(تصوير: مروان طحطح)ساعات بعد خروج آخر قافلة تحمل مسلحي أحياء حلب الشرقية، فُتح عدد من المعابر بين «شطرَي» المدينة. مثل رحلة في المجهول، دخل الآلاف من أهالي المدينة يستكشفون أحياءهم من جديد. الدمار كبير، والفرحة الممزوجة بغصة ألم رافقتهم مع ذكرياتهم بين شوارعهم وبيوتهم ومحالهم. هم أهل المدينة. هُجّروا عام 2012 لا في الأشهر الأخيرة.

يعودون بحثاً عن بداية ما انطلاقاً من تاريخ مضى. مفاتيحهم في أيديهم: المنزل والمتجر والمستودع. في اللقاء الأول أخرجوا ما تيسّر من أثاثهم إن وجدوه. طفلة في حيّ الأنصاري حضنت لعبتها ومشت فيها مع أهلها بين الأزقة. عاد شيء من روحها. بدت مستغربة وهي المعتادة صخب الأحياء الغربية واكتظاظها. نسمة البرد هنا تختلف عن باقي المدينة. فراغ أُنس ومئات الحكايات وحنين. عبَرت بستان القصر نحو منزلها الثاني، ستنتظر «هرب» أهلها من الإيجار لتستجمع بعضاً من ذكرياتها وتحيلها حياةً جديدة... فـ«الشهباء» أسدلت ستارة «غزوة تموز 2012». بدءاً من صباح الجمعة الماضي، لا خطوط تماس في المدينة، لكن توحيد حلب أبعد من الجغرافيا. المعركة الكبرى تكمن في إعادة عجلة الحياة، ببشرها ولوازم بقائهم؛ فالحرب جرفت الآمال وقطعت الأرزاق، لكن هو البحث عن الشرارة الأولى... عن خيط يلتقطه الحلبي الخلّاق ليكمل حياكة مستقبله.