أفرج قاضي التحقيق في المحكمة العسكرية هاني الحجار، أمس، عن رجل «الأمن»، الذي «أدّب» المحامية رانيا غيث عندما توقفت عند الاشارة الحمراء في منطقة برج المر، الاثنين الماضي، ولم تيسّر طريق الموكب الذي تبين فيما بعد أنه «وهمي» ( لم يكن ينقل المشنوق)، فانهال عليها بالشتائم، فتح باب السيارة، شدها من شعرها وانهال عليها ركلا وضربا.
لم يطلب القاضي حجار تقرير الطبيب الشرعي، الذي يثبت تعرض غيث للضرب، ولم يستدع الشاهد على الحادثة وهو المحامي نبيل يونس، الذي طلبت غيث استدعاءه عندما تقدّمت بالشكوى في مخفر مينا الحصن يوم وقوع الحادثة (الاثنين)، الا ان اللافت أن القاضي حجار لم يستجوب غيث نفسها «ولم يتح لها الادلاء بشهادتها على نحو كاف وواضح لتشرح له حيثيات الحادثة»، وفق ما نقل أحد المصادر المقرّبة من غيث عنها، لافتة الى «وجود ضغط سياسي كبير وواضح».
يقول احد المستشارين القانونيين، إن «من العيوب التي تؤخذ على القضاء العسكري، هو انه ليس هناك تمثيل للمدعي، وبالتالي لا يحضر معه وكيل دفاع يمكن ان يشارك في توجيه الاسئلة، بل يقتصر الأمر على استدعائه للتحقيق والاستماع الى افادته». والمشكلة تكمن، وفق المستشار، الى ان اي نزاع بين مدني وعسكري، يبته القضاء الاستثنائي.

تعرّضت غيث للترهيب على
يد عناصر الموكب الذين حضروا إلى المحكمة أمس


تؤكد مصادر كانت حاضرة في المحكمة، أن «غيث تعرّضت للترهيب على يد عناصر الموكب الذين حضروا الى المحكمة أمس»، وهو ما تثبته شهادة المصادر المقربة من غيث، التي قالت ان احد عناصر الموكب توجه بالكلام الى غيث قائلا: «انا لو مكان رفيقي كنت شقّفتك». عندها، اشتكت غيث الى مسؤول الموكب الذي كان حاضرا أيضا، فردّ الأخير عليها بالقول: «أضيفيها الى إفادتك بس تفوتي». تعلّق المصادر التي كانت داخل المحكمة بالقول: «كان واضحا الاسلوب الاستفزازي الذي مارسه عناصر الموكب، الذين لم ينفكوا يبدون عدم مبالاتهم، ويظهرون نوعا من الثقة الزائدة». تشير المصادر نفسها الى أن «المدعى عليه لم يكن يستشعر خطرا، وكان على ثقة بتبرئته».
ممثل نقابة المحامين وجيه مسعد، حضر مع غيث الى التحقيق، الا ان الاخير «لم يتخّذ موقفا حاسما لنصرة غيث»، وفق ما تؤكد مصادر أخرى متابعة. تقول المصادر نفسها إن «النقابة لم تتخّذ صفة الادعاء الشخصي من قبلها، بحجة ان النقيب وغالبية اعضاء مجلس النقابة مسافرون، وان مسعد لا يستطيع اتخاذ قرار كهذا»، الا ان المستشار القانوني اوضح انه «كان من الممكن ان يتصل النقيب بالممثل ويكلفه بالادعاء».
فور صدور حكم اخلاء السبيل، تألّف وفد من بعض المحامين والناشطين المدنيين، وتوجه الى نقابة المحامين، والتقى مسعد الذي قال لأعضائه «علينا انتظار عودة النقيب»، ولم يعطهم اي وعد جدي بالتحرّك، فما كان من الوفد الّا ان توجه الى احد اعضاء لجنة التقاعد «لإعداد كتاب يحوي الحيثيات المحيطة بالحادثة، وتوجيهه الى النقيب كنوع من الضغط المعنوي»، وعندما خرج الوفد من مكتب عضو اللجنة، فوجئ بمسعد الذي طلب منه «التفضّل» الى خارج مبنى النقابة. بمعنى آخر، طرد مسعد الوفد ليقطع الطريق امام اي محاولة «للضغط» او لتغيير واقع تبرئة العنصر المتهجّم. يقول عضو مجلس نقابة سابق في حديث مع «الأخبار»، إنه يجب على النقابة ان تتحرّك فورا، «الا يستفزها هذا التصرف الميليشياوي من رجل امن تجاه محامية زميلة؟ الا يستفزها العنف ضد امراة قبل كل شيء؟». الواقع، ان مجلس النقابة لم يُستفز كفاية في قضية تعنيف المحامي امين ابو جودة لزوجته امام المارة، ولا تهديده لها بالقتل، وعدّها ليست اولوية، لم تسقط الحصانة عنه ولم تعط اذن الملاحقة، فتراها لماذا تستفز الآن؟