وفق العرف المتبع، زار محافظ الشمال رمزي نهرا، صبيحة عيد الأضحى الخميس الماضي، مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار في منزله، يرافقه رئيس البلدية عامر الرافعي، ورافقاه في وفد رسمي لأداء صلاة العيد في الجامع المنصوري الكبير، إلا أن أعرق مساجد المدينة سجّل مشهداً لم يعهده سابقاً في أي صلاة عيد، إذ غاب كل سياسيي عاصمة الشمال، من دون استثناء.
فالرئيس نجيب ميقاتي، الذي كان خارج لبنان، لم يُكلّف المشرف العام على «جمعية العزم والسعادة» عبد الإله ميقاتي تمثيله في الصلاة خلف المفتي، كما جرت العادة. كذلك غاب حليفه النائب أحمد كرامي، ومثله فعل النائب محمد الصفدي الذي كان يكلّف إبن شقيقه أحمد الصفدي تمثيله في حال غيابه. والأمر نفسه انسحب على تيار المستقبل. فغاب عن الصلاة خلف الشعّار وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس وكل من النائبين سمير الجسر ومحمد كبارة، فيما اختار وزير العدل أشرف ريفي الصلاة خلف مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان في بيروت.

مقاطعة من كل القوى السياسية للصلاة خلف الشعار

أما الوزير السابق فيصل كرامي، من جهته، فلم يكتف بأداء صلاة العيد في مسجد الغندور في منطقة المعرض، بل أوعز إلى مناصريه ومؤيديه بمقاطعة الشعار، ما تُرجم تراجعاً في حضور المصلين في الجامع المنصوري، وفي الحضور الخجول لمهنئي المفتي بالعيد سواء في باحة المسجد بعد الصلاة، أو في منزله لاحقاً.
وعزا مطّلعون مقاطعة القوى السياسية الطرابلسية، من كل الاصطفافات، للشّعار إلى «تحوّله عبئاً عليها، موقعاً ودوراً، وإلى خلافات نشبت بينه وبينها، ما جعل الجميع غير راضين عن أدائه ومواقفه». فتيار المستقبل يُحمّله مسؤولية خسارة كل مرشحيه في إنتخابات المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى وفوز عضو واحد من أصل سبعة في طرابلس، فيما يسود عدم الارتياح علاقته بميقاتي والصفدي اللذين يتهمانه بالانحياز الى المستقبل. أما علاقته مع كرامي فتعدّ الأكثر تأزمّاً، وهو ما عبّر عنه الأخير بوضوح خلال إنتخابات المجلس الشرعي، عندما شنّ على المفتي هجوماً لاذعاً بسبب محاولته إسقاط «الأفندي» من المعادلة حينها. علماً أن معارضي الشعار يأخذون عليه «مغادرته طرابلس إبّان فترة الإشتباكات وإقامته أشهراً طويلة في باريس، مع أنه كان يفترض أن يكون بين أهل المدينة لمساعدتهم». كما يأخذون عليه، نظراً الى ثرائه، أنه يلقب بـ»مفتي الأغنياء في مدينة أغلب سكانها من الفقراء»، فيما يردّ مقربون من المفتي أداءه إلى أن «له شخصيته المستقلة التي تجعله يرفض أن يكون تابعاً لأحد لأن موقعه يحتم عليه ما يقوم به وعلى الآخرين تقبله كما هو».
مصادر سياسية مطلعة قالت لـ»الأخبار» إن القوى السياسية المختلفة متفقة، كل لأسبابه، على عدم تعويم المفتي الذي ستنتهي ولايته بعد نحو سنة ونصف سنة، «وقد بدأ النقاش فعلياً بين هذه القوى، بهدوء، حول اسم خليفته».