الأساتذة المشمولون بالقرار رقم 32. بعضهم يستحق التفرّغ في الجامعة اللبنانية، وبعضهم يخالف تفرّغه صراحةً القوانين والانظمة والمعايير الأكاديمية. هناك أساتذة يتمتعون بالكفاءة والأهلية وأمضوا سنوات في تدريس الطلاب.
ولكن هناك أساتذة أيضاً لا تعرف عنهم الجامعة أي شيء، أو ليس لديهم عقود تدريس في الجامعة أصلاً، أو ليس لديهم نصاب تدريس قانوني، أو تفرغوا في كليات لا تتلاءم مع اختصاصاتهم، وآخرون يجب التدقيق في شهاداتهم وقانونيتها وشرعيتها. هذا «الملف الأسود» سبق  لـ»لأخبار» أن كشفت ملابساته، وسمّت الأحزاب والجهات التي تلاعبت به (http://www.al-akhbar.com/node/214031). إلا أن المتضررين قرروا الذهاب أكثر من ذلك، اذ تقدّموا في مطلع الأسبوع الماضي بأربع مراجعات أمام مجلس شورى الدولة للطعن في قرار مجلس الوزراء. وهي تهدف الى إبطال القرار.
هذه المراجعات تقدّم بها، بالوكالة عن الأساتذة المستثنين من القرار، كلّ من المحامي (الوزير السابق) زياد بارود والمحامية نجاة شكر، واستندت الى مخالفة الأصول الاجرائية في إعداد ملف التفرغ، باعتبار أن صلاحية تفريغ الأساتذة التي سحبت في السابق من الجامعة لمصلحة مجلس الوزراء، تقضي بأن يقوم مجلس الجامعة (تشكل من رئيس الجامعة ووزير التربية في السابق) برفع لائحة الأسماء وفق الأصول والمعايير القانونية والأكاديمية المتبعة، وهو ما لم يتم على هذا النحو، إذ لم ترفع الجامعة الأسماء المعدّة من قبل المجالس الأكاديمية كما هي، بل جرى التلاعب بها، واستبدل أساتذة مستحقون لمصلحة آخرين أسقطتهم الأحزاب داخل الملف، فضلاً عن إضافة ملحق يضم 305 أشخاص أعدّه وزير التربية منفرداً.
جميع الطعون انطلقت من مبدأ المساواة في التعيين أو التوظيف في المرفق العام، من خلال عدم تطبيق معايير موحدة على جميع الأساتذة، إضافة الى الانحراف في استخدام السلطة الاستنسابية التي لا تجوز إلا في حال كان المرشحون للتفرغ في الموضع القانوني نفسه، وليس اختيار من لا يستوفي الشروط على حساب من يستوفيها! وبالتالي يجب ألا يترافق الاستنساب مع غياب شبه تام في المساواة، بهدف «تحقيق المصلحة العامة»، وليس مصالح شخصية وسياسية وطائفية ضيقة. فلا مبرر لعدم مراعاة الشروط العامة في تعيين الأساتذة الواردة في قانون تنظيم عمل الهيئة التعليمية وفي الأنظمة الداخلية لعدد من الكليات التي تحدد شروطاً خاصة لتفرغ أساتذتها.
جميع الطعون انطلقت من مبدأ المساواة

أشارت الدعاوى المرفوعة الى عنصر الضرر اللاحق بهؤلاء الأساتذة المستحقين المستثنين. فتطبيقاً لقرار مجلس الوزراء، سيجري تحديد الملاكات وتوزيع ساعات التدريس على الأساتذة المتفرغين ليكتمل نصاب التدريس القانوني، على أن يوزع ما تبقى من ساعات تدريس على المتعاقدين الذين ستقلّ ساعاتهم أو سيصار الى الاستغناء عن خدماتهم نهائياً. وبناءً على كل ما ورد، تقدم الأساتذة بطلب وقف العمل بالقرار حتى صدور الحكم النهائي.
