من الواضح أن انتقادات الزميل مرسيل غانم لنقابة الأطباء، منذ خروج قضية الطفلة إيلا الى العلن، ليس هو سبب توتر النقيب أنطوان البستاني وتصعيده. سبب آخر وراء هذا التصعيد، هو مطالبة غانم الرأي العام بسؤال الرهبنة اليسوعية والأستاذ الجامعي كريستيان توتل عمّا يوتّر النقيب.
فقد علمت «الأخبار» من مصادر مطلعة أن هناك نزاعاً قضائياً بين الرهبنة اليسوعية ونقيب الأطباء بسبب احتجاج الرهبنة وثلاثة أشخاص آخرين أمام قاضي الأمور المستعجلة، طالبين ضبط النسخ التي تعود لكتاب النقيب «Histoire de la grande famine au Mont Liban 1915 – 1918» من جميع المكتبات التجارية والجامعية، ومنع النقيب من إلقاء المحاضرات المتعلقة بموضوع هذا الكتاب على شاشات التلفزة أو في الجامعات أو أي مكان آخر، في ظل اتهام «اليسوعية» لنقيب الأطباء بالقيام بـ»عملية سطو ثقافية».
ويشير الاتهام في تفاصيله إلى استعانة الرهبنة بباحثين لإقامة معرض وإصدار كتاب حول مئوية الحرب العالمية الأولى. وقد عمل هذان الباحثان (الأب بيار ويتوك والمؤرخ كريستيان توتل) لسنوات طويلة لتأمين مستندات وصور تنشر للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب الكونية وتعود ملكيتها الحصرية للرهبنة اليسوعية. وبعد إتمام الباحثين لعملهما، نظم المعرض الأول في كنيسة الآباء اليسوعيين من 15 إلى 29 أيار 2014، وقد اتخذت الرهبنة كل التدابير المطلوبة لمنع التقاط الصور، من بينها وضع ملصقات على الجدران تمنع التصوير. مع ذلك، فوجئت اليسوعية بصورها الحصرية تنشر من دون استئذانها في كتاب طبع على عجل، في الصفحة 54 و95 و96 و101 و107 و120و124 و203. وأشارت «اليسوعية» إلى أن نوعية الصور المنشورة ورداءتها تفيد بأن المدعى عليه التقطها خلسة ومواربة، وتساءلت عمّا إن كان المدعى عليه استحصل على هذه الصور بواسطة الكاميرا الخفية أو أنه تسلل شخصياً إلى المعرض لالتقاطها من دون إذن أو موافقة أصحاب الحقوق.
إلا أن «الاعتداء الثقافي» بحسب تعبير «أم الجامعات» اللبنانية لم ينته هنا. فقد أشارت اليسوعية في اتهامها أيضاً إلى استخدام نقيب الأطباء في الصفحات 6 و12 و34 و78 و159 و166 و168و172 و174 و178 صوراً نشرت قبل عشر سنوات في كتيب Lebanus عن المجاعة، وقد أشير في الصفحة 24 منه بعبارة واضحة إلى عدم جواز استعمال هذه الصور. وفي موازاة الصور والمستندات التي لم يشر نقيب الأطباء إلى مصدرها والتي تشكّل أساس كتابه الذي يوقعه ويقدمه للسياسيين والإعلاميين بوصفه خلاصة عمله المضني لسنوات، أشارت «اليسوعية» في ادعائها إلى نقل النقيب أو نسخه من الصفحة 207 إلى 214 في كتابه مقالاً كتبه المحامي يوسف معوض في Lebanus، وما «الاختلاف بالتعبير اللغوي والتمايز بين النصين إلا بهدف التستر والنسخ». وأشار المدعي هنا إلى إلحاق المدعى عليه ضرراً شخصياً به، بعد إيحائه للجمهور أنه صاحب كل هذه الأفكار، خصوصاً أن نقيب الأطباء استخدم جهد المدعين بغية الربح المالي (بيع الكتاب) والظهور على المنابر والشاشات بصفته المؤرخ الحصري لمرحلة عصيبة من تاريخ لبنان، حاصداً كل التقدير، في حين أنه (وفق اتهام اليسوعية دائماً) استغل حقوق وأبحاث غيره.
ردُّ البستاني القضائي لم يتأخر بواسطة شقيقه المحامي شوقي البستاني الذي أشار إلى حرص نقيب الأطباء على إصدار الكتب «للبقاء أميناً لموجبات وزناته الثقافية والفكرية» رغم كل «انشغالاته الموزعة بين الطب النفسي والعمل النقابي ومستلزمات صفته كشخصية اجتماعية عامة».

