في موازاة التجربة الفريدة التي تخوضها لجنة الأهل في الليسيه اللبنانية الفرنسية الكبرى، بتمثيل مصالح أهالي التلامذة، يخرج صوت وحيد من صفوف الأهالي ليحاكي حسابات إدارة المدرسة ويمثل غطاءً لأرباحها غير المشروعة. يأتي ذلك في وقت فاق فيه تجاوب أولياء الأمور مع دعوة لجنة الأهل إلى مقاطعة القسط الثالث الـ90 %.
يحاول عصام الراسي، وهو أب لتلميذين في المتوسط الثالث والثانوي الأول، تصوير النزاع بين الطرفين بأنّه «مجرد اعتراض على زيادة تافهة لا تتجاوز 7% او 400 دولار أميركي مقابل الخدمات المميزة والعالية الجودة التي تقدمها المدرسة في التعليم والأنشطة». يقول إنّه يثق بمدرسته قبل أن تكون مدرسة أولاده، ويعتز بها ويرفض مقاضاتها والتشهير بها في وسائل الإعلام. يبدو مقتنعاً أو ربما مضللاً بأنّ عدم دفع هذه الزيادة سوف يحرم التلامذة ترميم المبنى الذي يضم صفوف الروضات والمرحلة الابتدائية، فيما تأجيل التجديد سوف يكلّف أكثر في غضون سنوات قليلة.
هذا الكلام يعني أحد أمرين، إما أنّ قائله لا يعرف الأساليب الملتوية في إعداد الموازنات وطرق الربح الخارجة عن القانون، وإما أنه يخضع لإغراءات إدارة المدرسة.
هذا الموقف المتمايز عن باقي الآراء أثار نقاشاً واسعاً على مدوّنة لجنة الأهل، باعتبار أن الزيادة تراكمية وغير منطقية، إذ تجاوزت الـ100 % خلال 6 سنوات، فيما القانون لا يسمح للجنة الأهل بالعودة سنوات إلى الوراء ومراجعة الموازنات السابقة.
وتقول إحدى الأمهات المتدخلات إنّ دعم تطوير المدرسة يجب ألّا يجعلنا نتغاضى عن أنّ هذه المدرسة مثّلت تاريخياً صرحاً لتعليم الطبقة الوسطى ومكاناً للاختلاط الاجتماعي والثقافي، وأنّ هذه الزيادة غير المبررة للأقساط سوف تفقدها دورها وهويتها.

القانون لا يسمح للجنة الأهل بمراجعة الموازنات السابقة

متدخلون آخرون تناولوا عدم استثمار هذه الزيادة في التحسين التربوي ومنها عدم خفض عدد التلامذة في الصف، إذ لا يقل هذا العدد عن 28 تلميذاً. بعضهم تحدث عن غياب نظام تأمين بدائل للأساتذة المتغيبين. وقال البعض الآخر إنّ المدرسة لم تفعل شيئاً بالنسبة إلى الطلاب الذين يقررون دراسة المنهج اللبناني في الجامعات ويعانون مشاكل في مباريات الدخول.
ومنهم من سأل ما إذا كان الأهالي مسؤولين، بحسب القوانين، عن تغطية تكاليف البناء، ولا سيما أن التوسيع يحسم من حصة أصحاب المؤسسة؟ في المبدأ التجديد والتطوير يجريان بمشاريع سنوية أو من خلال صرف هذه المبالغ المتراكمة في ورشة كبيرة، ومساهمة الأهل، بحسب القانون، يجب ألا تتعدى في مشاريع التجديد والتطوير أكثر مما هو محدد في الميزانية.
هل من حق المدرسة جباية تكاليف البناء المدرسي من الأهل قبل الاستفادة منها؟ ماذا عن البناء الجديد الذي تنوي المدرسة تشييده هل سيستخدم في تعزيز البيئة المدرسية وزيادة الملاعب والمساحات الخضراء أم أنّه سيكون عاملاً إضافياً لزيادة عدد التلامذة؟ هل سيوفر ذلك حلولاً لمواقف السيارات للأساتذة والأهل؟ وهل حسنّت إدارة المدرسة في شروط التوظيف لجهة اعطاء حوافز لاستقطاب كوادر جديدة من المعلمين والموظفين؟ ماذا عن الـ7%؟ هل ذهبت لمصلحة رواتب الأساتذة أم للمصاريف التشغيلية؟ وإذا كانت هناك شفافية في التعامل فلماذا لم تقدم إدارة المدرسة جدولاً تفصيلياً بالمصاريف؟ وما دامت تلتزم القوانين والأنظمة، لماذا لم تطبق قرار وزير التربية بتجميد الأقساط؟ وهل المطلوب من لجنة الأهل أن تتخلى عن دورها الرقابي ما يعني التراجع على كل المستويات والزيادة في الهدر؟