رسالة «دعمٍ مفتوح» تلقّاها رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي من المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران آية الله علي خامنئي، حملها قائد «فيلق القدس» في «الحرس الثوري الإيراني» قاسم سليماني، على «جهوده القيّمة وأدائه المميّز في إدارة الأزمة القائمة بين بغداد وأربيل»، وفق معلومات «الأخبار»، التي تؤكّد أن الجنرال الإيراني الذي وصل مؤخّراً إلى العاصمة العراقية، أعرب عن دعم بلاده لحكومة العبادي وإشادتها بـ«نَفَسِه الطويل في إدارة الأزمة».
الرسالة «الساخنة» التي حملها سليماني تشي بأن طهران جاهزة لتقديم الدعم المطلوب، الذي تحتاج إليه بغداد في سياق الأزمة القائمة، إضافةً إلى استعدادها لتوفير الغطاء السياسي، وبالتنسيق مع تركيا، لأيّ خطوةٍ تراها الحكومة الاتحادية مناسبة لمواجهة «عناد» أربيل.

يُتوقّع من العبادي جملةً من المواقف المفصلية التي سترسم مستقبله السياسي

ولا تنحصر الرسالة في إطار مواجهة تداعيات الاستفتاء على العراق ومحيطه، بل تتناول في بعض جوانبها وقوف إيران إلى جانب العبادي و«تقديمها دعماً لن يكون محصوراً فقط بتداعيات الاستفتاء، بل يطال مستقبله السياسي»، وفق المطّلعين الذين يؤكّدون أن رسالة سليماني «ليست الأولى، ولن تكون الأخيرة»، خاصّة أن الجنرال الإيراني، في معظم لقاءاته بالعبادي، يؤكّد أن بلاده «تدعم الحكومة العراقية»، إلا أن توقيت الرسالة الأخيرة ومضمونها يحملان دلالات مهمّة، خاصّةً أن الأيام المقبلة لن تكون سهلةً على رئيس الحكومة العراقي، والمتوقّع منه جملة من المواقف المفصلية، التي سترسم مستقبله السياسي.
فالعبادي، الذي يحظى بدعم عراقي ــ إقليمي ــ دولي في إدارته للأزمة مع أربيل، والتي نجح، حتى الآن، في «ضبط إيقاعها» بتعبير عددٍ من المراقبين، سيكون أمام استحقاقٍ صعب في الأيام المقبلة، خاصّةً إذا تراجع عن إطلاق العملية العسكرية «المحدودة»، والمرتقبة، لاستعادة آبار النفط التابعة للحكومة الاتحادية ومرافقها الحيوية في محافظة كركوك، في ظل معارضة بعض الأطراف والقوى التي تحاول «فرملة» انتقال بغداد إلى مرحلة المواجهة «الميدانية» مع أربيل، لأسبابٍ عدّة.
وستشهد الأيام المقبلة إعلاناً حكومياً عن انطلاق عملية عسكرية في كركوك، بمشاركة مشتركة بين القوات الأمنية العراقية وقوات «الحشد الشعبي»، وفق مصدر عسكريٍّ مطّلع، الذي يؤكّد أن الحملة سيرافقها إغلاقٌ محكم للمنافذ البريّة مع الإقليم، من قبل العراق وتركيا وإيران، على أن تكون «معالجة الأهداف المرسومة بطريقةٍ موضعية، والابتعاد قدر الإمكان عن المواجهة المباشرة مع مسلحي البشمركة».
التحشيد والانتشار العسكري للقوات، اللذان بدآ منذ يومين في محيط المناطق المتنازع عليها في محافظة كركوك، وتحديداً في مناطقها الجنوبية الغربية وفي محيط مدينة طوزخورماتو، قابلتهما «البشمركة» بإغلاق الطرق الرابطة بين «إقليم كردستان» ومدينة الموصل، كـ«إجراء احترازي، لمنع أيٍّ خطرٍ على الإقليم»، غير أن أربيل عادت وفتحت تلك الطرق، بعد ظهر أمس، من دون أن توضح السبب.
وأغلقت «البشمركة» الطرق الرئيسية التي تربط دهوك وأربيل بالموصل، وذلك بعد أن نشر «مجلس أمن إقليم كردستان» تغريدةً في حسابه على شبكة «تويتر»، أوّل من أمس، تفيد بأن «القوات العراقية والحشد الشعبي والشرطة الاتحادية تستعد لشن هجومٍ على مناطق تسيطر عليها قوات البشمركة»، إلا أن المتحدث الرسمي باسم مكتب رئيس الوزراء، سعد الحديثي، أكّد أنه «ليس لدى الحكومة العراقية أيّ نيّة للهجوم على الإقليم». أما العبادي، فقد أوضح أنه «لن يتم استخدام الجيش العراقي ضد الشعب، ولن نخوض حرباً ضد مواطنينا الكرد وغيرهم، ولن يسمح بالعودة إلى المربع الأوّل وإعادة الخطاب الطائفي والتقسيمي»، لافتاً خلال اجتماع موسّع لتوطيد الاستقرار في محافظة الأنبار إلى أن «من واجبنا الحفاظ على وحدة البلد، وتطبيق الدستور، وحماية المواطنين، والثروة الوطنية».