فوجئت الرهبنة بصورها الحصرية منشورة في
كتاب النقيب!


ولفت إلى بحث النقيب المضني للتوصل إلى «حيازة كمية مهمة من الصور والمستندات المعنية بموضوع كتابه الجديد»، مستذكراً اتصال الباحث كريستيان توتل بنفسه بالنقيب لدعوته إلى الاطلاع على أرشيف الرهبنة وأخذ الصور التي يريدها للاستعانة بها في كتابه. «ولو علم البستاني أن توتل سيقاضيه لكان طلب منه على الأقل موافقته الخطية». وقد خلصت مطالعة البستاني إلى أن «نجاح الكتاب هو السبب وراء هذه القضية الكيدية والحقد والغيرة». وذكّر بأن نقيب الأطباء ليس مقلداً أو معتدياً أو سارقاً لأفكار الآخرين وآثارهم وإنجازاتهم. وفي رد آخر أشار وكيل البستاني إلى أن ذكر مركز النقيب في هذه القضية يهدف إلى «إعطاء الأخبار المدسوسة طابعاً درامياً وأهمية لا مبرر لها». وانتقد «بعض من يسمون أنفسهم مؤرخين مغمورين يبحثون عن قامة ينطحون رأسهم بها لعلهم ينجحون». أما قرار قاضي الأمور المستعجلة جاد معلوف بسحب كتاب النقيب من جميع المكتبات، وتكبيده جميع النفقات الضرورية لذلك، فهو بحسب البستاني «قرار احترازي مؤقت» يستغله «بعض المغرورين الدونكشوتيين» هنا وهناك.
القضية الثانية التي ينتظر أن تثار في وجه نقيب الأطباء تتعلق بكتاب آخر له عنوانه «Lettres perdues (1934-1941) a la recherche do leur destinataire». نقيب الأطباء يقول في هذا الكتاب إنه فوجئ غداة شرائه خزانة أثرية من أحد منازل الأشرفية بصندوق أثريّ يحتوي على ثروة استثنائية تتمثل بـ 59 رسالة تبادلتها «ماغي» وقريبتها «جاكلين» بين عامي 1934 و1941، فيها تفاصيل كثيرة عن حياتهما الخاصة ومختلف جوانب الحياة الاجتماعية في لبنان وسوريا ومصر في تلك السنوات. النقيب اعتبر الصندوق والرسائل ملكاً له، فكتب القصة الطريفة، ناشراً الرسائل من دون استئذان أصحاب هذه الرسائل أو ورثتهم من جهة، ومن دون إعلام صاحبة المنزل التي باعته الخزانة بما وجده فيها. الأمر الذي دفع هذه السيدة إلى السؤال أخيراً عما يمكنها فعله لمقاضاة النقيب، في ظل تأكيدها عدم وجود صندوق الرسائل في الخزانة عند بيعها.



النقيب أعزب أم متزوج؟

حصلت «الأخبار» على عيّنة من المستندات تتعلق بنقيب الأطباء أنطوان البستاني منها ثلاثة إخراجات: الأول صدر بتاريخ 15 تشرين الأول 2001 يظهر الوضع العائلي للبستاني «أعزب»، والثاني صدر بتاريخ 29 أيلول 2003 يظهر وضعه العائلي «متأهل»، والثالث صدر بتاريخ 9 تموز 2013 يظهر وضعه العائلي «أعزب». مع العلم أن مأموري النفوس ملزمون بتسمية الحالة الاجتماعية «مطلق» أو «أرمل» عند عودة أحد المتزوجين إلى العزوبية مجدداً.