ريف دمشق | مضى يوم آخر من عمر الحرب السورية ومتغيراتها على العاصمة، إذ كان يمكن للخارجين من دمشق، أمس، أن يلحظوا بطء السير على مدخل المدينة الشمالي، عبر طريق معربا ــ التل، نحو حمص فإدلب. موكب من 20 حافلة تمضي شمالاً، تحوي أعداداً من مسلحي برزة وعوائلهم، والتجاوز مسموح.
العبور بمحاذاة إحدى الحافلات قد يفسح المجال أمام الفضوليين لتبيّن ملامح مسلحين يحاولون إخفاء وجوههم، بعد اليأس من تمرّد السنوات الست، رغم الدعم الإقليمي والعالمي. 1022 شخصاً من حي برزة، الواقع شمال العاصمة السورية، بينهم 568 مسلحاً، أضحوا خارج دائرة الصراع. وضمن العدد الإجمالي للخارجين من الحي 212 امرأة، و246 طفلاً، من عوائل هؤلاء المسلحين. ويعتبر هذا العدد جزءاً من العدد الكلي لـ1500 شخص سارعوا إلى تسجيل أسمائهم في حي برزة في نية للخروج من المنطقة. هكذا بين ليلة وضحاها شهدت المنطقة هدوءاً لافتاً بعد تسويات سابقة غير مكتملة داخل الحي، لتتوقف أخيراً مسيرة الحزن والموت وضجيج القتال، وليمضي أصحاب الحرب خارجاً تحت أنظار عناصر الجيش السوري وحواجزه المراقِبة والمدققة، على أمل السوريين طيّ مرحلة مؤلمة من قسوة الحرب. أهالي المناطق المجاورة لمسوا هدوءاً مفاجئاً ليل أول من أمس، بعد عملية متواصلة للجيش السوري على حيّ القابون، دامت أكثر من شهر. ساعات قليلة فصلت توقف أعمال الجيش القتالية في المنطقة عن التحضيرات المستعجلة لإخراج المسلحين، لتتحقق المفاجأة مع ساعات الصباح الأولى، ويتم إنجاز الخطوات الأولى من عملية الإخلاء ضمن مجريات يومها الأول. ومن المنتظر أن تستمر عملية الإجلاء 5 أيام، لتشمل حي تشرين والقابون أيضاً، بما يعني إتمام خروج 8000 مسلح مع عوائلهم من المنطقة كلها، إضافة إلى تسويات لأوضاع عشرات الأشخاص قانونياً وأمنياً، لتأمين بقائهم في أحيائهم. الجيش السوري واصل انتشاره على تخوم مناطق وجود عناصر «جبهة النصرة» في حي القابون، الممتدة على مساحة لا تتجاوز نسبتها 20% من إجمالي مساحة الحي المشتعل. مصدر ميداني لفت إلى استعدادات الجيش الجارية في الانتشار في محيط حي القابون، لمنع حدوث أي خرق قد يعرقل إتمام التسوية التي تقضي بإعادة السلام إلى القوس المشتعل والممتد من الجزء الشمالي الغربي لحي جوبر، باتجاه برزة والقابون وحي تشرين. وبحسب المصدر، فإن تأمين هذا القوس سيفسح المجال أمام التفرغ للضغط على بلدة حرستا وحي جوبر، ما قد يفسح المجال أمام تحقيق إنجاز ميداني على صعيد إعادة فتح وتأمين طريق حرستا، الواقع على المدخل الأساسي القديم للعاصمة دمشق، إضافة إلى تخفيف ضغط القذائف على ضاحية حرستا ومحيطها، بحسب تعبيره. ويلفت المصدر إلى انتظار ما ستؤول إليه الأوضاع من تفكّك في دفاعات المسلحين وانهيارات ذاتية لتحصيناته ضمن الغوطة الشرقية، ما قد يسهّل قيام عملية عسكرية في الغوطة، قد تنتهي بتسويات جادة، تؤمّن محيط دمشق بالكامل.
وتأتي عملية إجلاء مسلحي برزة، أمس، بالتزامن مع إخراج 15 جريحاً من المسلحين من داخل مخيم اليرموك، جنوب شرق العاصمة، ضمن الدفعة الثانية للخارجين نحو إدلب أيضاً، في مقابل إخراج 5 جرحى من كفريا والفوعة، مع 15 مرافقاً لهم. ومن اللافت توافد أبناء الحي النازحين ضمن مراكز إيواء، داخل مناطق سيطرة الدولة السورية، بهدف محاولة الإسراع في العودة إلى حيّهم ومنازلهم، بانتظار خروج آخر المسلحين من الحي، وإنهاء التوتر الحاصل بفعل المعارك السابقة.