في أيلول (ستمبر) الماضي، صدر كتاب «تاريخ النقد الورقي اللبناني» (دار درغام للنشر) للمؤلفين طوني عنقه ووسام اللحام، وهو أول مرجع يؤرخ للعملة اللبنانية باللغة العربية بشكل منهجي عبر الاعتماد على الوثائق الرسمية ومصادر بحثية متعددة تتم دراستها للمرة الأولى كأرشيف الجرائد الرسمية والمفوضية السامية الفرنسية.
هذا الكتاب يأتي في فترة يتزايد فيها الاهتمام بإرث لبنان وازدهار هوايات متنوعة كجمع الطوابع والبطاقات البريدية القديمة وتعدد الجمعيات التي باتت تهتم بتنظيم الندوات والمعارض حول تاريخ لبنان الاجتماعي، هذا علاوة عن افتتاح مصرف لبنان لمتحف العملات سنة 2013.
الكتاب الذي يتميز بطباعته الفاخرة والغنية بالألوان مع تصميم فريد وجميل، يستعرض كل العملات النقدية الورقية اللبنانية منذ سقوط السلطنة العثمانية وانسحابها من البلاد العربية سنة 1918 وحتى انشاء مصرف لبنان سنة 1964.
ينقسم الكتاب إلى مجموعة من الفصول. يسرد الفصل الأول نشأة النقد اللبناني وتطوره عبر الزمن منذ قيام سلطات الانتداب الفرنسي بمنح البنك السوري سنة 1919، وهو مصرف خاص، امتياز إصدار النقد لكل البلاد تحت الاحتلال الفرنسي مروراً بالتحولات العديدة التي عرفها هذا البنك الذي تبدل اسمه سنة 1924 ليصبح «بنك سوريا ولبنان الكبير» ومن ثم «بنك سوريا ولبنان» سنة 1939. وقد استمر هذا الأخير بإصدار النقد الورقي في لبنان حتى سنة 1964 تاريخ انتهاء امتيازه واستبداله بمصرف لبنان.
ويقوم الكتاب بشرح كل التفاصيل المتعلقة بكل ورقة نقدية من حيث الجهة الطابعة وخصائصها المميزة ومتى وضعت بالتداول، إضافة إلى تحديد مصدر الصور التي تظهر عليها. ويؤكد المؤلفان أنّ هذا الكتاب يعتبر الأول في نوعه، إذ يسد ثغرة مهمة في معلوماتنا حول تاريخ لبنان الاقتصادي والثقافي ويمنح هواة جمع العملة مصدراً موثوقاً يرفع هوايتهم إلى مستوى البحث الأكاديمي الجاد والرصين.
ولما كانت الطبعة العربية قد شارفت على النفاد في غضون ثلاثة أشهر نظراً للإقبال الكثيف من قبل المهتمين والمكتبات، وبناء لطلب مجموعة من المؤسسات الخاصة، قامت دار النشر بالتعاون مع المؤلفين بترجمة الكتاب الذي صدر في نسختين فرنسية وانكليزية في كانون الأول وجرى توزيعه كهدية نهاية العامة من قبل عدد من المصارف إضافة إلى وزارة الثقافة.
وقد صدر الكتاب مع تقديم لحاكم مصرف لبنان الذي أشار إلى أنّ «المجهود البحثي المبذول من قبل المؤلفين في هذا العمل يجعله مرجعاً ليس فقط للهواة بل أيضاً لجميع المهتمين بتاريخ لبنان، وهو محاولة جادة للحفاظ على تاريخ وطننا والإبقاء على تراثه حياً في ذاكرة الأجيال الشابة».