حقل الشاعر | مع دخول الجيش حقل الشاعر الاستراتيجي للغاز الطبيعي في ريف تدمر، اختلطت مشاعر الحزن مع نشوة الانتصار بعد المشاهد داخل الحقل. أيام قليلة فصلت عناصر الجيش عن السيطرة على أضخم حقول الغاز في البلاد، بعدما سقط في أيدي مسلحي «الدولة الإسلامية». بيان القيادة العامة للجيش السوري جاء واضحاً بالسيطرة الكاملة على حقل الشاعر للغاز في ريف حمص الشرقي، بعد أسبوعين على سيطرة «الدولة الإسلامية» على الحقل، واستشهاد أكثر من مئتين بين جنود وموظفين.
غير أن آباراً مهمة بعيدة بقيت تحت سيطرة تنظيم «داعش»، وأشهرها: بئر الـ105 التابعة لأراضي قرية جزل في عمق البادية السورية. تكتيكات «الدولة الإسلامية» قضت بجعل التلال خط دفاعها الأساسي. يروي أحد الضباط الميدانيين أن مدفعية الجيش تمكنت من عطب دبابة وضعها «التنظيم» على إحدى التلال الكاشفة، قبل أن تستطيع وحدات المشاة من التوغل البري باتجاه الحقل. وبحسب الضابط المشارك في عملية تحرير حقل الشاعر، فإن تحرير تل السيرياتل «زملة المهر» أحدث فرقاً في سير المعركة. ويضيف المصدر أنّ عناصر الجيش نجوا من مجزرة محققة خلال يوم الهجوم الأول، على نقطة عقيربات في ريف حماه، التي تبعد 40 كلم عن الحقل. أمرٌ اضطر العسكريين إلى تأمين حماية للمفرق الواصل حتى طريق حماه، والذي لا يبعد عن تل «زملة المهر» أكثر من 1 كلم.

عثر داخل الحقل
على عنصرين من مجموعات رديفة للجيش على قيد الحياة

في الطريق إلى الحقل تظهر ستائر المسلحين الترابية إلى يمين الطريق. على الطريق يظهر مفرق قرية جحار «الموالية» في عمق الصحراء، وسكانها من البدو. وقد سمّي حقل جحار للغاز الطبيعي باسم القرية الصحراوية.
سيارات رباعية الدفع، ومموّهة بلون الرمال، تقابلك طوال الطريق. تعود السيارات إلى تنظيم «صقور الصحراء» الذي شارك الجيش في عمليته بـ600 مقاتل.
على مدخل الحقل الرئيسي لن يرحّب بك سوى الذباب الشاهد على أقسى مجازر تنظيم «الدولة الإسلامية». مقابر جماعية تكتشفها فرق الإنقاذ الذين يغطون وجوههم بكمامات تمنع عنهم روائح الموت والغازات المتسربة من الحرائق التي سببتها تفجيرات المسلحين في خزّانين ضخمين من خزانات الحقل. على الجدران ترك المسلحون آثارهم أيضاً، إذ وقّعوا كتاباتهم باسم «الدولة السلامية»، أو «الإسلامية»، ما يشي بهوية المقاتلين الذين لا يجيدون العربية.
«وحدات اتصال جنود الخلافة»، عبارة كتبت على كبائن الاتصالات داخل الحقل. وحدات الهندسة واصلت تفجير الألغام، في حين نقلت وحدات المدفعية السورية معداتها إلى نقاط متقدمة أُخرى.
مفاجأة تحرير الحقل تمثلت في العثور على عنصرين من مجموعات رديفة للجيش على قيد الحياة. العنصران اختبآ داخل أحد مخازن المحطة. أحدهما يذكر أنه استطاع سرقة طعام من معلبات خلّفها المسلحون في أحد أقسام المحطة.
ويذكر الجنود أن الجيش باغت المسلحين بالهجوم عبر ثلاثة محاور، واستكمل السيطرة على كامل المرتفعات من الجهتين. «لا يبدو أن المسلحين كانوا يتوقعون مجيئنا بهذه السرعة، إذ إننا دخلنا الحقل فيما كانوا يطبخون الطعام في قدور كبيرة»، يروي أحد الجنود.
إرسال الجيش تعزيزات عسكرية كبيرة وإيهام المسلحين بأن وحداته تدخل الحقل عبر المناورة، عاملان ساهما في إنقاذ الحقل. تفجير المسلحين العبوات داخل المحطة واحتراق جزء منها، لم يمنع الجيش من اختراق خطوط المسلحين، سريعاً، من الجهة الغربية. حصيلة المعركة أكثر من 100 قتيل من المسلحين، بحسب المصادر الميدانية، إضافة إلى عدد من شهداء الجيش. مقار المنامة الخاصة بالعاملين داخل الحقل محترقة بالكامل، في حين لم تقدّر بعد فرق الصيانة حجم الضرر الحاصل ضمن المحطة والآبار المحيطة.