هو الضيف الذي حل أول من أمس خفيفاً وجميلاً في بيوت غزة ومتابعي حربها في الخارج. حضر «الشبح»، كما يلقبه الإعلام الإسرائيلي، بصوته الهادئ ونبرته الواثقة، ليؤكد في تسجيل صوتي لم تتجاوز مدته أربع دقائق، ألا «وقف لرد المقاومة إلا بوقف الحرب ورفع الحصار».
آخر تسجيل صوتي له كان في أواخر «معركة الفرقان» أو عملية «الرصاص المسكوب» عام 2008. قال «جنرال حماس» آنذاك إن المقاومة منتصرة وستخرج من المعركة أقوى، لكن من هو الضيف؟
الاسم: محمد دياب إبراهيم المصري، المعروف بمحمد الضيف. مواليد مدينة خان يونس (جنوب) عام 1965، لعائلة فقيرة ووالد عمل منجّداً في المنطقة. الرتبة: القائد العام لكتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس. اللقب: أبو خالد، أو «الشبح»، أو «جنرال حماس».
الضيف من صقور القسام. لا يؤمن بالمفاوضات ولا يعدها السبيل إلى تحرير فلسطين، بالنسبة إليه المقاومة هي الحل. يكره الضيف الأنظمة العربية التي يجزم بأنها لن تحرر فلسطين. يؤمن الرجل بالتحالف مع إيران وحزب الله في لبنان، ومع كل من يمد المقاومة في فلسطين بالسلاح. وهو لا ينكر فضل طهران على «القسام» بالتسليح، فهذا «واجب الأمة الإسلامية»، كما ينقل عنه.


كان واضحا أن رسالته
الصوتية موجهة إلى كل
الأطراف بلا استثناء

نجا «جنرال حماس» من أربع محاولات اغتيال تسببت إحداها في حروق في وجهه وفقدانه إحدى عينيه، إضافة إلى إصابته بشلل جزئي. في الحروب السابقة التي خاضتها القسام ضد الاحتلال، كان الضيف العقل الذي يديرها. وفي السلم كان «الشبح» من العاملين على تقوية المقاومة وتسليحها وتدريبها.
عاود الضيف ظهوره بعد غياب دام ست سنوات بتسجيل صوتي قصير، ووجه الرجل الخمسيني كلمته إلى الشعب الفلسطيني، والعدو، ومن يفاوض على وقف النار، إن كانوا في السلطة الفلسطينية، أو جمهورية مصر، أو حتى في المكتب السياسي لحركته حماس.
أعاد التشديد على شروط المقاومة، وعلى أن الحرب مستمرة حتى كسر الحصار عن غزة. أشار أيضا إلى أن المقاومة آثرت «مواجهة وقتل العسكريين وجنود نخبة العدو على مهاجمة المدنيين في قرى الغلاف». بهذه العبارة رسم الضيف خطوط مرحلة جديدة من عمليات الكتائب، في إشارة إلى أنها لا تعتمد على العمليات الاستشهادية كما جرى عام 1996، عندما خطط الضيف نفسه لعمليات استشهادية انتقاماً لاغتيال الشهيد يحيى عياش.
من أصدقاء «أبو خالد»، القيادي في حماس محمود الزهار، الذي اعتنى به شخصياً بعد استهداف سيارته. وأشد المقربين إليه كان الشهيد أحمد الجعبري، نائب الضيف ويده اليمنى.
«الشبح» مجهول المعالم، إذ ما من صور جديدة متداولة له. وقد اعتمد الضيف سياسة تغييب صورته بسبب التشوهات التي أصابته، وكي لا يستخدمها العدو ضد مؤيدي المقاومة. يقول بعض عارفي الرجل إنه «يظهر بين الناس بين مدة وأخرى، ولا يعاني شللا تاما، إذ يمكنه الوقوف والسير، لكن لمسافات قصيرة». أما حياته الخاصة، فهي مجهولة تماماً حتى لمن هم في «حماس». تقول مصادر الحركة إنه «من غير المعروف إذا كان أبو خالد متزوجاً أم لا». دوما سعت إسرائيل إلى اغتيال «الشبح»، الذي أذاقها المر لسنوات مضت. وأمس توعد وزير المالية في حكومة العدو، وزعيم حزب «هناك مستقبل»، يائير لابيد، باغتيال الضيف. وقال لابيد في تصريحات نقلها عنه موقع «تايمز أوف إسرائيل» الإخباري العبري: «لقد كان الضيف متخفياً تحت الأرض في غزة لأسابيع، وسيبقى كذلك»، مضيفاً إنه «رجل ميت، وعاجلاً أم آجلاً سنجده ونغتاله».
هكذا، ستبقى قصة الضيف مجهولة مؤقتاً، ولن نعرف الرجل الذي هزّ العدو إلا عند استشهاده. فقادة المقاومة أينما كانوا تبقى وجوههم وصورتهم الحقيقية مجهولة حتى لحظة استشهادهم.