فيديو قضماني

بهدوء المفجوع الذي يحاول استيعاب ما يراه، شاهدت الفيديو الذي تداوله "فايسبوكيون" للندوة الحوارية التي شاركت فيها المرشحة لرئاسة المجلس الوطني السوري، والعضو الحالي فيه بسمة قضماني بضع كتاب وسياسيين وناشطين اسرائيليين وصهاينة في باريس. بداية، شاهدت مقتطفات من تلك الندوة التي بثتها قناة مجلس الشيوخ الفرنسي كاملة، لكن بترجمة مبسّطة تبَسيطا بروباغندياً.كان ما فيها، كوني أعرف الفرنسية ولست بحاجة للترجمة، ما يكفي ليصيبني بالذهول. ولكن، قلت في نفسي لأعطها فرصة الشك، ربما كان في سياق المقابلة الكاملة ما يخفف، على الأقل، من خطورة سلوكها، فبسمة، معرفة قديمة من ايام باريس الأولى. لكن مشاهدتي للرابط الكامل، جعلني احس بمرارة وحزن كبيرين. بكل بساطة يبدو ان السيدة التي كانت تعمل بجهد لتحقيق مسيرة مهنية ناجحة، ارتضت، ومنذ زمن ليس بالبسيط، ان تلعب دور «العربي المناوب» (l`arabe de service). و «العربي المناوب» او «الخادم المناوب» هو تعبير من الأدبيات الكولونيالية، متداول في فرنسا للإشارة الى شخص يرتضي ان يقوم، لدى من يناقض مصالح قومه، بدور «ممثل» هؤلاء القوم، لانتمائه عرقيا او دينيا او جنسيا او حتى طبقيا اليهم، في حين ان المتوخى من حضوره تزييف إرادة هؤلاء. فإن كنا سنناقش الربيع العربي مثلا، ونريد ان نسوّق وجهة نظر أطلسية، فهل هناك احسن من عربي ليقوم بذلك؟ وان اردنا ان نناقش مسألة المقاومة الإسلامية اللبنانية مثلا، فهل هناك افضل من مسلم شيعي؟. وهل هناك افضل من «سوري مناوب» في الموضوع السوري؟ طبعا الأفضل ان يكون إمرأة، عصرية ومسلمة وذات لقب علمي، فكيف إذا كانت تتحدث لغة السيد بطلاقة ومؤلفة كتب؟. هذا لا يعني انه ليس من حق الشيعي ان يناقض رأي الغالبية الشيعية، او ليس من حق العربي ان يناقض رأي الاغلبية، بل العكس مطلوب . السر كل السر في اسلوب استخدام هذا الاختلاف، ومن قبل من؟ وعلى اي منبر؟ حيث لا يعود اعلان الإختلاف يصب في حق المختلف، بقدر ما يخدم مصلحة مستضيفه، المتعارضة مع مصلحة من يدعي، او يراد له ان يوحي، بتمثيلهم. ومجتمعنا اللبناني الذي تختبيء فيه السياسة خلف الدين، مليء بهذا «النوع» من الأشخاص: هناك السني المناوب عند الشيعة، والشيعي المناوب عند السنة، والماروني المناوب عند الدروز، والدرزي المناوب عند الموارنة الخ.. اما الغرب؟ فلديه من المناوبين ما يسد حاجته الى التلاعب وتزييف الرأي العام في أي مسألة من المسائل التي تهمه، لديه «الكوبي المناوب» و«الصيني المناوب» و «الروسي المناوب» وبالطبع لديه «العربي المناوب». ومن صفات الخادم المناوب، التي يقدم على اساسها الى «الجمهور»، انه ذو عقل نقدي وشجاع لا يتورع عن انتقاد مقدسات قومه، وهو بالتالي خارج عقلية «القطيع»، كما سيستنتج الجمهور المتابع. هذا هو الدور الذي لعبته بسمة قضماني في الندوة موضوع الفيديو المتداول. ولنعد الى الندوة. كان ذلك في العام 2008. المناسبة معرض الكتاب الفرنسي في دورة تكرّم «الأدب الاسرائيلي»، على غرار ضيف كل عام. وبما انه من غير المعقول التحدث عن الادب الاسرائيلي بدون التطرق لمعاناة الاسرائيليين، و"خوفهم" من "الإبادة"، سيلزم التطرق بشكل او بآخر الى القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني. لذا، كان يجب العثور على أديب او كاتب او حتى شويعر فلسطيني ليقبل بالحضور في هذه الندوة على ان يكون «الفلسطيني المناوب» الذي لا مشكلة لديه في الحوار مع اسرائيليين، بشكل طبيعي. ولا بأس ببعض السياسة التي ستنتهي الى كلام في فضائل السلام والمفاوضات والحوار ..مما يشتف منه بأن الامر ليس بهذه البشاعة بين الجلاد وضحيته. وبدأ البحث عن مشاركة فلسطينية، إلا ان الكتاب والشعراء الفلسطينيين قاطعوا المناسبة. وإذ ..ظهرت بسمة. ما دخل بسمة، السورية الاصل، الفرنسية الجنسية، بلعب دور العربية ذات «العقل الكبير»؟ هل لأن لها اولادا من زواج فلسطيني سابق؟ أصلا كيف يطاوعها قلبها على استخدام اطفالها الفلسطينيين وسرقة حقهم بالاعتراض على من سرق وطنهم وشتتهم في اصقاع الارض؟ هل جاءت لتسويق كتابها «فلتسقط الجدران» الذي يصب في الموقف ذاته اي تحطيم جدار المقاطعة النفسي؟ وحين سألها الصحفي موقفا من مقاطعة الفلسطينيين للندوة قالت ما معناه: إن كانت المقاطعة بديلا عن العمليات الإنتحارية، فليقاطعوا افضل من ان يفجروا انفسهم!

