الرباط | الـPunk المغربي ممكن. الشباب الذي تختلط أصوات الـ Bass المعدنية بكلماته الحارقة المنتقدة للمجتمع والسلطة والنفاق الاجتماعي، حاضر ولو مغموراً في الواقع المحيط به. هذا ما يحاول أن يعكسه المخرج والكاتب الأميركي شون غوليت (1968) في فيلم «خونة» (2013 ــ 83 دقيقة) الذي طرح أخيراً في الصالات المغربية.
مليكة (شيماء بن عشا) تؤسس مع صديقاتها في طنجة فرقة لموسيقى الـ«بانك» تحمل اسم Traitors. يفتتح الفيلم بالفرقة وهي تحاول تصوير كليب إحدى أغنياتها. تصف الكلمات الواقع. وعبر هذا الواقع بالذات، نكتشف شباباً مغيباً من الجزء الأكبر من الإنتاجات السينمائية المغربية. شباب يكتب موسيقى حديثة ويعيش خارج كل الأطر الاجتماعية. شبان يصيرون «خونة» لهذا الواقع المتواطئ مع تقليدانية في طريقها إلى الزوال. في الفيلم، تقتنع منتجة بأغنية لمجموعة مليكة وتطلب منها تسجيل Demo في استوديو احترافي كي تساعدها في إيجاد شركة إنتاج تخرج ألبومها إلى الوجود. لكن مليكة التي لا تملك المبلغ، تطرد من مركز اتصالات تعمل فيه، فتضطر إلى العمل في ورشة لإصلاح سيارات والدها، بهدف جمع بعض المال لتحقيق حلمها بالنجومية. هناك، تلتقي مروج مخدرات يحاول إقناعها بتهريب مخدرات في سيارة من منطقة «كتامة» (أشهر منطقة لإنتاج الحشيش في المغرب) إلى طنجة.
من أجل المال، توافق الفتاة وتركب مخاطر التهريب. تلتقي بأمل (صوفيا عصامي) بطلة فيلم آخر عن طنجة هو «على الحافة» لليلى الكيلاني. ستساعدها أمل في مهمة التهريب. نلتقي الفتاتين في واحدة من القرى المنتجة للحشيش في منطقة الريف وعلى الطريق إلى طنجة.

يستعدّ لتصوير«طنجة» من
بطولة كريستين سكوت توماس وجيريمي آيرونز

عن صعوبات التصوير في منطقة يطوّقها التعتيم، يقول غوليت لـ «الأخبار» إنّ «الأمر لم يكن صعباً. وجدنا كل الكرم ممن استضافونا هناك». عمل المخرج مع طاقم مصغر خلال تصوير الرحلة، وكانت النتيجة فيلماً ربما هو أول عمل سينمائي يعكس هذا الواقع المغربي بعد عشرات الأفلام الوثائقية.
يتزامن طرح الفيلم في الصالات مع نقاش واسع حول زراعة الحشيش في الأشهر الأخيرة بعدما تقدمت أحزاب للبرلمان المغربي بمشاريع قوانين للعفو عن منتجي الكيف والحشيش من المزارعين الصغار، كي تصبح هذه الزراعة شرعية من خلال استعمال منتجاتها لأغراض علاجية وصناعية.
لا ينجرّ عمل غوليت إلى تشريح الواقع، أو إلى خطاب تقريري. يظل عند قصة رغبة مليكة ورفيقتها في الانعتاق عبر إبداع موسيقى بديلة، وهنا تتحقق معادلة الفيلم. مليكة شابة بديلة أيضاً ومعها نصير أمام جيل جديد/بديل ينهكه الوطن ويجد في الرحيل الحل الوحيد. نعبر مع مليكة أدغال طنجة التي صارت في السنوات الأخيرة تنازع الدار البيضاء صدارة الفضاءات السينمائية. يعمد المخرج إلى تقنية تصوير تشبه الأفلام الوثائقية. يتحرك الإطار كما لو أنّ الكاميرا محمولة على الكتف، ويكون التركيز في أغلب المشاهد على البطلة أساساً، بينما تصير الخلفية ضبابية. يقول المخرج لـ«الأخبار» إنّ «في هذا رغبة في خلق نوع من الذاتية». عبر هذه الذاتية، ننظر إلى الأشخاص الآخرين الذين تظل شخصياتهم منغلقة، ولا ننفذ إلى كل تفاصيلها، وخصوصاً في النصف الثاني من الفيلم الذي يتميز ببعض البطء خلافاً للجزء الأول. ولا تنقذ بعض المشاهد إلا موسيقى البانك المميزة التي تتوافق مع مناظر الشمال المغربي.
يدير غوليت مع زوجته الفنانة المغربية إيطو برادة مؤسسة «سينماتك طنجة»، ويقيمان بين عاصمة البوغاز ومدينة نيويورك. يُعَدّ غوليت من الأبناء المدللين للسينما المستقلة الأميركية منذ بطولته لفيلم «PI» (دارن أرونوفسكي) الحائز جائزة الإخراج في مهرجان Sundance عام 1998. يكتب السيناريو وينتج الأفلام وهو من المخرجين الذين حاولوا التشبث بالسينما المستقلة بدل البحث عن الشهرة والإسهام في إنتاجات هوليوودية ضخمة. أسس منظمة «212 Society» التي يطمح عبرها إلى دعم الثقافة والإنتاج الإبداعي في المغرب. عشق المخرج للمغرب جعله يدعو العديد من المخرجين العالميين إلى طنجة حيث يقدمون أعمالهم. كذلك يعمل على مشروع فيلم آخر بعنوان «طنجة»، يؤدي بطولته هذه المرة النجمان الحائزان جوائز «أوسكار» كريستين سكوت توماس وجيريمي آيرونز.





فيلم قصير

بداية، أنتج المخرج والممثل شون غوليت «خونة» عام 2010 كفيلم قصير، بدعم من «مؤسسة الشارقة للفنون». قبل أن يقرر تحويله إلى فيلم طويل (من إنتاج مغربي أميركي)، فأبصرت النسخة الروائية الطويلة النور عام 2013، وشارك الشريط في أكثر من مهرجان دولي كـ«البندقية»، و«استوكهولم»، و«دبي»، و«ترايبيكا»، و«مراكش» قبل أن يُطرح في الصالات السينمائية المغربية أخيراً.