تونس ــ الأخباريواصل وفد برلماني تونسي زيارته لسوريا، حيث التقى في دمشق، أمس، الرئيس بشار الأسد، في حدث لا يلقى توافقاً في الشارع التونسي، خاصة أنّه يرتبط بمسألة إعادة العلاقات بين البلدين التي يرفضها بشكل رئيسي حزب «حركة النهضة».
ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» عن أعضاء الوفد قولهم، عقب لقاء الأسد، إنّ الزيارة تندرج في إطار «التعبير عن موقف الشعب التونسي المؤيد للشعب السوري»، مشيدين في الوقت نفسه «بمسيرة المصالحات التي تنتهجها سوريا وبالإصرار على النصر وعلى إعادة الإعمار».

ويرأس الوفد البرلماني المؤلف من تسعة نواب النائب عن «الجبهة الشعبية» مباركة البراهمي، ويضم نواباً يمثلون «الجبهة» وكتلة «الحرة» (التابعة لحركة مشروع تونس بزعامة محسن مرزوق) وكتلة «آفاق تونس» (المشارك في الحكومة التونسية) و«الكتلة الديموقراطية»، إضافة إلى مشاركة النائب عن «نداء تونس» محمد الهادي قديش، وهو حزب الرئيس الباجي قائد السبسي. ووفق تصريحات لنواب من الوفد، فإنّ هذه الزيارة تأتي في سياق مواصلة «ما بدأوه خلال زيارة أولى لسوريا جرت في شهر آذار/مارس الماضي».

لا رغبة لدى
السبسي في إشعال خصومة مع الغنوشي، حليفه الاستراتيجي

وتتالت في الأشهر الأخيرة زيارة وفود تونسية إلى دمشق، كانت آخرها زيارة وفد كبير من النقابية المركزية القوية في تونس «الاتحاد العام التونسي للشغل»، الذي يؤكد أمينه المساعد محمد علي البوغديري، في سياق حديث إلى «الأخبار»، أنّ أمين عام «الاتحاد» يحاول «بكل الطرق» إقناع الرئيس التونسي «بإعادة العلاقات مع سوريا»، خاصة أنّ «الجالية التونسية في سوريا تعاني صعوبات جمّة».
ولا يشارك نواب «حركة النهضة» التي يرأسها راشد الغنوشي في أيّ من الوفود. وهم يتجاوزون عدم المشاركة نحو رفض «إعادة العلاقات»، وإن كان هذا الموقف يطلق بشكل غير مباشر. وكانت مباركة البراهمي قد رأت في تصريح صحافي أمس أنّ «الإخوان المسلمين هم من يقف ضد إعادة العلاقات».
وكانت العلاقات الدبلوماسية التونسية ــ السورية قد قطعت في بداية عام 2012 في عهد الرئيس المنصف المرزوقي، الذي استضاف بعد أيام على قراره «مؤتمر أصدقاء سوريا»، والذي طالب خلاله برحيل الرئيس السوري. وبعد انتخابات عام 2014 التي خسرت خلالها «النهضة» الغالبية النيابية لمصلحة «نداء تونس»، أعلنت وزارة الخارجية التونسية في نهاية 2015 إلغاء المكتب الخاص في دمشق لإدارة شؤون الرعايا التونسيين الذي افتُتح عام 2014، واستبداله بقنصلية.
وفي بداية العام الجاري، كشف وزير الداخلية الهادي مجدوب، في جلسة حوار في لجنة الأمن والدفاع البرلمانية، أنّ لبلاده «مكتباً أمنياً في سوريا، أقيم بالتنسيق مع السلطات السورية»، من دون إعطاء المزيد من التفاصيل. ومن المعروف أنّ البيانات الصادرة عن جهات دولية كانت تضع «الجهاديين التونسيين» على رأس لوائح «الأجانب» المنضوين في «الجماعات الجهادية» بين سوريا والعراق، علماً بأنّ هذه المعطيات ترتكز على أرقام معلنة من قبل وزارة الداخلية التونسية، في وقت أنّ دولاً أخرى مثل السعودية مثلاً لا تكشف عن أعداد مواطنيها المنضوين في جماعات كهذه.
وكان البرلمان التونسي قد شهد في الشهر الماضي إسقاط لائحة تطالب بإعادة العلاقات بين العاصمتين. وبينما يشير دبلوماسيون عرب، في أحاديث خاصة، إلى أنّ «تونس تدرك» أنّ إعادة العلاقات الثنائية بين البلدين يحتاج إلى «ضوء أخضر عربي، وتحديداً سعودي ــ إماراتي في الحالة التونسية»، فإنّ للمسألة بعداً داخلياً لا يقلّ أهمية. فبخلاف وعود السبسي التي أطلقها خلال حملته الانتخابية، إلا أنه لا يصلح راهناً «خطأ المرزوقي»، خاصة أنّ راشد الغنوشي و«النهضة» يرفضانها، ويبدو أنّ لا رغبة لديه في إشعال خصومة سياسية مع حليفه الاستراتيجي. وكان من الممكن أن تُمثّل اللائحة البرلمانية الأخيرة دافعاً للباجي، أو أن تمنحه دعماً في حال تم تبنّيها، لكن إسقاطها بدفع من نواب «النهضة» بالأساس، جعله يبقى أسير مرحلة «عدم المعارضة الجوهرية» للأمر، من دون التحرّك فعلياً... إلى حين.