في جلسة مجلس النواب التي خصّصت للتمديد في الخامس من الشهر الجاري، شكا نائب القوات اللبنانية أنطوان زهرا الذي كان جالساً الى جانب الرئيس نبيه بري من أن الوزراء لا يقدمون الخدمات الا لبعضهم بعضاً، ومن حرمان لاحق بقضاء البترون، «بالاذن من الشيخ بطرس (حرب)»، رغم أن القضاء يمثّله وزيران هما حرب وجبران باسيل.
شكوى زهرا تماثلها شكاوى زملائه القواتيين الذين لم يعودوا يخفون تبرّمهم من «الغبن» الخدماتي اللاحق بهم، منذ اختيار حزبهم البقاء خارج حكومة الرئيس تمام سلام التي تضّم حلفاءهم. تعاون الوزراء مع القوات يختلف بحسب كل نائب وكل قضاء. في زحلة مثلاً، «لا يكفّ النواب عن الشكوى من عمل الحكومة وعدم تفاعلها معهم»، استناداً الى أحد المسؤولين القواتيين. كسروان غير الممثلة بأي نائب قواتي «تفتقر الى من يتكلم باسمها». أما في الشوف، فالمشكلة غير بارزة «كون النائب جورج عدوان أصلاً ليس نائباً خدماتياً». الصراع الأساس يدور في البترون والكورة. «النائب فادي كرم خاض حرباً مع الوزير الياس بو صعب في ملف التعيينات في الجامعة اللبنانية والتشكيلات في مدارس الكورة ولم يصل على نتيجة». بحسب المسؤول القواتي، «القضاء الوحيد الذي تتم استجابة طلباته هو بشري». وفي هذا السياق، يؤكّد النائب ايلي كيروز أنه «عند الحاجة نتصل مباشرة بالرئيس سلام أو بالوزير المعني. ودائماً يتجاوبون معنا». ويضيف: «على رغم صعوبة الظروف التي نعمل فيها، إلا أننا تمكنّا من افتتاح المدرسة الرسمية، وانشاء برك ماء للمزارعين، وتلبية بعض طلبات التوظيف». إلا أن المسؤول القواتي يعزو هذه «المعاملة الخاصة» لبشرّي الى سببين: الأول أن «ستريدا (جعجع) شرسة حين يتعلق الأمر بالخدمات. تتصل بالحليف والخصم وتتابع أمورها حتى تصل الى النتيجة المرجوة». والثاني «اعتقادهم بأن إغداقهم الخدمات على القضاء يُسكت القوات».
لوزراء الحزب
الاشتراكي وحركة أمل هم الاكثر تجاوباً مع مطالب القوات


في مكتبه في المجلس النيابي، يقول النائب زهرا إن الوزراء «لا يهمهم الا خدمة بعضهم بعضاً، حتى ولو لم يكونوا من الفريق السياسي عينه». أما القوى غير الممثلة في الحكومة «فتعاني من الاهمال. والغبن لحق بالقوات منذ أيام حكومة الرئيس فؤاد السنيورة». ويتهم زهرا الوزراء بالتضييق على القوات، إذ «يفضلون أن يقصدهم صاحب الطلب شخصياً عوض أن يتم الأمر عبر أي نائب أو حزب». أما الوزراء الأكثر تجاوباً مع القوات فهم «وزراء الحزب الاشتراكي ووزراء حركة أمل ربما في محاولة منهم لإثبات أنهم ليسوا كيديين. ومن جهة التيار الوطني الحر الوحيد بو صعب شبك معنا علاقات جيدة».
في هذا الاطار، ينتقد المسؤول القواتي بعض الوزراء «الذين اذا انتقدنا عمل وزاراتهم في ملف معين يقطعون التواصل معنا، كوزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق». أما وزراء حزب الكتائب، فـ «الله يساعدهم. حوّل وزيرهم (سجعان قزي) النقاش حول التمديد للمجلس النيابي بيننا وبين العونيين الى سجال قواتي ــ كتائبي». فيما تيار المستقبل، «سوّى وضعه مع العونيين. وأدى تقاربهم الى تقاسم الحصص في المرحلة الأولى من سلة التعيينات».
للنائب فادي كرم وجهة نظر مغايرة. بالنسبة اليه «العمل مع وزراء الثامن من آذار صعب جداً». إذ إنهم «لم يقدموا أي مشروع لمنطقة الكورة، لأن فريقهم غير ممثّل نيابياً في هذه المنطقة». أما الوزراء الحلفاء «فيساعدوننا على قدّهم». يعتبر كرم أن القوات «ممثلة سياسياً في الحكومة، ولكن انمائياً الوضع صفر».
رغم ذلك، تبدو القوات ملتزمة المهادنة مع الحكومة الحالية التي تتفق جميع الأطراف، حتى الآن على الأقل، على ضرورة استمرارها. ولذلك، فإن النيران القواتية التي تُفتح في اتجاه الرابية عند كل استحقاق لا تصيب السرايا الحكومي. ويقرّ أحد نواب القوات بأن «وضع هذه الحكومة خاص، وهو يتقدم على مفهومنا للموالاة والمعارضة. فاستناداً الى المادة 62 من الدستور، تتولى الحكومة بالوكالة صلاحيات رئيس الجمهورية، لذلك لا نستطيع فرط عقدها في ظل عدم انتخاب رئيس». وانطلاقاً من هذه المسلّمة، «ننتقد عملها حين تخطئ كتعاطيها مع ملف العسكريين المخطوفين والانتخابات النيابية، ولكننا لن نسير في خطاب فشل السلطة» لأن الوضع العام «لا يحتمل معارضة كهذه».