تحوّل تقرير «الفقر البديل» الذي نشرته جمعية «لاتيت» الإسرائيلية لمكافحة الفقر الى مادة سجال انتخابي بين الأحزاب والقيادات السياسية في إسرائيل. والتقط منافسو بنيامين نتنياهو الأرقام التي تناولت اتساع نطاق الفقر في إسرائيل، ووصلت الى 2,5 مليون شخص، من ضمنهم 932 ألف طفل، أي ما يشكل 35% من أطفال إسرائيل، الى لائحة اتهام ضد سياسة نتنياهو الاقتصادية.وهكذا تحول التقرير الى رصاصة انطلاق لتزخيم الجبهة الاجتماعية في الحملة الانتخابية. وسارع «حزب العمل» إلى إلقاء التهمة على رئيس الحكومة، مشيراً الى أنه «في الوقت الذي كان فيه نتنياهو مشغولاً بتخويف الجمهور من تهديدات خارجية، تنامى تهديد استراتيجي داخلي، بصورة 2,5 مليون فقير». ولفت المتحدث باسم «حزب العمل» الى أن «حقيقة ثلث أطفال إسرائيل يعيشون تحت خطر الفقر تشكل مؤشراً على فشل مدوّ للسياسة الاقتصادية لنتنياهو».

في الإطار نفسه، اعتبر عضو الكنيست عن «حزب العمل»، ايتسيك شمولي، أن هذه الأرقام «مرعبة وتشكل لائحة اتهام خطيرة ضد سياسة نتنياهو. لكنهم في حزب الليكود رفضوا الاتهامات واعتبروا ان السياسة الاقتصادية لنتنياهو سمحت لاسرائيل بتحقيق انجازات اقتصادية. وحاول الليكود تحميل وزير المال يائير لابيد مسؤولية السلبيات القائمة».
أما أعضاء حزب «ميرتس» اليساري، فقد علقوا على هذه النتائج بالقول «لقد فشلت حكومة نتنياهو في العناية بطبقات المجتمع الإسرائيلي البسيطة وبغلاء المعيشة وتدهور الحالة الاقتصادية لعشرات الأسر التي تعيش تحت خط الفقر».
لكن رئيس حزب «شاس»، اريه درعي، حمّل كل أعضاء الحكومة الأخيرة المسؤولية عن هذا الوضع الاجتماعي. ورأى أن من الضروري تشكيل حكومة تعمل من أجل المواطنين وليس ضدهم.
وكان نتنياهو قد اعتبر خلال جلسة «منتدى وزراء الليكود»، صباح أول من أمس، ان هناك «مؤامرة يحيكها العمل واليسار من اجل تمرير الانتخابات من دون نقاش حقيقي في الموضوع السياسي».
من جهته، هاجم رئيس حزب «كولانو»، موشيه كحلون، نتنياهو، معتبراً ان تقرير جمعية «لاتيت» يؤكد على ان الفقر في اسرائيل يتفاقم والفجوات تكبر وعدم المساواة تأخذ أبعاداً لا سابق لها.
ايضاً، كان موقف لرئيس الدولة السابق، شمعون بيريز، الذي رأى أن هذا التقرير هو «لائحة اتهام خطيرة ضد انفسنا، ومن غير الممكن تأجيل أو الاستخفاف بمعطيات التقرير». ولفت الى انه في حال عدم وضع هذا الأمر على رأس سلم الأولويات «قد ننتصر في المعارك، لكننا سنخسر اولادنا... هؤلاء هم جنود المستقبل». وفي انتقاد ضمني للحكومة، أوضح بيريز انه «كما عرفنا كيف نجمع اموالاً للأمن والحرب، من واجبنا تجنيد اموال لمعالجة الفقر».
وكان تقرير الفقر في اسرائيل قد كشف عن أنه في اسرائيل يعيش 2.54 مليون شخص فقير، يشكلون 31.6% من السكان، وبينهم 932 ألف طفل، يشكلون نسبة 35.1% من الأطفال. وربطت الجمعية بين حالة الفقر الآخذة بالاتساع وبين اسرائيل العسكرية، ورأت أن «الانتخابات القريبة هي فرصة، ربما تكون الأخيرة للحسم في ما اذا كان يتعين شراء دبابة اخرى أو انقاذ طفل من الفقر، وإذا ما كان علينا الاهتمام بمستقبل المجتمع الاسرائيلي، او حراسة حدود الدولة فقط». ولفت التقرير الى ان انعدام الاستقرار السياسي أدى الى تغيير اربع حكومات خلال ثماني سنوات، وإلى واقع أنه لم يصل من ميزانية الدولة الى المبادرة الوطنية من أجل الأمن الغذائي شيكل واحد.
أيضاً، ذكر التقرير أنه يوجد في اسرائيل 60 الف عائلة تعيش على «معونات غذائية» تقدمها جمعيات. ومع ذلك، فإن 25% من اطفال تلك العائلات ينامون جوعى عدة مرات في كل شهر، و22% من أولادهم يذهبون الى المدرسة من دون أن يأخذوا طعاماً معهم.
وأضاف التقرير ان 10% من العائلات التي تحصل على معونات غذائية اضطروا إلى المبيت في مكان عام أو في الشارع، و54% من تلك العائلات تم قطع التيار الكهربائي عن بيوتها بسبب عدم تسديد فاتورة الكهرباء، و63% لم يتمكنوا عدة مرات من تسديد إيجار الشقة، و36% عبروا عن تخوفهم من اضطرارهم لإخلاء مكان سكنهم. وتحدث 72.5% من العائلات عن الاضطرار الى التنازل عن شراء دواء بسبب عدم القدرة على الدفع. كما أكد 94% من المسنين بأن مخصصات الشيخوخة لا تسمح لهم بالعيش بكرامة وشراء احتياجات أساسية.