غزّة | من الطبيعي أن تختلف «هيئة الإذاعة والتلفزيون الفلسطينية» وتلفزيون «فلسطين» التابع لحركة فتح، وفضائية «الأقصى» التابعة لحماس في تعاطيهما مع المواد الصحافية تبعاً لسياستهما التحريرية النابعة من الحزبية، على اعتبارهما القناتين الأبرز لكلا الفصيلين «المتنازعين». ولكن على غير العادة، لم تختلف القناتان هذه المرة في معالجة أخبارهما للأزمة اليمنية وشنّ قوات ما تُسمى بالتحالف العربي «عاصفة الحزم» على اليمن. لكنّ المحطتين تبادلتا الأدوار النابعة من موقف الفصيلين.
فقد أعلن تلفزيون «فلسطين» موقفه صراحة بعد تأييد ومساندة الرئيس الفلسطيني محمود عباس السعودية في هجمتها على اليمن. تولى التلفزيون بثّ أخبار «إنجازات وانتصارات» التحالف في اليمن.
التركيز على أخبار اليمن يبرّره «مسح الجوخ» الذي يتولاه تلفزيون «فلسطين»، وهو الأبعد عن قضايا مجتمعه الغارق في بحار الفقر والعوز جراء توالي العدوان الصهيوني عليه لأكثر من ثلاث مرات في أكثر من ست سنوات. كما أن تلفزيون «فلسطين» تغاضى عما يجري من تهويد للأقصى وانتهاكات بحقّ الأسرى، فتمرّ أخبارهم مرور الكرام، فاستعطاف السعودية أولى عند هذا التلفزيون من التعاطي بجديّة مع ما هو أهم بالنسبة إلى جمهوره الفلسطيني.
فضائية «الأقصى» ليست بحال أفضل. حالة من التماهي عاشتها في الأيام الأولى من الأزمة اليمنية، إلى أن أصدرت حماس بياناً مفاده «لا نتدخّل في شؤون أحد، ولكننا نحترم الشرعيات وقرارات الشعوب». رسالة واضحة كانت لـ «الأقصى» بأننا «لسنا مع ولا ضدّ إعلامياً»، حتى وإن كانت خبايا الأمور واضحة. صمت «الأقصى» المتعمّد بعدم بثّ أيّ أخبار تُذكّر عما يجري في اليمن، ما هي إلا منع الحركة من معرفة موقفها بشكل واضح. أمام صمت «الأقصى» وفجور «فلسطين»، لا يسع إسرائيل وإعلامها إلا التنّعم بنشوة إنتصارها على العرب من كافة الجوانب الحياتية والإعلامية.