الانتخابات التركية: الأكراد عقدة أردوغان
وقال لهم أردوغان إن دميرتاش «إرهابي» حاله حال قيادات «الشعوب الديموقراطي»، وإن تركيا «مصممة على القضاء عليهم مهما كلفها ذلك». وتتوقع أوساط إعلامية وسياسية لأردوغان أن يصعّد من حملته المعادية لحزب «الشعوب الديموقراطي» في آخر محاولة منه لمنع الناخب التركي من التصويت للحزب، حتى لا يحصل على 10% من الأصوات، بما يزيد من مقاعد «العدالة والتنمية». فقانون الانتخابات يقول إن المقاعد التي سيفوز فيها «الشعوب الديموقراطي»، وهي تقدر بنحو 70 مقعداً، سوف تذهب إلى الحزب صاحب أكبر عدد من الأصوات وهو «العدالة والتنمية»، وذلك إذا لم يحصل «الشعوب الديموقراطي» على نسبة الـ10%، فيما يعرف الجميع أن الحزب سيتحول إلى عنصر أساسي في مجمل معادلات المستقبل في حال حصوله على أكثر من 10% ودخوله البرلمان، إذ تبيّن الاستطلاعات أن «تحالف الأمة» الذي يضم «الشعب الجمهوري» و«السعادة» الإسلامي و«الديمقراطي» و«الخير»، سوف يتقدم على «تحالف الجمهور» الذي يضم «العدالة والتنمية» و«الحركة القومية» و«الوحدة الكبرى»، من دون أن يحالف الحظ أحد التحالفين لضمان الأغلبية المطلوبة لتغيير الدستور (401 مقعد) إلا بدعم «الشعوب الديموقراطي» الذي يتعرض لمضايقات من السلطات الرسمية، ومرشّحه موجود في السجن حاله حال ما لا يقل عن عشرة آلاف من أتباعه وأنصاره، بمن فيهم غالبية رؤساء البلديات الذين تم إقصاؤهم من مناصبهم التي فازوا بها في انتخابات 2014 في 11 ولاية ومعظم المدن والأقضية والبلدات جنوب شرق البلاد. وتتوقع مصادر الحزب أن يتعرض أنصاره لضغوط نفسية خلال عملية التصويت، إذ قررت اللجنة العليا للانتخابات نقل الصناديق من أماكنها المعتادة إلى أماكن أخرى بحجة المشاكل الأمنية، وهو ما سيضطر نحو 260 ألف ناخب ــ معظمهم من مؤيدي الحزب ــ إلى السفر من قراهم أو بلداتهم إلى أماكن بعيدة للتصويت، المهم جداً لمساعدة الحزب للحصول على نسبة الـ 10%، وتجاوز العتبة الانتخابية، وبالتالي لمساعدة مرشح «الشعب الجمهوري» محرم إينجه، للفوز في الجولة الثانية من الانتخابات بعد أن أكد الأخير أكثر من مرة أنه سيعمل على حل المشكلة الكردية فوراً، وفي إطار أخويّ يحترم كرامة وشرف الأكراد. وزار إينجه دميرتاش في السجن، فيما زارت زوجته زوجة دميرتاش في منزلها في مدينة ديار بكر، معقل الحزب.
ويبقى الرهان في جميع الحالات على النتائج المُحتملة للانتخابات، والمهم فيها أن يحصل «الشعوب الديموقراطي» على أكثر من 10%، ووفق رأي الكثير من أنصار «الشعب الجمهوري» الذين يقولون إنهم سيصوّتون لهذا الحزب حتى يدخل البرلمان ويمنع «العدالة والتنمية» من الحصول على الأغلبية. ويتوقع الكثيرون لهذا التضامن أن يسهم في ضمان تأييد الأكراد لمحرم إينجه في الجولة الثانية، وقد يختار قبلها إينجه أحد الأكراد نائباً له جنباً إلى جنب مع نائب آخر من «السعادة» الإسلامي وآخر من حزب «الخير»، وكل ذلك لضمان تأييد الإسلاميين والقوميين المعتدلين له وإلحاق الهزيمة بالرئيس أردوغان. ولا تستبعد استطلاعات الرأي أن يحظى إينجه بتأييد 52 إلى 54% من الأصوات، على أن يكون منها نحو 15% على الأقل من الأكراد، فيما سيصوّت آخرون لأردوغان لأسباب عديدة، أهمها أنه إسلامي، وآخرون لمصالح مادية أو لعداءات عشائرية سببها انضمام أكثر من 100 ألف من الأكراد إلى «حرّاس القرى» الذين حاربوا ويحاربون جنباً إلى جنب مع الجيش والأمن التركيين، ضد «العمال الكردستاني». وتجد جميع الأطراف المعنية بالقضية الكردية نفسها الآن أمام وضع جديد بعد الدعم الأميركي لسيطرة الأكراد على شمال سوريا. وجاء ذلك بعد الرفض الأميركي لاستفتاء مسعود البرزاني في الشمال العراقي، الذي يعرف الجميع أنه عرضة لرياح وعواصف إيرانية وتركية وإقليمية ودولية، ولن يكون الحسم فيه سهلاً، إلّا بوصفة بسيطة، وهي المشروع الذي اقترحه محرم إينجه وكمال كليشدار أوغلو، والقاضية بتشكيل «منظمة السلام والتعاون الشرق أوسطية» والتي ستضم سوريا وإيران والعراق وتركيا، وقاسمهم المشترك هو الأكراد!