تستضيف طرابلس اليوم أعضاء اللجنة المصغرة لمجموعة «لقاء تعارفوا»، تمهيداً لوضع اللمسات الأخيرة على «إعلان المبادئ» الذي تنوي المجموعة إصداره، في محاولة لكسر الاصطفاف الحاد الذي يسود لبنان، مستندة إلى تنوّع أعضائها وتوزعهم سياسياً وطائفياً ومذهبياً.
اجتماع اليوم تأخر عن موعده أكثر من شهرين ونصف، إذ كان مقرراً انعقاده حول مائدة إفطار رمضانية. غير أن الأحداث الأمنية التي شهدتها المدينة أرجأت الموعد. وخلال هذه الفترة، تكثّفت الاتصالات بين أعضاء «اللقاء» بهدف بلورة تحرّكهم، وأثمرت اتفاقاً على اجتماع اليوم، وهو اجتماع «لا يعدّ بديلاً من اجتماع رمضان ولا بحجمه، لكنه يسعى إلى إعطاء اللقاء دفعاً وزخماً جديدين»، وفق ما أوضح لـ«الأخبار» عضو اللقاء الشيخ صفوان الزعبي.
أهمية «اللقاء» الذي أُسّس قبل أكثر من سنة تقريباً، وعقد أعضاؤه اجتماعات عدة بين طرابلس وبيروت، تنبع من أمرين رئيسيين: الأول أنه يضم شخصيات متنوعة سياسياً وطائفياً ومذهبياً وفكرياً، بات اجتماعها معاً حدثاً استثنائياً، بدل أن يكون طبيعياً في بلد يتشدق أهله بتميّزه بتنوّعه وتعدّديته، فضلاً عن أن عقد الاجتماع في طرابلس، هذه الأيام، يشكّل محاولة لكسر الصورة النمطية السلبية عنها.
فـ«اللقاء» يضمّ إلى الزعبي، وهو شيخ سلفي يرأس «جمعية الأخوة الإسلامية» في طرابلس، شخصيات من طوائف ومذاهب عدة، مثل الأب أنطوان ضو الأمين العام للجنة الحوار الإسلامي ــــ المسيحي، عبد الرزاق قرحاني مسؤول العلاقات الإسلامية في «تيار العزم»، كاهن رعية طرابلس الأرثوذكسية الأب إبراهيم سرّوج، وأساتذة جامعيين أبرزهم بشير الزغبي المحاضر في الجامعة اليسوعية، زكي جمعة المحاضر في الجامعة اللبنانية، المحامي علي فضل الله الذي يدير مكتباً للاستشارات القانونية، عضو بلدية طرابلس السابق الدكتور صفوح يكن وآخرين.
مسودة «إعلان المبادئ» التي ستناقش بين لجنة مصغرة من أعضاء «اللقاء»، تتناول عدة عناوين أبرزها: الأول الدعوة إلى انتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت، وهو أمر يشكل نقلة نوعية بالنسبة إلى بعض أعضاء اللقاء، السلفيين منهم تحديداً، إذ تشكل اعترافاً متأخراً منهم بالجمهورية اللبنانية وبرئيسها الماروني. والثاني المطالبة برفع الغبن والظلم والحرمان عن جميع الطوائف والفئات اللبنانية على اختلافها، وفي هذا اعتراف من فاعليات وقوى مسيحية وشيعية بما ينادي به سلفيون منذ سنوات من رفع الظلم عنهم والإفراج عن الموقوفين الأبرياء منهم في السجون اللبنانية، وعدم وضعهم دائماً في قفص الاتهام. ويتضمّن العنوان الثالث دعوة صريحة إلى المملكة العربية السعودية لتصويب مسار الساحة السنية في لبنان نحو الاعتدال والوسطية، وقطع الطريق على مستغلي حالات الإحباط والشعور بالغبن في الوسط السني، وتحديداً إيران وتنظيمات الإسلام المتطرف كـ«القاعدة» و«النصرة» و«داعش» وسواها.
وعن العنوان الثالث قال الزعبي إن «الوقت مناسب جدّاً للسعودية للقيام بهذا الدور في هذا الوقت العصيب، وهو دور مطلوب منها اليوم أكثر من أي زمن مضى، لأن ناقوس الخطر بدأ يدق، وإن لم يجرِ تدارك الأمور قبل فوات الأوان فإن الكل ذاهب نحو الهاوية». وشدّد على أنه «لا يكفي أن تدعم السعودية الجيش اللبناني، مع أن هذا أمر مطلوب وضروري في هذه المرحلة، بل يجب أن تأخذ دورها بالإسهام في اقتلاع الإرهاب من جذوره».