سجّل الجيش أمس إنجازاً نوعيّاً في سياق حملته على التنظيمات الإرهابية، تمثّل في اعتقال الإرهابي أحمد سليم ميقاتي داخل شقة في بلدة عاصون (الضنية)، وقتل ثلاثة إرهابيين يرجّح أن من بينهم الجندي الفار عبد القادر الأكومي الذي أعلن انشقاقه عن الجيش والتحاقه بإرهابيي «داعش» قبل أيام. وتشير المعلومات إلى أن خلية ميقاتي على علاقة مباشرة بعمليات «الانشقاق» عن الجيش أخيراً، ورجّحت أن فيديو «انشقاق» الأكومي صوّر في الشقة نفسها.
وقالت مصادر وزارية لـ«الأخبار» إن عملية الجيش نوعية ومتقنة، واصفة نتيجتها بالثمينة. ولفتت مصادر أمنية إلى ان الخلية التي ضُبِطَت هي الأولى من نوعها في لبنان، لناحية ارتباطها بـ«داعش»، وكونها مجموعة تنفيذية، ومستقلة عن غيرها، ولها «أميرها» الخاص الذي يصدر الأوامر من دون العودة إلى احد، عدا عن كونها تعمل على اختراق الجيش اللبناني والتأثير سلباً على معنويات عسكرييه من خلال التشكيك بولائهم.
وفي تفاصيل العملية، رصدت مخابرات الجيش قبل أيام حركة غريبة في الشقة، بعدما استأجرها عدد من الأشخاص بحجّة ممارسة الصيد ، ليتبيّن لاحقاً وجود الميقاتي بداخلها. كذلك أدى الرصد التقني إلى العثور على رابط وثيق بين الشقة وما اعلن اخيراً عن انشقاق جنود عن الجيش. وقد حاصرت قوّة من المخابرات الشقة فجر أمس، فبدأ المسلحون بإطلاق النار عليها. وعلى إثر الاشتباك، أوقف الجيش ميقاتي وقتل ثلاثة إرهابيين، عُرف منهم محمد العتر (المنية) المشتبه فيه باستهداف الجيش بعبوات ناسفة في طرابلس. ويجري العمل على التأكد من هوية الجثتين المتبقيتين، مع ترجيح أن إحداهما تعود إلى الأكومي.
وفي السياق، عمّمت قيادة الجيش على العسكريين «نشرة توجيهية» شددت على أن «قرار القيادة ثابت في عدم السماح للإرهاب بإيجاد أي محميّة أو بقعة آمنة له في لبنان» وفي تمسّكها «بتحرير العسكريين المخطوفين ورفضها الخضوع لأي ابتزاز». ودعت العسكريين إلى «عدم إعارة أي آذان صاغية للشائعات التي يروّجها الإرهابيون للتأثير في معنوياتهم، فمؤسستهم اليوم أقوى من أي وقت مضى».

«القوات» تساهم في ميثاقية التمديد!

من جهة أخرى، لا يزال ملفّ التمديد على طاولة البحث، مع فشل تيار المستقبل في انتزاع تصويت حلفائه المسيحيين مع التمديد. وعلمت «الأخبار» أن رئيس القوات سمير جعجع التقى الرئيس سعد الحريري في السعودية، وبحث معه، بحسب مصادر القوات، في الوضع الحكومي، وملف عرسال والعسكريين المخطوفين، والتمديد والانتخابات الرئاسية والعمل داخل 14 آذار. وقد تطابقت وجهات نظرهما في معظم الملفات، وساد بينهما تفاهم على مقاربة التمديد، على أن يتقبّل كل منهما موقف الآخر». وأشارت المصادر إلى أنه «اتفق على تأمين ميثاقية جلسة التمديد عبر حضور نواب القوات حتى ولو لم يصوّتوا مع التمديد».

برّي غَيَّر رأيه

من جهته، قال رئيس مجلس النواب نبيه بري مساء أمس أمام زواره إنه «لن يحدد موعد جلسة لتمديد الولاية قبل استكماله اتصالاته» ، مشيراً إلى أنه «يولي ميثاقية جلسة التمديد ومشاركة كل المكونات الأساسية أهمية رئيسية». وأوضح أنه وكتلته أكثر ميلاً إلى التمديد بعدما كان من المتحمسين لإجراء الانتخابات، «إلّا أنني غيّرت موقفي بعد موقف الحريري برفض المشاركة في انتخابات نيابية لا يسبقها انتخاب رئيس الجمهورية». وأوضح أن «من حق أي فريق الطعن في قانون التمديد لدى المجلس الدستوري. إلا أن مسؤولية ما يترتب على هذا الطعن تصبح على عاتق الجهة الطاعنة، إلا إذا كان هناك من يريد أخذ البلد إلى الفراغ بغية الذهاب إلى مؤتمر تأسيسي. لكنني أقول من الآن إن حركة أمل وحزب الله مع تمديد ولاية المجلس».

