بالتزامن مع بدء لجنة التحقيق التي شكلها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة عملها، قرّر جيش العدو توسيع صفوف النيابة العسكرية وإنشاء دائرة جديدة في قسم القانون الدولي.تأتي هذه الخطوة في إطار استعدادات إسرائيل لمواجهة دعاوى قضائية متوقعة ضدها، وذلك في أعقاب اتهام جهات دولية لها بارتكاب جرائم حرب ضد الفلسطينيين خلال الحرب العدوانية على غزة.

في هذا الإطار، نقلت «القناة الثانية» في التلفزيون الإسرائيلي عن رئيس لجنة التحقيق الأممية، البروفسور ويليام شاباس، قوله إن اللجنة بدأت عملها في الأيام الأخيرة. وأضاف شاباس أنه «رغم أننا التقينا، فإنه إلى الآن لم تتم المصادقة على الموازنة نهائياً. لكن بعدما يجري ذلك، سينتقل الطاقم المهني للعمل بصورة مكثفة». وأشار شاباس إلى أن أعضاء اللجنة عقدوا اجتماعاً في الأيام الأخيرة، للمرة الأولى، من أجل التداول في أساليب التحقيق الذي يجرونه.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، قد اتهم إسرائيل بارتكاب جرائم حرب بحق الفلسطينيين في قطاع غزة. وفي إطار عمل اللجنة، فإنها ستحقق في الحالات التي شكلت خروقاً للقانون الدولي من جهة إسرائيل والفلسطينيين، منذ عملية أسر المستوطنين وقتلهم في الخليل، وصولاً إلى نهاية العملية البرية ضمن عملية «الجرف الصامد». ويفترض أن تقدم اللجنة تقريرها، كما أكدت «القناة الثانية»، إلى مجلس حقوق الإنسان في شهر آذار 2015.
من جهة أخرى، ورغم أن كل تجارب لجان التحقيق السابقة لم تُعد للفلسطينيين حقاً طوال السنوات الماضية، بما فيها «تقرير غولدستون»، فإنه لم تترجم أي من الخلاصات التي جرى التوصل إليها ضمن إجراءات وخطوات عملانية. مع ذلك، قرر جيش العدو توسيع صفوف النيابة العسكرية في إطار الاستعدادات لمواجهة دعاوى قضائية متوقعة.
وحدّد المتحدث العسكري الإسرائيلي أنه في أعقاب العدوان «جرت تغييرات عديدة في أقسام وشعب عسكرية، وفي إطارها تم تعزيز وحدة النيابة العسكرية بعدة ملكات». كذلك لفتت تقارير إعلامية عبرية إلى أن النيابة العسكرية قررت إضافة ملكات جديدة من أجل تمثيل جنود وضباط سيتهمون بارتكاب مخالفات عسكرية. ووفق تقدير المدعي العسكري العام الإسرائيلي، داني عيفروني، فإن الانشغال القضائي بالعدوان على غزة سيمتد لأشهر طويلة.
وقال غيفروني: «لا أبالغ إذا قلت إن المواجهة المتوقع أن نخوضها في هذه المعركة ضد لجنة تحقيق أممية تم تشكيلها وضد جهات قضائية في البلاد والعالم، الذين يسعون إلى اتهام إسرائيل وجيشها وجنودها بارتكاب جرائم حرب، ستؤثر بصورة غير قليلة في وضع ومكانة دولة إسرائيل».
في سياق آخر، رأى رئيس هيئة الأمن القومي، يوسي كوهين، أن إسرائيل حققت إنجازات كثيرة خلال الحرب على قطاع غزة، مؤكداً أن «حماس تلقت ضربة هي الأقسى منذ إقامتها». وأضاف، خلال شهادة أدلى بها أمام لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، أن «حماس» لم تحصل على أي من الشروط التي وضعتها لوقف النار. ورأى كوهين أيضاً أن «حماس» فوجئت مرة أخرى بقوة وحجم الضربات التي تلقتها «ومن المجتمع الحديدي لإسرائيل». وأكد أن «المجتمع الدولي الذي منح إسرائيل الشرعية، خلال الحرب، يفهم اليوم الواقع الأمني الذي تواجهه إسرائيل، وسنواصل العمل معه من أجل تغيير هذا الواقع».
في المقابل، رأى رئيس لجنة الخارجية والأمن، التي عليها مهمة التحقيق في أداء الحكومة والجيش خلال الحرب، زئيف الكين، أن «اللجنة ليست محكمة، ولا تقدموا لنا شهادات. نحن ندير حواراً مفتوحاً مع كل أصحاب المناصب، كما هو تقليد اللجنة». وأضاف الكين: «هم منفتحون أمامنا ويتحدثون بصراحة. وأحياناً نوافق وأحياناً لا. ولكل واحد من أعضاء اللجنة مواقفه، ونحاول التوصل إلى رؤى عامة».
وأكد الكين أن «الحديث في اللجنة ليس سياسياً، فواجبنا مراقبة ومساعدة المؤسسة الأمنية في الوصول مستعدين للمرة المقبلة. وفي الحي (المنطقة) الذين نحن فيه لا أحد يعرف متى نصل». ورداً على سؤال للإذاعة الإسرائيلية، أكد الكين أنه «لا حاجة إلى تشكيل لجنة تحقيق رسمية أو لجنة فحص»، مبرراً ذلك بأن لجنة الخارجية والأمن تكفي في هذا المجال.
على المنوال نفسه، رأى مدير معهد أبحاث الأمن القومي اللواء عاموس يادلين، أنه لا مبرر للجنة تحقيق رسمية، رغم وجود «ملاحظات على إدارة الحرب».
في المقابل، قال عضو «لجنة فينوغراد»، يحزقيل درور، لإذاعة الجيش، إن من المحظور أن تحقق لجنة الخارجية والأمن في الحرب على غزة، مبرراً ذلك بالقول إن «إسرائيل تواجه تحديات أمنية قاسية تستدعي استخلاص دروس عميقة لا تتأتى إلا من لجنة تحقيق مهنية ومستقلة وليست مسيّسة».
وأعرب درور عن قلقه من أن تكون تحقيقات اللجنة «غير جدية»، خصوصاً أنها ستحول دون تشكيل لجنة فحص مهنية وموضوعية، الأمر الذي سوف يؤدي إلى «استمرار الحماقة السياسية الإسرائيلية في أسوأ أوقاتها». في السياق نفسه، عبّر عضو لجنة الخارجية والأمن، عمري بارليف، عن تشكيكه في جدوى وصدقية لجنة سياسية عليها مهمة التحقيق في الحرب على غزة.