«حزب الله يتجول هنا» يقول قائد الكتيبة 13 في لواء غولاني المنتشرة في مزارع شبعا. «هو موجود في هار دوف، هو موجود كل الوقت، سواء رأيته، اصطدمت به أم لا، ينبغي التصرف على هذا الأساس.
في داخل هذا المكان الريفي والجميل، يجب علينا أن نكون مستعدين للتماس مع العدو كل الوقت». بهذه العبارات يستهل موقع «والاه» العبري تقريره حول أنشطة الجيش الإسرائيلي في مزارع شبعا المحتلة، مشيراً إلى أن «فرضية العمل بالنسبة للوحدة العسكرية المنتشرة في هار دوف هي أن حزب الله يجمع المعلومات الاستخبارية على مدار الساعة حول قوات الجيش الإسرائيلي هناك، ويدرس أنماط أنشطتها ويستعد للحظة الهجوم. لذلك، فإن القوات المنتشرة في هار دوف تعمل طوال الوقت بشكل غير روتيني، بما يشمل الدوريات والكمائن في كل الظروف الجوية».
ويوضح قائد كتيبة 13 في «غولاني» أن سياسة الجاهزية في المنطقة تقضي بأن تتحول المواقع الإسرائيلية إلى «طواقم قتالية لديها كافة الإمكانات: دبابات، هندسة، وسائط نار، وسائط جمع استخباري، بحيث تكون قادرة على القتال وحدها... خصوصاً أن التجارب السابقة مع حزب الله في المكان تُظهر أنه اعتمد استهداف الطرق لمنع استقدام التعزيزات وإخلاء المصابين».
ويضيف الضابط الإسرائيلي: «أسلوب العمل السري الذي ينتهجه حزب الله في هار دوف تحول إلى تحدّ رئيسيّ بالنسبة إلى الجيش الإسرئيلي. فهو يلزم بالحفاظ على توتر عملاني مرتفع جداً: المناورة كل الوقت، تنفيذ عدد كبير من الأنشطة، الوجود في كل الأمكنة. المعادلة واضحة: حيث لا يوجد الجنود، سيتسلل حزب الله».
ووفقاً للتقرير، فإن «أي حدث استثنائي على «هار دوف» يتم إبلاغ هيئة الأركان العامة به، وذلك بسبب احتمال أن يؤدي أي نشاط صغير إلى تدهور إقليمي».

