عدد كبير من موظفي الإدارة العامة لم يلتزموا الإضراب العام لهيئة التنسيق النقابية. في بيروت، تفاوت التجاوب بين الوزارات من إقفال شبه تام في وزارتي المال والشؤون الاجتماعية، إلى إقفال جزئي في وزارات التربية والاقتصاد والعمل والزراعة والصناعة والاتصالات، وتغطية دوام عمل طبيعي في وزارات الصحة والعدل والطاقة والمياه والأشغال العامة والنقل ومصلحة تسجيل السيارات في الدكوانة.وبينما لبّت الإدارات العامة في زحلة والنبطية الدعوة إلى الإضراب، ما عدا وزارة العدل، لم تضرب في صيدا سوى وزارتي المال والصناعة ومصلحة الميكانيك، وفي الشمال وزارة المال والاتصالات وبلدية طرابلس.

أمس، كان الاعتصام أمام وزارة الاقتصاد خجولاً أيضاً، بل افتقد موظفي الوزارة أنفسهم. وحضرت الوجوه نفسها التي ألفتها ساحات هيئة التنسيق، إلاّ أن الهيئة تستعد لوضع خطة تحرك مستقبلية ولتنظيم الصفوف، كما أعلن رئيس رابطة موظفي الإدارة العامة محمود حيدر، وستعقد للغاية سلسلة الاجتماعات في الأسبوع المقبل. وأوضح أن «الاعتصام لا يتجاوز كونه فرصة لتأكيد الالتفاف حول الرابطة وهيئة التنسيق في قيادتها لمعركة سلسلة الرتب والرواتب، وللرد على سياساتهم المكشوفة وعدم التزامهم التعهدات والاتفاقات». وما إعطاء الإفادات، كما قال، إلاّ فصل جديد من الفصول القديمة ـ الجديدة التي تستهدف ضرب هيئة التنسيق، وبالتالي عدم إعطاء السلسلة.

تتجه مجموعة
من الطلاب لرفع شكوى أمام مجلس شورى الدولة



القناع سقط عن كل الطبقة السياسية الحاكمة التي اختلفت على كل الملفات المصيرية، وتكتلت واتفقت على ضرب حقوقنا، بحسب عضو رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي غادة الزعتري. برأيها، الاهتراء السياسي هو المسؤول عما حصل في الآونة الأخيرة، وقد امتد لينخر جسم التربية والتعليم، لأن اعتراض وزير واحد في مجلس الوزراء على الإفادات كان كافياً لوقف تنفيذ العمل بالقرار. وبالنسبة إلى مسؤول الإعلام في نقابة المعلمين في لبنان انطوان مدور، «فإنّ الأساتذة والطلاب رهينة هذه الطبقة السياسية الفاسدة، التي لا تحترم ما تقول، ولا تحترم من تتعامل معه. يظنون أننا مثلهم نطعن بصفوفنا وجماهيرنا، لكننا نحن ما زلنا على مواقفنا ثابتين وكلنا صف واحد». وبشّر مدور الطلاب بأن «السنة الدراسية ستنطلق بزخم، ولن يكون هناك تعطيل»، لكنه شدد على «رفض أي زيادة للأقساط»، قائلاً: «ممنوع المس بالأقساط، ولن نقبل بأي شكل تمويل السلسلة من جيوب الفقراء».
وبدلاً من أن تتناول لجان الأهل في المؤسسات التابعة للجمعيات الدينية مسألة الأقساط، لكون مهمتها الأساسية هي مراقبة ميزانيات المدارس والأقساط، انصرفت إلى تأييد قرار إعطاء الإفادات، وشنت هجوماً على هيئة التنسيق، واصفة إياها بالمتعنة، لكونها «ضربت بعرض الحائط حقوق التلامذة، غير آبهة بمصيرهم ومستقبلهم». واستنكرت اللجان «الإشكالات التي وقعت أمام وزارة التربية بين المعلمين المربّين التربويين على مرأى تلامذتهم والرأي العام»، سائلة عن «مدى إمكان تقبل التلامذة لمعلميهم ومتابعة الدروس والتعليم على أيديهم، بعد ما قاموا به خلال العام الدراسي الماضي، وخصوصاً في المدة الأخيرة برفضهم تصحيح الامتحانات الرسمية، وأخذ التلامذة رهائن للحصول على مطالبهم».
لجان الأهل البديلة كان لها رأي مخالف، إذ استغربت كيف يتغاضى هؤلاء في تأييدهم لقرار الوزير بمنح الإفادات عن حقهم الدستوري في حصول أبنائهم وبناتهم على الشهادات، وهو حقّ يفترض بالدولة ممثلة في وزير التربية منحهم إياه عملاً بأحكام القانون. برأي هذه اللجنة، هذه أول مخالفة على مستوى الحقوق استرضاء لأصحاب المدارس الخاصة لا الطلاب والأهل كما يدّعون. «فالمتضررون هم عموم الطلاب: المتفوقون حتماً، والضعفاء الذين سعوا في الفترة الأخيرة إلى استدراك تأخرهم وعملوا بكد لتأمين النجاح في الشهادة الرسمية، وهم الأغلبية. وبحسب نسبة النجاح في السنة الماضية، التي بلغت نحو 75%، نستنتج أيضاً أن 25 ألف طالب جامعي إضافي سيلتحق بالجامعات الرسمية، وخصوصاً السنة المقبلة، ما سيخلق مشكلة جديدة في قدرة استيعاب الجامعات لهذا العدد الإضافي، وسيؤثر في مستوى التعليم فيها». ثم إن الإفراج عن التلامذة وإنهاء معاناتهم لا يكون، بحسب اللجان البديلة، بمنحهم إفادة تساوي بين المتفوقين والراسبين، فكلاهما سينتقل الى المرحلة الجامعية بالمستوى نفسه، ويتحول المعيار الموحد، أي الشهادة الرسمية، إلى معيار استنسابي بحسب الجامعة، أو معيار العلامات المدرسية التي يمكن تزويرها أو دفع قسط جامعة خاصة. ويتحول «إنهاء معاناة التلامذة» الى معاناة للطلاب في السنة الجامعية الأولى، حيث ستضم السنوات الأولى أعدادا تفوق قدرة الجامعة على استيعابها.
اللجان البديلة سألت: «لماذا لم يصدر عن لجنة الأهل ولجان الأهل واتحادات لجان الأهل في المدارس الخاصة بيان يعبر عن رفضه لزيادات الأقساط في المدارس الخاصة من 2008 حتى اليوم، التي وصلت إلى نسبة 80% زيادة على الأقساط بين 2008 و 2014. وهي لم تجب ما إذا كانت مصاريف المدارس الخاصة ازدادت فعلاً بمعدل 50 إلى 80% في السنوات الست الأخيرة؟ وكيف تبرر غيابها عن دور مراقبة الأقساط والزيادات، بينما تحضر اجتماعات إدانة هيئة التنسيق، الذي هو من خارج صلاحياتها؟».
على خط مواز، علمت «الأخبار» أن مجموعة من الطلاب يتجهون إلى رفع شكوى إلى مجلس شورى الدولة لإبطال قرار الإفادات، وهم في صدد التواصل مع المحامي زياد بارود لمعرفة الإجراءات المطلوبة، وقد اعتصمت مجموعة منهم أمام وزارة التربية أمس لرفض الإفادات «واستعمالنا للضغط على أي جهة كانت».