الحسكة | يحمل مشعل، وهو أحد أبناء العشائر السورية سلاحه، ويرابط على الحدود السورية العراقية. مظهره الخارجي يوحي لمن يراه للوهلة الأولى بأنه أحد مسلحي تنظيم «داعش»، لكن من يغوص في التفاصيل سيدرك أنه غير ذلك. فمشعل هو أحد مقاتلي «أبو فارس»، الشيخ حميدي دهام الهادي الجربا شيخ قبيلة شمر العربية، وابن عمّ رئيس «ائتلاف» المعارضة السورية أحمد عوينان الجربا.
يتمتع الشيخ الهادي بنفوذ عشائري على طول الحدود السورية ــ العراقية، ويُدير العمليات العسكرية من مقر إقامته في قرية الهادي التي تبعد 10 كلم عن الحدود العراقية. ويقول الهادي لـ«الأخبار»: «بعد نشوء عدد كبير من التيارات والتنظيمات السياسية والعسكرية المجهولة الهوية، بات لزاماً على أبناء عشائرنا حمل السلاح». ويضيف: «دعانا الواجب إلى الدفاع عن الأرض والعرض والأرزاق ومواجهة الغرباء الذين يتربصون بالمناطق والقرى الحدودية مع العراق». ينتشر مقاتلو الجربا في معظم القرى والبلدات والنقاط الحدودية، إذ تمكن من حشد قوة عسكرية عشائرية تعدادها 3000 مقاتل. ويؤكد أنّه «لن نقاتل داعش فقط، بل لو أن أبناء عمومتنا أغاروا علينا فسنقف في وجههم، وسندافع عن منطقتنا وعشيرتنا وكل مكونات المجتمع هنا، حتى النصر أو الموت دونه». ليست علاقة شيخ قبيلة شمر بالجيش السوري جيدة، ولا تعدّ سيئة أيضاً. طوال سنوات الأزمة لم يحدث احتكاك مباشر، فهو كما يقول: «لا يرى بالجيش السوري عدواً، ولا يبحث عن مواجهته». وحول موقفه من النظام السوري يقول: «إن من يحكم دمشق يحكم الحسكة، فهي جزء لا يتجزأ من سوريا، وإن الحكومة السورية قوية وقائمة لكنها غير موجودة في منطقته، وهذا الظرف الصعب فرض علينا حمل السلاح لتغطية الفراغ الأمني ومواجهة المخاطر».

يحشد الجربا في
القرى الحدودية بقوة تعدادها 3000 مقاتل

تربط الشيخ الجربا علاقة صداقة مع «وحدات حماية الشعب» الكردية التي تسيطر على اليعربية ومعبرها الحدودي، ولا يكاد يمر يوم من دون أن يزوره وفد منهم. أثناء لقاء «الأخبار» معه كان قد ودّع وفد «الإدارة المؤقتة لمقاطعة الجزيرة» برئاسة أكرم حسو، ورئيس المجلس التشريعي للمقاطعة حكم خلو، القياديين الكرديين البارزين، في إشارة إلى تحالف عسكري مع «الوحدات» والأكراد. إلا أن الشيخ رفض الحديث عن تفاصيل اللقاء «السري»، ويؤكد «أنّ العلاقة مع الأكراد تاريخية أسّسها الأجداد وستبقى كذلك». وشاركت القوة العشائرية في الدفاع عن «أبناء عمومتهم» في بلدة ربيعة العراقية، بعد هجمات «داعش» على نينوى، وتمكنوا من تأمين المنطقة بالتعاون مع «وحدات حماية الشعب» و«قوات البشمركة» الكردية، التي باتت تسيطر على بلدة ربيعة الآن.
مصادر «الأخبار» تحدثت أن اللقاء الذي جمع القياديين حسو وخلو مع الشيخ الجربا هو لحث الشيخ الهادي للترشّح لانتخابات حاكم المقاطعة، الذي اعلن «المجلس التشريعي للإدارة الذاتية الديمقراطية» بدء الترشح للمنصب منذ 19 الشهر الجاري ولغاية 29 منه. وترشّح الشيخ الجربا كمرشح وحيد - حتى الآن - مع توقع ترشّح القيادية الكردية جنّار الصالح لتكون الشخصيتين «حاكم مشترك لمقاطعة الجزيرة»، وذلك استناداً للمادة رقم «54» في العقد الاجتماعي «للمقاطعة»، والتي تنص على «اختيار حاكم مشترك: ذكر وأنثى» لمنصب الحاكم في المقاطعة «لتثبت بذلك تحالف» الإدارة الذاتية مع «عشيرة شمر» أبرز العشائر المنشترة شرق سوريا، على مبدأ التشاركية في الحكم.
وليس بعيداً عن هذا المكان، لا يبدو تحالف «وحدات حماية الشعب» وقوات البشمركة حدثاً عادياً؛ فأعداء الأمس هم أصدقاء اليوم، وما عجز عنه كل سياسيي الأكراد نجح فيه «داعش» بتوحيد الصف الكردي (ولو مؤقتاً). يتضح ذلك من خلال انتشار مقاتلي الطرفين في بلدة ربيعة متجاوزين الخلافات والحرب الإعلامية الكبيرة بينهما. حفرت قوات البشمركة خندقاً على طول الحدود مع المالكية، ومعبر سيمالكا مع شمال العراق، ما يشي بأن هناك تحولات في التحالفات في المنطقة يجمعها وقف تمدد «داعش».