قد يخفف من خطورة الموقف لو كانت المرحلة التي حصلت فيها الندوة تشهد نوعا من حلحلة سياسية يستشف منها بارقة امل لتحسين اوضاع الفلسطينيين، لكن العام 2008 !..ما الذي شهدته القضية الفلسطينية في ذاك العام؟... عملية "الرصاص المصهور" على غزة!

الأسوأ في سياق الندوة، ان قضماني كانت تستمع بتفهم الى رواية «عذابات» الاسرائيليين، الآتين من بولندا او اميركا او المانيا، في العيش اليومي على ارض فلسطين المحتلة وكيف ان يومياتهم غير آمنة! هكذا استمعنا معها، الى الاديبات الاسرائيليات الحاضرات -وإحداهن تتحدث فرنسية مكسرة لدرجة ان المذيع جان بيير إلكاباش عرض عليها، بخجل طبعاً، مترجمة- وكيف أنهن يخفن على أبنائهن الذاهبين لتأدية.. الخدمة العسكرية لثلاث سنين، وقد لا يعودون. طبعاً، أين يؤدي هؤلاء الجنود "خدمتهم العسكرية"؟ لم يكن يهمّ بسمة، وقلق اهل هؤلاء الجنود، لم يذكرها بخوف الفلسطينيين حتى من الذهاب الى عملهم المدني، لم يذكرها بما تفعله قطعان المستوطنين بالمقدسيين مثلا، الذين يخشون ترك بيوتهم سحابة النهار لئلا يعودون فيجدون أغراضهم في الشارع والمستوطنون قد احتلوها، برعاية الشرطة الاسرائيلية. لم تجد بسمة ما تقوله الا "الإعتراف"، بماذا؟ بأننا «نحن العرب نغار منكم لديموقراطيتكم»! و"أننا، بالحرف، بحاجة الى اسرائيل في المنطقة"! صدق او لا تصدق. أم حين ذكرت الفلسطينيين، فقد استخدمت ابنها الفلسطيني، راوية انها كانت قد اصطحبته معها الى ..تل ابيب منذ بضع سنوات، وأنه التقى حين كان يسبح في احد الفنادق هناك، ولدا من عمره وهو ابن احد المستوطنين، فما كان من الصبي الاسرائيلي (الذكي طبعاً) الا ان حاول ان يجد "كلمتين فقط يعرفهما بالإنكليزية، لكي يقول لإبني: مي اند يو بيس؟» انا وانت في سلام؟

بداية، حين «ظهرت» بسمة كعضو المجلس الوطني السوري، هي الموظفة لسنوات عديدة في"مركز التحليل والتوقع" العقل المفكر في وزارة الخارجية الفرنسية (واسمها لا يزال مدرجا في فريق العمل حتى اليوم ) فوجئت. فمن جهة لا شيء في تاريخها يفيد بهذا المعنى، ومن جهة اخرى لم تكن الأخبار المتواترة عما تقوم به يرضي عدوا فكيف بالصديق؟ كان هناك من يتحدث عن «دسّها» المنتظم للبند السابع (تدخل الامم المتحدة المسلح)، في بيانات المجلس، حيث كان هناك دائما من يتنبه للامر ويزيله ظنا منه انها غلطانة، الى ان أفهمته بانها «تعرف ماذا تفعل»!

هل تعرف بسمة فعلا ماذا تفعل؟ هل تعرف انها مجرد واجهة لمصالح الغرب في بلادها الأصلية؟ وأيها فعلا هي بلادها؟ لقد أصدرت بيانا تقول فيه ان المقتطفات التي عرضت لها على اليوتيوب محرّفة المعنى لأنها تخرج الكلام من سياق الحلقة التي تدوم ساعة ونصف. لكن مشاهدة الحلقة كاملة تجعل المرء يخرج بنتيجة واحدة: إنها أسوأ من المقتطفات. أنها تنزع اي حجة من يد بسمة، المثقفة، الباحثة، التي قالت إنه علينا (نحن العرب) قراءة الأدب الاسرائيلي لكي نقرأ شيئا آخر غير القرآن!

