في 10 أيلول 2014، وجّه محافظ مدينة بيروت زياد شبيب إنذارا خطّيا الى «السان جورج» يطلب فيه إزالة مخالفات مزعومة، منها اقامة «حوضي سباحة وأعمال تسوية للارض الطبيعية»، وتذرّع الانذار بان هذه الاعمال غير مرخّصة، واعطى مهلة لازالتها مدتها 15 يوما من تاريخ تبلّغ «السان جورج» بهذا الانذار.
للوهلة الأولى، يُظن من القرار أن شبيب يحرص على تطبيق القانون، وبالتالي يريد ان يبدأ مهّمته الجديدة كمحافظ لمدينة بيروت بازالة المخالفات التي تشّوه العاصمة وتضيّق الخناق على اهلها وتحرمهم المساحات والاملاك العامّة لمصلحة حفنة من المنتفعين، في مقدّمهم «سوليدير»، الا ان تدقيقا بسيطا يبيّن ان «بعض الظن اثم». فـ»السان جورج» اقام حوضي السباحة المذكورين منذ أكثر من 14 عاما! ويبيّن ايضا ان نفوذ «سوليدير» واصحابها اعاق اعادة بناء وترميم هذا الفندق، وبالتالي لم يبق منه سوى المسبح. ما يعني ان في «الانذار» اغراضا اخرى مختلفة عن المعلن فيه، تندرج في سياق طويل من المضايقات والاستفزازات والحصار ضد «السان جورج» وصاحبه فادي خوري، الذي تجرأ يوما ورفض بيع «نفسه» للشركة صاحبة اليد الطولى ووضع «لافتة» كبيرة على واجهة فندقه تصرخ «stop Solidere» ثم وضع لافتة اخرى على الكورنيش المحاذي للفندق تعلن «هنا خليج مار جريس»، ردّا على التزوير اللاحق بالذاكرة الجماعية نتيجة استبدال اسم هذا الخليج التاريخي (شفيع بيروت) باسم «زيتوناي باي».
احصت وزارة الاشغال العامّة والنقل 30 تعدّيا على الاملاك العامّة البحرية في مدينة بيروت، واكثر من 24 الف متر مربع جرى احتلالها، وهناك مئات مخالفات البناء التي يعرف عنها شبيب كثيرا، فضلا عن التعدّيات على الحدائق والساحات والطرقات والارصفة، التي يجري بعضها برعاية البلدية، ولا سيما ذلك السياج «العار» والاسلاك الشائكة المنصوبة في وجه الناس على طول كورنيش البحري في الروشة، والذي يزنّر الدالية والصخرة الشهيرة... الا ان شبيب استيقظ على ما قيل له انه مخالفات حصلت في «السان جورج». قيل له ذلك بواسطة شركة «تحتل» وسط المدينة وتبسط سيادتها المطلقة على اكثر من 40% من العاصمة، بما فيها منطقة الردم المستحدث في البحر، حيث عشرات المخالفات والتعديات الموجودة في ادراج المحافظ والبلدية.
لم «يهن» على شبيب أن تشكو «سوليدير» في كتاب يحمل الرقم 10252/2014 تقول فيه «إنها لم تكن على علم بالأعمال التي يقوم بها السان جورج»، وإن هذه «الأعمال لا تخضع للقوانين المرعية الإجراء في وسط بيروت» (وفق ما ورد بالكتاب). لمَ لا، فالشركة المذكورة هي «صاحبة السيادة»، والمحافظ ليس سوى اداة تنفيذية، لذلك سارع للاستجابة من دون اي تدقيق، ووجه الانذار الى «السان جورج» من دون تكبّد عناء التحقيق في مزاعم «سوليدير». تكفي الاشارة الى ان نص الإنذار الذي وقّعه محافظ بيروت يتضمن عبارة تطلب ابلاغ «سوليدير» بانه وجّه الإنذار المطلوب! هكذا بات المحافظ يأتمر بامر الشركة ويضعها مع الادارات العامّة الى جانب وزارة المال والبلدية. هل فعلا ان محافظ بيروت لا يعلم ان العقار الرقم 1433 (منطقة ميناء الحصن العقارية)، حيث يقوم «السان جورج»، ليس ضمن نطاق عمل شركة «سوليدير» اصلا!
يصرّ شبيب على أن انذاره يستند الى كشف ما قام به مهندسون من البلدية، أكدوا أن ثمة أعمالا جديدة تُجرى في المسبح. «هذا الكشف يفيد ان ثمة أعمال جرف قد أنجزت»، يقول شبيب لـ»الأخبار». هل يعرف إذا ما كانت هذه الأعمال حديثة أم يعود تاريخها الى انشاء المسبح؟ يحيل شبيب الاجابة على مدير الهندسة في بلدية بيروت ايلي اندريا، الا ان الاخير «حرص» على عدم إطلاع «الأخبار» على ملف المخالفات المزعومة. «أنا اقرأ لك المعطيات» كررّ هذه العبارة، الا انه في الواقع لم يعرض سوى صور غير محدد تاريخها «التقطت عبر الهاتف»!
يجزم صاحب «السان جورج» فادي خوري بان اي موظفين او مفوضين من البلدية لم يحضروا الى المسبح لاجراء اي كشف على الاحواض. ويجزم ايضا بان احواض السباحة الثلاثة المشيدة منذ سنوات طويلة مرخّصة (اخرها شيّد عام 1999) «وضعها قانوني وسليم ومكرس بمستندات خطية صادرة عن دوائر رسمية». ويتهكّم على «المزاعم»، اذ كيف يمكن ان تقدم إدارة مسبح على «تشييد» أحواض جديدة في «عز الموسم السياحي»، ذلك أن تاريخ الشكوى المزعومة من وجود اشغال مخالفة يعود الى 7/7/2014. لا ينكر خوري أنه قام بأعمال صيانة «عادية»، وأنه كان يلجأ الى بعض التعديلات «كترتيب الأرضيات الخشبية وصيانتها» ولا يوجد في هذه الأعمال أي مخالفة للقوانين، فضلا عن أعمال «الدهان والطرش»، التي لا تحتاج الى رخص وفق ما يقر به أندريا نفسه.