في صيدا اليوم، يكثر الكلام في الاقتصاد ويقل في السياسة. ظاهريا، تبدو المدينة وكأنها على أعتاب "فورة إقتصادية" جراء الكم الكبير من المشاريع الذي يجري تداوله في السر والعلن. مرفأ جديد، واجهة بحرية حديثة، انطلاق العمل بمشروع الضم والفرز، سوق تجارية جديدة، مبنى بلدي جديدة، مرأب ضخم للسيارات وسط المدينة، فندق جديد، متحف جديد...رئيس بلدية صيدا محمد السعودي يبدو اليوم غيره قبل ست سنوات. فهو مع ولايته الثانية أكثر دراية بالملفات الكثيرة الماثلة بين يده. وهو يؤكد أنه سيكون خلالها على مسافة واحدة من الاصطفافات السياسية للمدينة، وأن الأولوية للعمل الاقتصادي والإنمائي.

مرفأ جديد

تنتظر صيدا حزمة من المشاريع الضخمة التي ستغير بشكل أو بآخر واقعها الاقتصادي الراهن، السعودي لا يعدّ المرفأ بوضعه الحالي مناسبا للحركة التجارية بالمعنى الحديث. ويقول ان "المرفأ الجديد سيكون مرفأ عصريا، وقد انتهينا من مرحلته الأولى، وهي عبارة عن تشييد حرم المرفأ برصيف طوله 150 مترا وبمواصفات تتيح للسفن الكبيرة الرسو وإفراغ حمولتها فيه، أما المرحلة الثانية، فستتمثل بتوسيع الرصيف البحري ليصل طوله إلى 450 مترا وعمق 13 مترا".
ويوضح السعودي انه سيصار الى "إنشاء مرفأ لليخوت والمراكب السياحية. مدة المشروع ستمتد على ثلاث سنوات، وتبلغ كلفته نحو 75 مليار ليرة لبنانية. وفور الانتهاء من الميناء التجاري، سيخصص ميناء صيدا الحالي لصيادي الاسماك، بعد تحسينه وتحديثه وفقاً لدراسة أعدتها بلدية برشلونة وتقدّر كلفة المشروع بحوالي 15 مليون دولار، كما سيتضمن مكانا مخصصا لبيع السمك، وآخر لإصلاح شباك الصيادين، ومكانا لتصنيع القوارب الخشبية، إضافة إلى متحف بحري، وعدد من المطاعم والمقاهي".
على الرغم من الواقع السياسي الراهن في البلد، لا يبدو السعودي متخوفا من مسألة تأمين التمويل اللازم للمشاريع التي ينوي تنفيذها، "لأن لكل مشروع مصدره المالي الخاص، فبالنسبة للمرحلة الأولى من الميناء نفذتها وزارة الاشغال، والتكملة بالتالي باتت منطقية تباعا. أما ميناء الصيادين، فسنسعى لتأمين التمويل اللازم له، إما من خلال البنك الإسلامي للتنمية أو من خلال منح. لقد نفّذت البلدية خلال السنوات الست الماضية مشاريع بقيمة 200 مليون دولار في صيدا ، بينما ميزانيتها لا تتعدى ستة ملايين دولار فقط".
السعودي: 1000 مبنى سكني في مشروع الضم والفرز

مواقف السيارات

كثيرة هي المشكلات التي تعانيها صيدا اليوم، ولعل الازدحام الخانق في وسط المدينة وفي سوقها التجارية المركزية من أكثر العوامل السلبية المؤثرة على القطاع التجاري فيها. يقّر السعودي بأن هناك مشكلة في إيجاد مواقف للسيارات في وسط المدينة، لعلاج الأمر، سيجري تحويل أحد البساتين قرب ساحة النجمة إلى موقف يتسع لأكثر من 500 سيارة، وسيباشر العمل فيه خلال أشهر قليلة. كما سيجري تغيير الموقع الحالي للبلدية وستُنقل إلى مكان آخر ، على أن ينشأ مكانها موقف متعدد الطبقات يتّسع لنحو 1000 سيارة، إضافة إلى مركز تجاري ضخم بمكاتب ومحلات ومتاجر، وسيجري استخدام خدمات النقل بالباصات الصغيرة للراغبين في الدخول إلى السوق التجارية التي ستصبح منصطقة خالية من السيارات، وكل ذلك بتمويل ذاتي.

الضم والفرز

ينتظر كثير من الصيداويين منذ سنوات، إنطلاق العمل بمشروع الضم والفرز لشرق الوسطاني، الذي تبلغ مساحته نحو مليون و 400 ألف متر مربع، أي أكثر من ربع مساحة المدينة الإجمالية. يمتد المشروع من نهر الأولي شمالاً حتى شارع جزين جنوبا، ومن حدود سكة الحديد غربا حتى طريق السلطانية شرقاً.
يقول السعودي ان "عملية الفرز والضم جرت على اساس مخطط توجيهي كي لا يكون هناك فوضى في البناء، وستخصص مناطق للعمل التجاري وأخرى للسكن. ويفترض بالمشروع المحافظة على الإرث الثقافي والتراثي للمنطقة، بما فيها الحفاظ على الآثار والبيئة والأشجار والأنهر ويغنيها بتنوعها الإنمائي والمدني".
المشروع كما يراه السعودي سيساهم في دفع الصيداويين للعودة الى مدينتهم، بعدما خرجوا منها بسبب إرتفاع أسعار العقارات وضيق الأراضي المخصصة للبناء، وهو سيوفر فرص عمل كبيرة للصيداويين وغيرهم. ومن المتوقع أن يُبنى نحو ألف مبنى سكني جديد على مساحة المشروع، أي إنه سيكون مؤهلا لاسكان حوالي 100 ألف شخص.

قطاعات انتاجية

على الرغم من أن صيدا تبدو مؤهلة بحكم موقعها وإمكاناتها لأداء دور على الخارطة السياحية محليا، تفتقر المدينة إلى مقومات سياحية تليق بالعاصمة الثالثة للبلد، "لذا لحظت البلدية عددا من المشاريع لتفعيل هذا القطاع، كتنظيف الشاطئ البحري من التلوث، إذ يهمنا كثيرا الحفاظ عليه، فبعدما خسرنا البساتين لن نسمح بخسارة الشاطئ، سنحسّن من مزايا المسبح الشعبي، وسننشئ حواجز مائية لحماية الناس. كما وسنشيّد متحفا مهما من المفترض أن ينتهي العمل به بعد عام ونصف عام في منطقة الفرير".
وفي سياق متصل، يشير السعودي الى أن الخلافات المحلية الصيداوية حالت منذ أكثر من سنتين دون إنشاء فندق للمدينة، لكنه يؤكد "سيكون هنالك فندق وسيعاد تفعيل "فندق صيدون" التاريخي المعروف وسنشهد إطلاق العمل به قريبا، وفي الموقع نفسه، وقد اشترطنا ألا تزيد حصة المساهم الواحد فيه عن 20% وأن يكون من صيدا، وذلك منعا لخلق أي مشكلات مستقلبية".