عودة الوساطة القطرية

في سياق آخر، ناقش مجلس الوزراء في جلسة استمرّت أمس أكثر من ستّ ساعات ملفات النازحين السوريين والعسكريين المخطوفين وخطاب وزير الداخلية نهاد المشنوق بشأن الخطة الأمنية. كذلك ناقش 38 بنداً، على رأسها البند المتعلّق بشراء الفيول أويل لكهرباء لبنان، الذي حظي بأكثر من ثلاث ساعات ونصف الساعة. بدايةً، رأى الرئيس تمام سلام أن من الضروري الوصول إلى قرار وزاري يستطيع أن يتسلّح به رئيس الحكومة خلال زيارته لألمانيا للمشاركة في اجتماعات المجموعة الدولية لدعم لبنان، والتي ستتناول الحد من النزوح السوري. وحول ملف المخطوفين، أكدت مصادر وزارية أن «سلام بدا أكثر تفاؤلاً، وكشف أن الجهة القطرية المفاوضة استأنفت نشاطها». (ليلاً، تداولت معلومات صحافية أن الحكومة تسلمت لائحة بـ44 اسماً لمقايضتها مع العسكريين، فيما علمت «الأخبار» أن اللائحة وصلت إلى الحكومة بشكل غير رسمي). وحول خطاب المشنوق، أكد الوزيران علي حسن خليل ومحمد فنيش له دعم حزب الله وحركة أمل الخطة الأمنية، وقال خليل: «نحن لم نغطّ الخطة وحسب، بل كنا شركاء في القرار، وعلى الأجهزة الأمنية تحمّل مسؤولياتها». وأشارت المصادر إلى أن «المشنوق استوعب كلام زملائه»، مؤكداً أن «خطابه لم يكن سياسياً، بل لتصحيح مسار الخطة».
وحول بند الفيول، لفتت المصادر إلى أن «خليل رفض تمديد العقود وأصرّ على إجراء مناقصة جديدة، إلا أن أياً من الوزراء لم يؤيّد طرحه، بعدما أشار وزير الطاقة أرتور نازاريان الى أنه في صدد إجراء مفاوضات مع الشركات لتحسين دفتر الشروط. رغم ذلك طلبت الحكومة من اللجنة الوزارية المختصة إتمام وضع دفتر الشروط تمهيداً لإجراء مناقصة عمومية». وفي بند الاتصالات، أشارت المصادر إلى أن «الحكومة وافقت على تمديد تشغيل عمل شركتي الخلوي لمدة 6 أشهر بنفس الشروط، بعد نقاش سريع». وأضافت أنه «طلب إلى وزير الاتصالات بطرس حرب إعداد ملخص جديد للملف، بعدما أبدى خليل والوزير جبران باسيل ملاحظات حول دفتر الشروط الخاصة بالعقود».




من «التكفير والهجرة» إلى «داعش»

أصدرت قيادة الجيش ـ مديرية التوجيه بياناً أشارت فيه إلى أن الإرهابي أحمد سليم ميقاتي الذي تمّ اعتقاله في بلدة عاصون في الضنية «ملقب بأبي بكر، وأبو الهدى، من مواليد عام 1968، وقد بايع مؤخراً «داعش»، ويعتبر من أهم كوادره في منطقة الشمال، وقام بإنشاء خلايا مرتبطة بالتنظيم في المنطقة، وكان يخطط لتنفيذ عمل إرهابي كبير بالتنسيق مع ابنه عمر الذي يقاتل مع التنظيم في جرود عرسال. بالإضافة إلى أنه أرسل مؤخراً شباناً لبنانيين للانضمام إلى «داعش» ومن بينهم ولده عمر، الملقب بأبو هريرة، وابن شقيقه بلال عمر ميقاتي، الملقب بأبو عمر ميقاتي، المتورّط بذبح الرقيب أول الشهيد علي السيد. وإثر أحداث طرابلس صدرت بحقّه مذكرة توقيف لتورّطه في الاشتباكات التي حصلت بين باب التبانة وجبل محسن، حيث كان يقود مجموعة مسلحة من عشرات المقاتلين أنشأها بعد خروجه من السجن في عام 2010 ، بعدما كان قد أوقف في عام 2004 لقيامه بالتخطيط لاعتداء إرهابي ضد مراكز دبلوماسية ومصالح أجنبية. كذلك ارتبط اسمه بتفجير مطاعم الماكدونالدز عام 2003 ، وسبق له أن شارك في معارك الضنية أواخر عام 1999 ضدَّ الجيش، حيث كان منتمياً حينها إلى جماعة التكفير والهجرة، وفرّ بعد انتهاء المعارك إلى مخيم عين الحلوة».
كذلك أكد البيان أن الجيش ضبط في عاصون «أسلحة وذخائر وقاذفات ورمانات يدوية وأحزمة ناسفة، وأعتدة عسكرية بينها بزَّة مرقطة عائدة للجيش اللبناني، ومواد متفجرة».