طهران | لم يتمكن وفد «حماس» البرلماني من مغادرة غزة والمجيء إلى العاصمة الإيرانية طهران للمشاركة في مؤتمر دعم القضية الفلسطينية السادس. لم يكن السبب هذه المرة «توتر» العلاقة بين الحركة والإيرانيين، فهي كما يؤكد الطرفان «في تحسن مستمر».
لكن السبب هو منع مصر الوفد الذي كان على رأسه القيادي محمود الزهار وخليل الحية، وأكثر من 35 شاباً آخرين، من المرور في أراضيها.
المؤتمر الذي اعتادت إيران عقده كان رداً على مؤتمر مدريد للسلام عام 1991. يقول أحد الذين شاركوا فيه حينذاك إن «التوقيت الحالي لعقد المؤتمر يوازي تلك المرحلة، حينذاك كانت المنطقة تسير نحو العملية السلمية، لذلك عقدت طهران المؤتمر لتأكيد أن هناك بديلاً من التسوية».
في تلك الفترة شُكّلت لجان لدعم المقاومة في فلسطين عسكرياً مادياً وثقافياً. اليوم يُتوقع تكرار تلك التجربة، خصوصاً لما تشهده القضية الفلسطينية من تهميش وتحويل الصراع إلى إسرائيلي ــ فلسطيني عوضاً عن عربي ــ إسرائيلي.
يُعقد المؤتمر اليوم بعد غياب 6 سنوات، وذلك بسبب «شيطنة» بعض الدول العربية لإيران وانجرار بعض الفصائل خلفها، خصوصاً بعد اندلاع الازمة السورية. يحمل المؤتمر شعار «دعم الانتفاضة الفلسطينية»، وذلك في تحدٍّ للعدو الإسرائيلي وداعميه ولبعض الدول الخليجية التي بدأت إعلان علاقاتها مع الاحتلال. فالظروف الدولية والإقليمية والعربية الحالية جعلت الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة يقاتلون ويُقتلون وحدهم، في ظل صمت عربي. لذلك يسعى المجتمعون الى تشكيل لجان لدعم الانتفاضة يكون لها أثرها الفعلي على الفلسطينيين في الضفة.

يُفتتح المؤتمر
اليوم بمشاركة أكثر من 700 شخصية فلسطينية وعربية

هكذا، ورغم الضغوطات التي تتعرض لها طهران وفرض عقوبات اقتصادية جديدة عليها، يُعقد المؤتمر بمشاركة أكثر من 700 شخصية فلسطينية وعربية وبرلمانية، إضافة إلى وجود رؤساء ما يقارب 23 برلماناً وممثلين عن 80 دولة. الرسالة التي سيوجّهها المجتمعون ستكون واضحة، وسيفهمها العدو، أنه مهما بلغت الضغوطات الأميركية، ومهما تغيَّرت الإدارات أو السياسات الأميركية، فإن القضية الفلسطينية، في الاستراتيجية الإيرانية، تبقى أولوية. والهدف كما يؤكد القائمون على المؤتمر هو «إعادة البوصلة وتصحيح مسار الصراع الذي جرى تحويله من صراع عربي ــ إسرائيلي إلى صراع عربي ــ عربي، وعربي ــ فارسي».
وفي هذا الإطار، أكد الناطق الإعلامي باسم «حماس»، سامي أبو زهري، أن «العديد من اللقاءات جرت مؤخراً بين قيادة الحركة ومسؤولين إيرانيين بعيداً عن الإعلام، هدفت إلى تصحيح مسار العلاقات بين الطرفين»، موضحاً في حديث إلى «الأخبار» أن «القضية الفلسطينية لا يمكن الاختلاف حولها، بل هي نقطة الالتقاء دائماً». ووصف علاقة الحركة بطهران بأنها «في تحسّن مستمر، وأن الحركة حريصة على توظيف كل دعم ممكن للقضية الفلسطينية، ولذلك (نحن) موجودون للمشاركة هنا في المؤتمر بهدف إعادة القضية إلى الواجهة».
ورغم أن مصر منعت وفد «حماس» من عبور أراضيها للوصول إلى طهران، أكد أبو زهري أن «وفدين رفيعي المستوى من الحركة زارا القاهرة مؤخراً، والتقيا عدداً من المسؤولين، حيث توصلا إلى عدد من التفاهمات الأمنية والسياسية والاقتصادية تتعلق بآليات ضبط الأمن على الحدود المشتركة بين غزة وسيناء». وأضاف أنّ «الحركة، وبغض النظر عن طبيعة الوضع في القاهرة، فإن فلسطين مرتبطة ارتباطاً استراتيجياً بمصر ونحن نفهم ذلك، ولهذا سعينا إلى تحسين العلاقات».
ورداً على سؤال «الأخبار» حول ما قد يضيفه يحيى السنوار، بعدما اختير لترؤس الحركة في غزة، خلفاً لإسماعيل هنية، قال أبو زهري إن «السنوار هو إفراز لتجربة طويلة في حماس، وله باع طويل، ولم يأتِ للقيادة فجأة كما يتصور البعض، كما أن له دوراً قبل الانتفاضة الفلسطينية، حيث أسّس جهازاً أمنياً، وقاد الحركة الأسيرة داخل السجن، ولذلك فإنه من خلال منصبه القيادي الجديد هو يكمل ما بدأه فقط».
من جهته، قال القيادي في حركة «الجهاد الإسلامي» خالد البطش إن «فلسطين كانت ولا تزال بالنسبة إلى الإيرانيين القضية المركزية، ونأمل أن تؤدي نتائج هذا المؤتمر إلى تقديم الدعم للانتفاضة لأهلنا في الداخل». ولدى سؤاله عن حديث رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو عن وجود مناخ إقليمي عربي إيجابي لعقد تسوية مع إسرائيل قال «سيفشل العدو في عقد تسوية مع العرب... نحن أبناء العهدة العمرية سنّة وشيعة سنواجهه». وقال البطش لـ«الأخبار»: «على الذين قبلوا مبدأ التسوية مع العدو الإسرائيلي الاقتناع بأن مشروع التسوية فشل».
أما مسؤول الملف الفلسطيني في حزب الله، النائب حسن حب الله، فرأى أن «مؤتمراً بهذا الحجم والحضور يعطي الحيوية للقضية الفلسطينية التي أصبحت بالنسبة إلى أغلب الحكومات العربية منسية». وقال إن «عقد المؤتمر يوجّه رسالة للشباب الفلسطيني المنتفض في الضفة للقول لهم إنهم غير منسيين وليسوا وحدهم، وإن إيران وحركات المقاومة تقف معهم وتدعمهم».