بعد اجتماعين لغالبية أعضاء المجلس البلدي في غياب رئيسه بلال حمد، التقى المعترضون على أداء «الريّس» به قبل ظهر السبت الماضي. النتيجة الأولى للاجتماع كلام إيجابي ورغبة في التعاون، لكنّ هذا الكلام يحتاج إلى ترجمة عمليّة، بحسب بعض المعترضين، وهو ما يفترض أن يظهر في اجتماع المجلس البلدي غداً. وفي المعلومات المتوافرة، فإن ما جرى، يُمكن تجزئته إلى جزأين: الأوّل متصل بالعمل اليومي للبلدية، والثاني سياسي. في الشق العملاني، يعترض أعضاء المجلس البلدي على أداء رئيسه، ويصفونه بالمتفرّد، أو «one man show». يُشير هؤلاء إلى أنهم يعرفون بأغلب القرارات التي يتخذها حمد من وسائل الإعلام، كما أنه يلتقي وفوداً من دون إبلاغ أعضاء المجلس البلدي، ويُقرر السفر من دون استشارتهم ووضعهم في صورة ما يجري.

ويُضيف هؤلاء إن معظم القرارات تُتخذ بطريقة المونة، ومن دون دراسة مسبقة، ولا تمرّ البنود على اللجان المختصة، كما أن حمد يطرح غالباً بنوداً من خارج جدول الأعمال، من دون أن تكون لها صفة الطارئ. تُضاف إلى هذه التحفظات مجتمعة العلاقة المقطوعة بين حمد ومحافظ بيروت بالتكليف ناصيف قالوش، رغم أن قالوش ينفي أن تكون في المحافظة ملفات عالقة للبلديّة.
أراد أعضاء البلديّة المعترضون تنظيم البيت الداخلي، تحت عنوان «تقديم خدمة أفضل لأهالي المدينة». وهم أكّدوا أن الخلاف مع حمد ليس شخصياً. ولفت أحدهم إلى أن تفرّد رئيس البلديّة قد تكون نتيجة عقليّته كأستاذ جامعة يُحضّر مواده بنفسه.
في الاجتماع الذي عُقِد السبت، تعهّد حمد أن يعمل أكثر ضمن فريق عمل. ووافق على عقد لقاء بين المجلس البلدي والمحافظ، علماً بأنه كان يرفض هذا الاقتراح سابقاً. وشرح الأعضاء لحمد أسباب حملتهم عليه، مؤكّدين مراراً أنها ليست شخصيّة.
طالب الأعضاء بتغيير لجان البلديّة، فجاء ردّ حمد إيجابياً، لكنّه أضاف إن القانون ينصّ على أن رئيس لجنة المناقصات هو رئيس البلديّة. وأضاف إن لجنة التخطيط والأشغال تأتي في صلب العمل البلدي، وهو يريد أن يترأسها لأنه مهندس. وقال حمد لـ«الأخبار»: «إذا لم تكن هذه اللجنة برئاسة رئيس المجلس، فسيكون بعيداً عن كل ما يجري». وهذه اللجنة هي المسؤولة عن وضع الإشارات على العقارات التي تنوي البلديّة استملاكها لتحويلها إلى مواقف سيارات. وقد أثيرت العديد من الانتقادات على أداء هذه اللجنة، التي رفعت الإشارة عن عدد من العقارات، قبل انتهاء الدراسات بشأنها. واتهم بعض الأعضاء حمد بأنه رفع الإشارة بناءً على علاقات شخصيّة.
لم تنتهِ مطالب حمد عند اللجان الثلاث، بل إن رئيس البلديّة يُريد أن يتولّى رئاسة لجنة رابعة، وهي لجنة تخمين المتر البيعي، وهي مسؤولة عن تخمين أسعار العقارات. وتمنى على الأعضاء الذين زاروه يوم السبت الموافقة على هذا الأمر، ولفت في اتصال مع «الأخبار» إلى «أن ترؤس رئيس البلدية لهذه اللجنة يُعدّ ضمانة، كما يجب أن يكون رئيسها مهندساً ضالعاً في سوق العقارات»، لكن هناك ثلاثة أعضاء يضعون أعينهم على هذه اللجنة، وهم: بشرى عيتاني، عبد الحفيظ غلاييني ومروان شهاب، وهو قريب من المسؤول في تيار المستقبل خالد شهاب.
ينفي حمد أن يكون الاجتماع موجّهاً ضدّ تفرّده في القرارات، بل إن هدف الاجتماع هو إيجاد أفضل طريقة لتفعيل التنسيق بين السلطة التنفيذية التي يرأسها المحافظ والسلطة التقريرية التي تمثلها البلديّة. «فهناك قرارات تنفذ، وبعضها لا ينفذ، وبعضها يتأخر. جرت نقاشات مستفيضة، اتفقنا على جدول أعمال لعقد اجتماع مع المحافظ لتسهيل العمل البلدي. اتفقنا على خطة عمل». وبالنسبة إلى عمل اللجان، قال حمد إن جرد عملها تأخر قليلاً، لكن «اتفقنا على أن يُعقد اجتماع بعد أسبوعين لبحث شؤون اللجان وجرد أعمالها».
أمّا الجانب السياسي من الخلاف، فمتصل باعتراض تيار المستقبل على بلال حمد بسبب تقرّبه من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي. وبحسب المعلومات فإن حمد يلتقي ميقاتي على نحو دوري، وهو بنى علاقة متينة معه. وقد أبلغ الأمين العام لتيّار المستقبل أحمد الحريري أحد أعضاء البلديّة عبر الهاتف من فرنسا، حيث يزور الرئيس سعد الحريري، أنه لا يُريد أكثر من هز العصا لحمد، ولا يُريد كسره. وهذه ليست، المرّة الأولى، التي يواجه فيها المستقبل مشكلة مع رؤساء بلديّات انتخبوا على لوائحه، إذ سبق أن حصل الأمر عينه في عكّار، بعدما ردّد رؤساء بلديّات أن وضع عكار قبل تولي ميقاتي رئاسة الحكومة يختلف عن وضعها بعد وصوله إلى السرايا.
بدوره، نفى حمد وجود مشكلة مع تيّار المستقبل، «من مهماتي نسج علاقة جيدة مع رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب ووزير الداخليّة. وإذا كانت علاقتي سيئة بهم فكيف ستسير الأمور. أنا رئيس بلديّة العاصمة، وكيف لا تكون علاقتي جيدة برئيس الحكومة. السياسة شيء والإنماء شيء آخر، وعلاقتي جيدة مع الجميع. ولكي أنجح كممثل لتيار المستقبل، علي أن أتواصل مع كل الناس، وعلى رأسهم رئيس الحكومة». وأكد حمد أن تنسيقه «كامل مع تيّار المستقبل في هذا الأمر». أضاف إن غالبية القرارات يجب أن تمرّ عبر وزارة الداخليّة، كما أن هناك مراسيم تصدر عن الحكومة تخص مدينة بيروت، لافتاً إلى وجود تجاوب من ميقاتي والوزير مروان شربل، مؤكداً أيضاً أنه ينسّق مع «الشيخ سعد في كلّ ما يخص بيروت».