لا تخرج بلدية طرابلس من أزمة تشلها إلا لتدخل في أزمة أخرى أكثر تعقيداً تزيدها شللاً، كان آخرها وضع رئيس البلدية نادر غزال كاميرا تلفزيونية كبيرة داخل قاعة المجلس من أجل تصوير مجريات الجلسة، الأمر الذي أثار حفيظة الأعضاء الذين «طيّروا» الجلسة، معتبرين خطوة غزال «غير قانونية»، بعدما كان الأعضاء المعارضون قد فعلوا الأمر نفسه قبل أسبوعين بانسحابهم من الجلسة بعد افتتاحها.
دخل الأخيرون القاعة مساء أول من أمس وفي نيتهم تكرار الأمر نفسه، مع أن بعضهم اقترح عقد الجلسة وإمرار بعض القضايا المتعلقة برواتب العمال والموظفين، قبل فضّ الجلسة. لكن الأعضاء فوجئوا لدى دخولهم القاعة بوجود كاميرا كبيرة مثبتة في زاويتها، وعندما استفسروا من غزال عن سبب إقدامه على خطوة غير مسبوقة كهذه، ومن غير التشاور معهم، أوضح غزال أنه اتخذ خطوته بموافقة هيئة القضايا والاستشارات في وزارة العدل.
أثارت الكاميرا جدلاً طويلاً أخّر افتتاح الجلسة، فرأى عضو البلدية جلال بقار أن خطوة غزال مخالفة للقانون «الذي ينص على أن المداولات تبقى سرّية، أما القرارات فهي وحدها تكون علنية». لكن غزال أصرّ على أن قراره قانوني، ما دفع عضو البلدية خالد صبح إلى الرد بقوله: «أنت استندت استنسابياً إلى قرار هيئة الاستشارات والقضايا، بالرغم من أن هناك خمسة قرارات صدرت عن الهيئة تمنعك من أخذ مخصصات مالية من البلدية، كونك لا تزال تقبض راتبك كأستاذ في الجامعة اللبنانية، ومع ذلك فإنك لم تلتزم بأي قرار من هذه القرارات». وامتد الاحتجاج على خطوة غزال أيضاً إلى عضو البلدية عامر الرافعي المقرّب من تيار المستقبل، الذي يرشحه الأعضاء المعارضون لغزال كي يكون رئيساً بديلاً منه، فانتقد غزال لأنه «يتلهى بالقشور»، قائلاً للأخير: «عليك القيام بواجباتك التي تتقاعس عن تأديتها تجاه المدينة، وألا تخالف القانون»، ثم نزع الكاميرا من مكانها وأخرجها من القاعة. ساد التوتر وكادت الجلسة تطير، لكن غزال والأعضاء توافقوا على ضرورة إقرار بعض القرارات الملحّة، كإقرار دفع رواتب عمال ومياومي البلدية، وإزالة جزء من مبنى متصدع عند مدخل سوق عبد الحميد في باب التبانة، وتأمين مخصصات مالية لتجديد عقود 58 شرطياً مع انتهاء السنة المالية، فتم إقرار هذه البنود بسرعة نتيجة تفاهم مسبق عليها، ليعود الجدل مجدداً حول الكاميرا. طلبت عضو البلدية فضيلة فتال من غزال «إعادة المخصصات المالية التي أخذها بعد أن رفضت هيئة الاستشارات والقضايا في وزارة العدل قوننة هذه المخصصات»، ما اعتبره غزال افتعالاً لإشكال جديد، لتقول فتال: «نحن لا نفتعل إشكالاً معك، لكن هذه أموال عامة وعليك إعادتها». تجدُّد السجال دفع غزال إلى رفع الجلسة حتى موعد آخر العام المقبل، في ظل توقعات ألا تكون الجلسة الآتية أفضل من سابقاتها.