هل تعرف فعلا بسمة قضماني ماذا تفعل؟ لشيء من الوفاء، للعشّرة وبعض الأيام الحلوة، أتمنى أن تكون ... مجرد حمقاء.

التعليقات
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 3/1/2012 8:06:10 PM

يكفي ما ذكرته يا ضحى لا يمكننا ان نضيف الا اذا لم تستحي ففعل ما شئت اه يا زمن كم كثر هؤلاء.......

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 3/1/2012 2:28:46 AM

لا عليك اخت شمس ضحى ...الخيانة في الدم ...نشرت جهات علمية ان الخيانة توجد في الجينات ...و انها وراثية و ليست مكتسبة ..و هذا قد يفسر السؤال الذي كان دائما يراودني ...لماذا هناك خونة ...مادام خائن بلده ..على نفس العقيدة و نفس الثقافة لاهله و ناسه ...

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 2/27/2012 12:19:00 PM

أنا ناشطة في المعارضة السورية منذ أواسط التسعينات، ولم أسمع قط باسم بسمة قضماني كمعارضة سورية أو لها أي شأن بسورية وطنها الأم، وقد أثار بروز اسمها في المجلس شكوكي منذ اللحظات الأولى، مما يثير التساؤل كيف قفزت بسمة قضماني فجأة إلى صدارة وقيادة المعارضة السورية في الخارج، وبالتالي التساؤل عن تركيبة المجلس ككل. شكرا لك ضحى على هذا المقال المتوازن

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 2/27/2012 7:18:36 AM

من المجدي جدا أيضا القول إن معرض الكتاب الفرنسي هذا بالذات شهد مقاطعة صارخة وعالية النبرة وتوقيع بيانات من قبل إسرائيليين ويهود فرنسيين، قالوا تقريبا ما تقولينه يا ضحى...أكثر من هذا أقام هؤلاء أنشطة موازية خارج المعرض الرسمي دعوا إليها فلسطينيين لشجب كافة أشكال التزوير الدعائي لأنشطة هذا المعرض..وكان منهم من وقف على أبواب المعرض لتوزيع البيانات العالية النبرة والمفنّدةللتزوير"الرسمي" من أجل مقاطعته..

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 2/26/2012 3:01:17 PM

لم تكن بسمة قضماني بحاجة إلى انتظار الأيّام الأخيرة من عام 2008 لتشهد حريق غزّة المتجدّد. كان يكفيها أن تتذكّر -وقد ذكّرهاالمذيع نفسه- أنّها في العام الستّين للنكبة/ ولادة إسرائيل، وأنّ ستّة عقود من تاريخ المأساة كافية لكي تعرف أين يجب أن تكون، وماذا عليها أن تقول، وكيف عليها أن تفكّر! عزيزتي ضحى، أظنّ أستاذك يبتسم الآن ابتسامة الرضا وقد التمع شيء تعرفينه في عينيه! هيفاء ذياب

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 2/26/2012 1:48:00 AM

الشيء الوحيد الإيجابي هو وجود بسمة ضمن مايسمى المجلس الوطني. فوجودهاالعلني يدل على ما هو المخفي. أتوقع أنه هناك العشرات من أمثال بسمة ضمن المجلس إذا لم نقل أن كل المجلس من أمثالها. إن بسمة ليست بعار فقط

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 2/25/2012 5:18:22 PM

زمن رديء هذا الذي وصلنا فيه لأن تكون الخيانة وجهة نظر و ربما و طنية؟؟ زمن العجايب

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 2/25/2012 2:51:34 PM

قدماني عارفة خير المعرفة شو عم تعمل ومعتبرة حالها مودرن وحضارّية وهيدى البضاعة التي بامكانها تبيعها للغرب حتى توصل على المناصب٬ الله بس يساعد ولادها

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 2/25/2012 9:52:30 PM

باشتراكها بمعرض الكتاب الباريسي، قضماني قضمت بوعي كبير كل تضحيات الفلسطينيين وداست على عذاباتهم، كما تدوس اليوم على الشعب السوري بكل أطيافه. لقد استمعتُ إليها كذلك ودون الترجمة وذُهلت كيف تتلفظ ما تتلفظه ببرودة تامة. لا بل هي فخورة في حضورها بينهم، وتعتقد أن الاسرائيلي يعترف بها ولو من أجل هدف خسيس وذليل. فلتتأمل فقط ما يحدث مع دومينيك شتروسكان. لكن أمثالها كثر. فمن المثقفين العرب اليوم من يُردد "أسفه" لعدم تدخل الناتو "لحماية" الشعب السوري، وهم حقيقة يصدقون ذلك، وهنا المصيبة الكبرى. لم يدرك البعض من هؤلاء المثقفين حقيقة الناتو وأنه، كآثار أتيلا في الماضي، لا يترك وراءه إلا الخراب والدمار. شكرًا لك يا ضحى شمس، فأنت اسم على مسمّى.

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
شاركونا رأيكم