خرج الرئيس التركي، رجب طيب اردوغان، من معركة الاستفتاء بنصر باهت، لكن المعركة السياسية لم تنتهِ بعد، بل يبدو أنها بدأت فور انتهاء الاستحقاق، مع دعوة المعارضة إلى إلغاء نتائج الاستفتاء.
وقبل أن تهدأ الاحتجاجات الرافضة للنتائج في الشارع، رفع «حزب الشعب الجمهوري» المعارض ومئات من المواطنين عريضة إلى المجلس الانتخابي الأعلى للطعن بنتيجة الاستفتاء، تزامناً مع دعوة المفوضية الأوروبية إلى التحقيق بها بعدما أثير جدل واسع مع الحديث عن مخالفات.
وأعلن نائب رئيس «الشعب الجمهوري»، بولنت تيزجان، أن الأصوات المفقودة في الاستفتاء «لم يسبق لها مثيل»، وذلك قبيل تقديمه طلب حزبه إلغاء النتائج، مبلغاً الصحافيين من مقر المجلس الأعلى أن عدد البطاقات غير المختومة غير معروف. واعتبر تيزجان أن الأمر الوحيد الذي يجب فعله بهذا الاستفتاء هو «إلغاؤه» لأنه «خسر شرعيته». وفور إعلان النتائج، تحدث حزبا «الشعب الجمهوري» و«الشعوب الديموقراطي» المعارضان عن «تلاعب» خلال التصويت. والسبب الرئيسي للطعن هو إعلان المجلس الأعلى للانتخابات بعيد بدء فرز الأصوات أنه سيقبل ببطاقات الاقتراع غير الممهورة بالختم الرسمي للسلطات الانتخابية، الأمر الذي اعتبرته المعارضة مناورة تجيز التزوير.
أما رئيس «حزب الشعب الجمهوري»، كمال كليتشدار أوغلو، فقد رأى أن النتيجة التي أحرزتها المعارضة، في ظل الظروف الحالية، تمثّل «نصراً ديموقراطياً عظيماً». واعتبر كليتشدار أوغلو أن نتيجة الاستفتاء تعني أن «الحكومة التركية ومجلس الانتخابات الأعلى قد خططا لانقلاب على الإرادة الوطنية»، مؤكداً عدم اعترافه بنتيجة التصويت.

قد لا ينتظر أردوغان حتى 2019 ليغيّر النظام السياسي نهائياً

نقابة المحامين في تركيا أصدرت بدورها بياناً، أكدت فيه أن ما قام به المجلس الانتخابي الأعلى هو مخالف للقانون «بشكل واضح»، متحدثةً عن أن هذا الإجراء قد يكون أثّر في نتيجة التصويت لأنه حال دون وجود سجلات صحيحة. كذلك، اعتبرت بعثة مراقبين دوليين مشتركة لمنظمة الأمن والتعاون الأوروبي ومجلس أوروبا أن حملة الاستفتاء جرت وسط «عدم تكافؤ» للفرص بين الفريقين، فيما لم يكن «الاستفتاء بشكل عام على مستوى معايير مجلس أوروبا».
أما المفوضية الأوروبية، فقد دعت إلى التحقيق في «مخالفات مزعومة» في الاستفتاء، وحثت اردوغان على «ضبط النفس» بعد نصره الهزيل. وركزت المفوضية، في ثاني موقف رسمي لها لم يتضمن تهنئة لأردوغان منذ التصويت، على استنتاجات المراقبين بأن التصويت قد مال لمصلحة الرئيس التركي من دون إطار قانوني مناسب واستناداً إلى تغييرات جرت في اللحظة الأخيرة على عملية إحصاء الأصوات.
الحكومة التركية لم تتقبل حديث المعارضة عن إجراءات مخالفة للقانون خلال عملية الاقتراع، فقد انتقد وزير شؤون الاتحاد الأوروبي، عمر جليك، ما وصفه بالتعليقات ذات «الدافع السياسي» ضد قرار اللجنة العليا للانتخابات قبول بطاقات الاقتراع غير المختومة في الاستفتاء. ودافع الوزير في تصريحات للصحافيين في أنقرة أمس، عمّا قال إنه «إطار تركيا القانوني القوي وعملية الانتخابات الشفافة».
بدروه، انتقد اردوغان المراقبين الدوليين الذين شككوا في نزاهة الاستفتاء على توسيع صلاحياته، فيما قال رئيس الحكومة بن علي يلدريم، إنّ على المعارضة «احترام نتائج هذا الاستفتاء»، لأن «الأمة عبّرت بحرية عن إرادتها في الصناديق... هذه المسألة انتهت... وعلى العالم أجمع أن يحترم النتيجة بما فيه حزب المعارضة الرئيسي... فالأمة قالت كلمتها».
ومع كل هذه الأسئلة المحيطة بنتائج الاستفتاء، من المتوقع أن تعلن النتيجة الرسمية بعد حوالى أسبوعين. في الأثناء، يجري الحديث عن أن «العدالة والتنمية» لن ينتظر حتى عام 2019، تاريخ الانتخابات البرلمانية والرئاسية التالية، للتغيير النهائي للنظام السياسي، بل إن انتخابات مبكرة قد تجرى. يذكر أن تغيير النظام يجري على ثلاث مراحل، أولاها قد تطبق مباشرة وهي إلغاء المحاكم العسكرية، بالإضافة إلى التعديلات التي تطاول «المجلس الأعلى للقضاة والمدعين العامين».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)