القرار ١٧٠١، بل تصبح سياسية أيضاً، كون المراجعة الاستراتيجية تفيد بأنها «تتطلب قيادة سياسية للعملية إما عبر قيادة اليونيفيل أو قائد القوة».
ويلفت المصدر الى أنه عقب إقرار المراجعة الاستراتيجية، تمت المباشرة بدراسة إجراء تعديلات على هيكلية قيادة اليونيفيل في جنوب لبنان، بحيث تم استحداث منصب جديد لأحد المسؤولين المدنيين فيها، تناط به مسؤولية وصلاحيات التدخل في الشؤون العسكرية والمدنية، وحتى التدخل في أدق التفاصيل التي تتعلق بالشؤون المدنية في مسرح عمليات اليونيفيل.
ويؤكد المصدر أن استحداث هذا المنصب جاء ترجمة عملية لإحدى توصيات المراجعة، كما ورد في محور «النشاطات العملانية» التي تحدثت عن أهمية «إقامة علاقات مع السكان المحليين على مدى استراتيجي بعيد وتعزيز قدرات اليونيفيل البشرية».
ويخلص المصدر الى اعتبار أن الاتجاه لتغيير بنية قيادة اليونيفيل في الناقورة لتشتمل على إرساء قيادة سياسية لها واستطلاع المطارات يسمحان بالاستنتاجات الآتية:
أولاً ــ وجود توجه لتسييس القرار ١٧٠١ الذي هو بالأصل قرار عسكري صرف ينظّم العلاقة بين اليونيفيل والجيش اللبناني.
ثانياً ــ تغيير مهمات اليونيفيل بغية منحها دوراً سياسياً ومدنياً داخل النسيج الشعبي في قرى جنوبي خط الليطاني عبر إنشاء «علاقات ذات مدى استراتيجي أبعد» معها.
ثالثاً ــ جعل هذه الإجراءات مقدمة لإحداث تغيير على قواعد الاشتباك السارية حالياً والخاصة باليونيفيل وذلك لمصلحة تطويرها، وتوسيع مفاعيل القرار ١٧٠١، ليصبح لليونيفيل في جنوب لبنان إسهام في موضوعي إنشاء ممر آمن للمساعدات الدولية للنازحين السوريين انطلاقاً من مطار رياق وتعميم مهمتها ليكون لها دور في ضبط الحدود السورية اللبنانية وترسيمها.
ويكشف المصدر عينه أنه بتاريخ 21/3/2012 عقد مجلس الأمن جلسة مغلقة لمناقشة التقرير الثامن عشر للأمين العام للأمم المتحدة بشأن تنفيذ القرار ١٧٠١، وفي أثناء نقاش المندوبين في هذه الجلسة للمراجعة الاستراتيجية، برز تفاهم أميركي ـــ فرنسي على إثارة نقطتين من خارج جدول اهتمام نطاق القرار ١٧٠١:
ـــ الأولى بضرورة الإسراع في ترسيم الحدود اللبنانية ـــ السورية، والعمل على تثبيت أهمية مراقبتها وضبطها.
ـــ الثانية بإظهار القلق من تعاظم قدرات حزب الله التسليحيّة.