وكالة المحامي بارود تشمل 69 أستاذاً جامعياً في مراجعة واحدة. هؤلاء، وفقاً لنص المراجعة، يستوفون جميعاً الشروط القانونية والأكاديمية المطلوبة للتفرغ، أما المحامية شكر فتقدّمت بثلاث مراجعات، تضم ثلاث مجموعات مختلفة: المجموعة الأولى تضم 25 أستاذاً من الممنوحين الذين ينص القانون على وجوب تفرغهم والاستفادة منهم لخمس سنوات على الأقل، وأساتذة تحتاج الجامعة الى اختصاصاتهم والبعض استقدمته من الخارج. المجموعة الثانية تضم 8 أساتذة من الموظفين وأساتذة من التعليم الثانوي والأساسي مستوفين كامل الشروط. أما المجموعة الثالثة، فتضم 15 من الأساتذة غير المستوفين لكامل الشروط، إلا أنهم وجدوا أنفسهم أمام قرار حكومي جائر فرّغ أساتذة لم يستوفوا أياً من الشروط، فرأو أنهم مظلومون مقارنة بمن لا يتمتع بالأهلية الأكاديمية والقانونية.
بحسب إجراءات المحاكمة، سيُطلب من الجامعة تكليف من يلزم لتقديم كامل الملف، على أن يتضمن هذا الملف شرحاً وتفصيلاً للأساس القانوني والمعايير المتبعة في اختيار الأساتذة المتفرغين الجدد، مرفقاً بالمستندات المطلوبة، ومنها محاضر جلسات المجالس الأكاديمية المتعلقة بدراسة ملفات الأساتذة.
الطاعنون سيقدّمون في المحاكمة ملفات تتناول عدداً من الأساتذة الذين جرى تفريغهم، من بينهم أستاذ تفرّغ في كلية الاعلام – الفرع الثاني، واسمه ر. ط. حاز شهادة الدكتوراه من جامعة الروح القدس الكسليك. لكن بناءً على شكوى قدمها ضده البروفسور أ. ع. آخر عام 2011 اتهمه فيها بنسخ فقرات عديدة من أطروحته، أقدمت جامعة الكسليك بعد تحقيق أجرته على سحب شهادة الدكتوراه منه في منتصف عام 2012، وسحبت المؤسسة التي طبعت الكتاب المسروق جميع النسخ.
في الكلية نفسها تم تفريغ م. ل. الصادر بحقه في 9ـ11ـ2011 قراراً عن مجلس الوحدة في الكلية، بعدم أهليته الأكاديمية والعلمية ، بعدما تم التشكيك في أطروحة الدكتوراه باللغة الايطالية. إلا أن الكلية سوّت لاحقاً وضعه بسبب ضغوط سياسية، وأنشأت لجنة ترأسها العميد الحالي للكلية، درست أطروحة الدكتوراه من جديد. وتبيّن لرئيس اللجنة الذي لا يتقن اللغة الايطالية أن الأطروحة سليمة. كذلك أ. ح. الذي طرد سابقاً من منصبه كأمين سر كلية الاعلام، تفرّغ في كلية إدارة الأعمال، ف. ل. (رجل دين)، لا تعرفه الجامعة، فرّغ في كلية الآداب، م. ش. لا تعرفها الجامعة أيضاً وليس لديها عقد تدريس، لكنها شقيقة «إعلامية» معروفة، وقد فرّغت في إدارة الاعمال!




هيئة القضايا في وزارة العدل بلّغت أمس وزارة التربية بالدعاوى المرفوعة، ويجب عليها إبلاغ الجامعة اللبنانية، لكونها المؤسسة العامة المعنية بتنفيذ القرار وإعداد الملف.
لدى الجهة المقامة ضدها الدعوى مهلة 15 يوماً للرد على طلب تعليق العمل بالقرار الى حين صدور الحكم النهائي لمجلس شورى الدولة. يشار الى أن العقود يجب أن تبرم مع المتفرغين الجدد خلال شهر تشرين الأول.
تجدر الاشارة إلى أن هناك دعاوى أخرى منفردة تقدم بها عدد من الأساتذة ضد قرار مجلس الوزراء لدى شورى الدولة.