يتم إبلاغ الأركان بأي حدث في «هار دوف» لاحتمال أن يؤدي إلى تدهور إقليمي


وينقل التقرير عن ضباط كبار في الجيش أن حزب الله ينشر بشكل دائم نحو 7000 مقاتل في الأراضي السورية، وهو يراكم خبرة عملانية غنية جداً، ليس فقط في إطار حرب العصابات، بل أيضاً في عمليات مشتركة على مستوى سرية وحتى كتيبة. لكن بحسب هؤلاء الضباط، «فإن الحزب، رغم ذلك، لم يترك للحظة واحدة مسار تعاظم القدرة في مواجهة إسرائيل، ولم يترك الاستعداد المتجدّد في المنطقة». ويشدد أحد الضباط الكبار على أن قتال حزب الله في سوريا لم يكن على حساب حضوره على الحدود مع فلسطين المحتلة، خصوصاً في منطقة مزارع شبعا، وهي المنطقة «التي رأى فيها على مدى سنوات ساحة اللعب وميدان الردود».
واستعرض التقرير الانفجارات والعمليات التي استهدفت قوات الاحتلال في مزراع شبعا خلال السنوات الماضية، مشيراً إلى أن «تقديرات المؤسسة الأمنية ترى أنها جميعاً كانت ردوداً من قبل حزب الله على أنشطة نسبها الإعلام الأجنبي لإسرائيل». ويوضح التقرير أنه على رغم حفاظ الجيش الإسرائيلي على درجة استعداد عالية في المزارع، «فإن التاريخ يثبت أنه عندما يريد حزب الله تنفيذ عملية وجبي ثمن رداً على عملية ضده، فإنه قادر على فعل ذلك».
وبناءً على ذلك، يؤكد التقرير أن «فرضية العمل هذه تضعف أيّ فكرة بأن حزب الله غارق حتى عنقه في سوريا، وأنه خفّض الانشغال بإسرائيل بسبب ذلك. بالعكس، انشغاله في سوريا يعطيه خبرة عملانية ويطوره، كذلك فإنه لم يترك الحدود الشمالية ومنطقة هار دوف. إنه مقابلنا طوال الوقت، ينظر إليها ويجمع المعلومات عنا. إنه يستعد مثلنا تماماً ليوم الأمر».
ويروي التقرير كيف أن مشروعاً لتحسين الشروط المعيشية داخل المواقع في المزارع تعرض لصعوبات كثيرة، وذلك لأن ثلاث شركات مدنية متعهدة تراجعت عن التنفيذ بسبب خوفها من الصعود إلى المكان. كذلك يشير إلى أن كل جندي صعد إلى «هار دوف» منذ الانسحاب من لبنان عام 2000، «لن ينسى الشعور بأنه عرضة لإطلاق النار من زاوية 360 درجة».
ويشير التقرير إلى أن الجيش الإسرائيلي قرر في الأعوام الأخيرة بناء سياج شائك بطول 2 كلم فوق الخط الأزرق العابر في المكان على الخرائط فقط. ويمتد هذا السياج من موقع أسترا في الحرمون حتى موقع غلديولا عند أطراف المزارع. ويشير التقرير إلى أن الأعمال الهندسية لبناء السياج جرت في ظل توتر كبير وخشية من ردود فعل لحزب الله، حتى إن كل خطوة هندسية حصلت على مصادقة قيادة المنطقة الشمالية وجرت ضمن غلاف حماية أمّنها لواء غولاني».
وينقل التقرير عن العميد الإسرائيلي في الاحتياط، عاموس غلبوع، أن «منطقة هار دوف، الواقعة بين جبل حرمون وقرية كفرشوبا، مهمة جداً من عدة نواحٍ». فهي، والكلام لغلبوع، «تربط هضبة الجولان بلبنان، ولذلك كل من يتحرك على هذا الخط سيمر تحت أعين الجيش الإسرائيلي. ولهذا الأمر أهمية عملانية كبيرة. إنه بمثابة دفاع عن الحرمون والمستوطنات الشمالية. إنه منطقة فاصلة. وإضافة إلى كل ذلك، يشكل المكان نقطة جغرافية ممتازة للجمع الاستخباري عن كل المنطقة».




الأميركيون «منحوا» المزارع للعدو

في كتابه «غسق الفجر»، يروي العميد في الاحتياط، عاموس غلبوع، سلسلة الإجراءات التي سبقت الانسحاب من لبنان، والتي أفضت إلى ترسيم الحدود بين الجانبين بعد نقاشات مطولة حول بعض النقاط الحرجة، بما فيها منطقة هار دوف وقرية الغجر. ويشير غلبوع إلى أن «اللبنانيين اعترضوا واستنفروا، وحاولت الأمم المتحدة التدخل، لكن إسرائيل ادّعت أن المنطقة هي جزء من الجولان. إلا أن سوريا، التي اشتمت المناورة السياسية الإسرائيلية، أيّدت الموقف اللبناني، ما أدى إلى أن يقرر الأميركيون في اللحظة الأخيرة إخراج منطقة هار دوف من الخرائط لأنها لبنانية. لكن بعد ضغوط ومناورات مارسها العقيد حاييم سربارو، قائد وحدة الخرائط في الجيش الإسرائيلي، وبتأييد من إيهود باراك، اقتنع الأميركيون بتصحيح الخريطة وإبقاء هار دوف ومنطقة مزارع شبعا وثلثي مساحة قرية الغجر تحت السيطرة الإسرائيلية».