القاهرة ــ الأخبارحفاوة استقبال ملكية كانت بانتظار ولي العهد السعودي محمد ابن سلمان في القاهرة، لم تكن فقط متمثلة في كسر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، للبروتوكول واستقباله بن سلمان وإقامة عشاء على شرفه وكأنه الملك وليس ولياً للعهد فحسب. ولكنها امتدت أيضاً لمستوى الاتفاقات التي وقّعها البلدان لتكون زيارة الابن امتداداً لزيارة والده التي جرت في نهاية آذار 2016 ونقلت خلالها تبعية جزيرتي تيران وصنافير إلى الرياض بموجب اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين البلدين.

هذه المرة كانت هدية ابن سلمان ألف كيلومتر من سيناء ضمن مشروعه «نيوم» الذي أعلنه في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، ويجمع الأردن ومصر. مشروع تصل مساحة المنطقة التي سيمتد عليها إلى نحو 26 ألف كم2، وتصل الاستثمارات فيه «إلى نحو 500 مليار دولار»، ولكن المشروع هذه المرة سيحمل تطبيعاً مباشراً مع إسرائيل ضمن خطة المملكة للتوسع الاستثماري في المنطقة المطلة على البحر الأحمر.
تفاصيل المشروع، كما يسردها مصدر مصري تحدث إلى «الأخبار»، تتضمن حرية الحركة في المنطقة باليخوت البحرية وبين المنتجعات السياحية التي ستُنشأ في السعودية ومصر، وتحديداً في شرم الشيخ، ولاحقاً في الغردقة، بالإضافة إلى الجانب الاردني. وبذلك ستتحول المنطقة إلى مركز عالمي للسياحة سيشمل «ايلات» أيضاً، لكن مع قيود في الحركة لتكون التعاملات من وإلى ذلك الميناء عبر المناطق المصرية وليس عبر المناطق السعودية.

الهدية لابن سلمان تمثلت بتقديم ألف كيلومتر من سيناء لمشروع «نيوم»

وبحسب المصدر، فإن السعودية التي ستتعامل مع المنطقة بقوانين خاصة بخلاف المعمول بها على مختلف أنحاء المملكة ستسمح بتسهيلات في التعاون مع الجانب الإسرائيلي، علماً بأن مصر باشرت تنسيقاً مباشراً بين الرياض وتل أبيب مع دخول اتفاقية ترسيم الحدود البحرية حيّز التنفيذ في آب الماضي وتأكيد الرياض التزامها نفس التعهدات التي وقعتها مصر في «اتفاقية كامب ديفيد للسلام مع إسرائيل».
صحيح أنّ مشروع ابن سلمان يتوقع له مستثمرون مصريون بمجال السياحة مستقبلاً كبيراً في المنطقة، خاصة مع امتلاكه شُعباً مرجانية ومناظر طبيعية خلابة، إلا أنّ توقيت المشروع والرضوح المصري لتنفيذ الفكرة دون مناقشة أو ترتيبات معلنة بشكل واضح من قبل، يثير حالة من الجدل واللغط حوله ومدى استفادة الجانب المصري منه بنفس القدر الذي ستستفيد منه الرياض التي تُعوٍّل على المشروع لتحقيق أرباح من قطاع السياحة البحرية ضمن خطة المملكة 2030 لإنهاء اعتماد اقتصادها على العائدات النفطية.
ونقلت وكالة «رويترز» عن مصدر سعودي تأكيده أنّ الأرض الواقعة بمحاذاة البحر الأحمر ستموَّل الاستثمارات الخاصة فيها عبر جزء من صندوق مشترك قيمته 10 مليارات دولار، أعلنت مصر والسعودية تأسيسه ضمن الاتفاقات التي أبرمها الجانبان، فيما لم تكشف كامل تفاصيلها، إذ إنّها وُقِّعت في قصر الاتحادية ولم تعلن الحكومتان أي معلومات عنها.
وبينما زار السيسي وابن سلمان منطقة القناة وتفقدا معاً الأنفاق التي تُحفَر في قناة السويس، بالإضافة إلى مدينة الإسماعيلية الجديدة والمجرى الملاحي للقناة بعد توسيعه، قدم رئيس القناة الفريق مهاب مميش، عرضاً عن تفاصيل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، التي جرى توصيل البنية التحتية لها من أجل استقبال مشروعات عملاقة، معرباً عن أمله في التنسيق والتكامل بين فكرة «نيوم» والمنطقة الاقتصادية التي تعوِّل عليها مصر من أجل تحقيق دفعة للاقتصاد القومي.
وقبيل استئناف المباحثات المرتبطة بالشق السياسي، وصل الوفد الأميركي برئاسة الجنرال المتقاعد أنتوني زيني، الذي يتولى بصفة شبه رسمية مسألة حل الأزمة مع قطر، إلى القاهرة، عصر أمس، لبحث سبل إنهاء مقاطعة الدوحة.