التقى الرئيس الأميركي باراك أوباما وفد بطاركة مسيحيي المشرق في البيت الأبيض، أمس، بحضور مستشارته لشؤون الأمن القومي سوزان رايس. وكان اللقاء متأرجحاً بين حصوله وعدمه. في النهاية، حصل اللقاء الذي استمر مدّة 35 دقيقة، قدّم خلالها البطاركة ورقة مشتركة وموحّدة، باسمهم وباسم ممثلي البطاركة الذين لم يحضروا، وعرضوا فيها وضع مسيحيي المنطقة والأخطار المحدقة بهم. كما قدّم كل واحد من البطاركة الحاضرين مداخلة ركّز فيها على وضع المسيحيين في بلده.
أبرز ما في اللقاء، بحسب ما أكّدت مصادر الوفد الكنسي لـ«الأخبار»، أن أوباما، خلال حديثه عن وضع الأقليات في المنطقة، قال العبارة الآتية: «نعرف أن الرئيس بشار الأسد يحمي المسيحيين في سوريا». فاجأت هذه العبارة الحاضرين، وخاصة أنها ترافقت مع استخدام أوباما عبارة «الحكومة السوررية» بدلاً من كلمة «النظام» المستخدمة عادة لوصف الحكم في سوريا.
لم يصدّق الحاضرون ما سمعوه من الرئيس الأميركي، لكن أحدهم تشجع وعلّق مخاطباً رئيس الولايات المتحدة: «إذاً، عليك أن تتوقف عن الحديث عن معارضة سورية معتدلة».
وتحدّث الرئيس الأميركي عن الغارات التي ينوي جيشه شنّها ضد «داعش» في سوريا، قائلاً إنها تهدف إلى «مساعدة استمرار العملية السياسية»، في إشارة منه إلى «مؤتمري جنيف ــ 1 وجنيف ـــ 2». وبعدما لفت إلى «أننا ارتكبنا أخطاء في العراق ولن نكرّرها»، أكد أوباما «دعم الجيش اللبناني»، معتبراً أن «السلاح المعطى للجيش اللبناني هو أفضل ردّ من واشنطن على داعش في لبنان».

طُرِد كروز لأنه داعم لإسرائيل، وانسحب مطارنة من جلسة عمل بسبب التهجم على الأسد



من جهة أخرى، وقبل لقائه أوباما، كان الحدث الأبرز الذي رافق زيارة الوفد الكنسي لواشنطن طرد السيناتور الأميركي تيد كروز من عشاء، على هامش مؤتمر الدفاع عن مسيحيي المشرق، بعد حديثه عن «فضائل إسرائيل». وكان بطريرك أنطاكية وسائر المشرق والإسكندرية وأورشليم للروم الملكيين الكاثوليك غريغوريوس الثالث لحام وسفير لبنان لدى واشنطن أنطوان شديد قد انسحبا من حفل العشاء، بعد تهجّم كروز على حزب الله. وعلت صيحات الاستهجان لكلام كروز، بعد توجهه إلى الحاضرين قائلاً: إن «من يعادونكم يعادون اليهود»، وإن «عليكم التعاون مع إسرائيل». وقبل مغادرته «مطروداً» من قبل الحاضرين، ختم كروز كلمته، مشترطاً دعم ممثلي الطوائف المسيحية المشرقية لإسرائيل لكي يحظوا بدعمه.
وطلب البطريرك الماروني بشارة الراعي ممن حضروا مؤتمر الدفاع عن المسيحيين «عدم الرد على السيناتور كروز، على اعتبار أن أعمال المؤتمر أهم بكثير من تصريحات فردية». كما انسحب وفد تيار المستقبل المشارك في المؤتمر والمؤلف من النائبين جان أوغاسبيان وعاطف مجدلاني ومستشار الرئيس سعد الحريري الدكتور غطاس خوري. وعلمت «الأخبار» أن وفد «المستقبل»، بعد خروجه، سُمع وهو يوجّه الشتائم لسوريا والدولة السورية، من دون التعليق على ما حصل خلال العشاء التكريمي.
كذلك رفض البطريرك لحام المشاركة في جلسة حول أوضاع المسيحيين لأنها ملتبسة في مواضيعها وفي شخصية المتحدثين فيها، إذ كان من المقرر أن يلقي عضو الكونغرس كريس سميث كلمة، تبيّن للحام أنها وثيقة حضّرها السنة الماضية، وتتضمن إدانة للرئيس بشار الأسد ودعوة لمحاكمته أمام محكمة الجنايات الدولية، وهذا ما اعتبره لحام خروجاً عن موضوع المؤتمر، واستغلالاً للمناسبة من أجل إطلاق مواقف معادية للأنظمة والشعوب والعيش المشترك».
وذكرت البطريركية في بيان، أن «لحام كان قد رفض حضور الجلسة، وسجل اعتراضه. كذلك رفض البطريرك يونان والمطران زحلاوي حضور الجلسة، ما دفع مدير المؤتمر الى إبلاغ البطريرك بشارة الراعي والبطريرك آرام، اللذين غادرا الجلسة اعتراضاً».
من جهة أخرى، دعا البطريرك الراعي الدول العربية إلى التحرك تجاه المآسي التي يتعرض لها المسيحيون في الشرق. كما دعا المجتمع الدولي الى «التحرك سريعاً لوقف المجازر التي ترتكب بحق المسيحيين». ودعا الراعي، خلال لقاء في مبنى الكونغرس الأميركي، بدعوة من جمعية حماية المسيحيين في الشرق، «المجتمع الدولي إلى اتخاذ الإجراءات التي تهدف الى تحرير القرى المحتلة من قبل «الدولة الإسلامية» في سوريا والعراق، وتسهيل عودة النازحين الى قراهم وبيوتهم في الموصل وسهل نينوى».