عودة مشروع التقاعد والحماية الاجتماعية

ابتداءً من الأسبوع المقبل، سيصبح مشروع قانون التقاعد والحماية الاجتماعية أحد «نجوم» المجلس النيابي. النائب عاطف مجدلاني الذي يرأس اللجنة الفرعية المكلّفة من اللجان المشتركة بدرس المشروع، قال لـ«الأخبار»: «إن الموافقة على فصل صندوق التقاعد والحماية الاجتماعية عن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي شكّلت حافزاً للبدء بمراجعة بنود المشروع وإعداد تقرير بشأن التعديلات التي نتفق عليها، تمهيداً لعرضها على اللجان المشتركة ثم على الهيئة العامة».

الموافقة التي تحدّث عنها مجدلاني وردت على لسان النائب ياسين جابر (كتلة الرئيس نبيه بري) في جلسة لجنة المال قبل يومين. وقد أوضح جابر في اتصال مع «الأخبار» أن المشروع المطروح أمام لجنة المال، أي الضمان الصحي للمتقاعدين، يؤدي إلى تفسيخ مشروع التقاعد والحماية الاجتماعية الذي توقف البحث فيه نهائياً قبل نحو ثلاث سنوات من دون مبرّر واضح، علماً بأنه مشروع مطروح منذ أكثر من 51 عاماً. ويشير جابر إلى أنه «لا مانع لدينا من أن يكون صندوق التقاعد منفصلاً عن صندوق الضمان. فيبقى الضمان الصحّي في مكانه الطبيعي، أي في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ويفصل عنه نظام تعويض نهاية الخدمة، الذي سيتحوّل إلى صندوق يمنح المعاش التقاعدي للمنتسبين». إلا أن جابر يشير إلى أن ضرورة توسيع قاعدة المنتسبين أو الذين يحق لهم الانتساب والمشاركة في الصندوق التقاعدي».
فكرة جابر مبنية على الاقتراح الوارد في مشروع قانون التقاعد، وتفتح الباب أمام الفئات المشمولة بالضمان الاختياري للانتساب إلى صندوق التقاعد والاستفادة من معاش تقاعدي. هذه الفئات تشمل: الاشخاص الذين يقومون بأعمال أو يؤدّون خدمات لحساب أزواجهم أو أصولهم أو فروعهم المباشرين، العمال المستقلون (غير الزراعيين وغير الأجراء) الذين يعملون لحسابهم الخاص، أصحاب العمل الذين يستخدمون أجراء مسجلين في الصندوق. فإذا أضيفت هذه الفئات إلى الفئات المنتسبة حالياً إلى الضمان الاجتماعي فسيكون مشروع «التقاعد والحماية الاجتماعية» أوسع بكثير من مشروع «ضمان المتقاعدين»، علماً بأنه سيبقى أقلّ من مشروع «التغطية الصحية الشاملة» الذي يعطي الحق لكل اللبنانيين في الاستفادة من الضمان الصحي المموّل من الضريبة.

ويشير جابر إلى أنه بنتيجة الاتصالات التي أجراها مع أعضاء من مختلف الكتل النيابية، فقد أظهر النواب حماسة من أجل الغوص في المشروع مجدداً، «فلماذا لا يطرح المشروع علماً بأن نقطة الخلاف التي يشار إليها حول الفصل يمكن التفاهم عليها والتوصل إلى اتفاق بشأنها؟».
وبحسب مجدلاني، فإن مشروع التقاعد والحماية الاجتماعية بصورته المنفصلة عن الضمان الصحي، يتطلب بعض التعديلات على المشروع السابق «وسنبدأ في الاسبوع المقبل اجتماعات للجنة الفرعية لمراجعة كل المواد، فإذا تبيّن أن هناك خلافاً على إحدى المواد فسنجري التعديلات اللازمة عليها وسنرفع تقريراً إلى اللجان المشتركة فيها. سيتطلب الأمر بضع جلسات، لكننا سنحاول أن ننهي الأمر بسرعة».
في النسخة الأخيرة من مشروع التقاعد والحماية الاجتماعية التي عرضت على اللجان النيابية المشتركة والتي ردّها رئيس مجلس النواب نبيه برّي إلى لجنة فرعية، كان هناك خلاف حول أكثر من نقطة، ما حال دون إقرار المشروع. النقطة الأكثر حساسية هي تلك المتعلقة بالتمويل وطريقة التمويل. ففي ذلك الوقت لم يصر إلى الاتفاق على حصّة كل من العمال وأصحاب العمل والدولة من الاشتراكات الواجبة للصندوق والتي حدّدت بمعدل 17% من الراتب، إذ كان أصحاب العمل يفضّلون ألا تزيد حصتهم على 10% وأن يدفع العمال 6% مقابل 1% من الدولة. لكن العمال اقترحوا في ذلك الوقت أن تكون حصّتهم 3% وأن تزيد حصّة الدولة وحصة أصحاب العمل لتلبي المعدل النهائي المطلوب. كذلك، لم يتم الاتفاق على الحد الأدنى للمعاش التقاعدي ولم يحسم في اتجاه، فهل يكون 65% من الحدّ الأدنى للأجر أو 85% منه أو ما بينهما. أيضاً من نقاط الخلاف الاساسية أن الرئيس نبيه برّي كان يرفض فصل صندوق التقاعد عن صندوق الضمان، علماً بأن الآراء الحيادية كانت تشير إلى أن الفصل ما بينهما أمر جوهري نظراً إلى اختلاف طبيعة عمل كل منهما. فالضمان الصحي يختلف بصورة جذرية عن استثمار الاموال ودفع المعاشات التقاعدية.
وكان المشروع، وفق توصيف مدير المرض والأمومة السابق جميل ملك، يمثّل «مجزرة بحقّ العمال». فالمشروع الذي عرض على اللجان المشتركة وأعيد إلى اللجنة الفرعية، كان مبنياً على أساس قاعدة الرسملة، أي الحساب الذي تتجمع فيه أموال الاشتراكات العائدة للمنتسب وتتجمّع معها عوائد استثمار المبلغ لتتحوّل في النهاية إلى معاش تقاعدي... فهذه القاعدة ليست تكافلية، إذ كان يجب أن تضمن الدولة القدرة الشرائية لهذا المعاش التقاعدي وكفالتها لتأمين الحد الأدنى من المعاش التقاعدي أيضاً، لا أن يتحمل الاجير كل المخاطر، وبالتالي احتمال تطيير قيمة معاشه التقاعدي.
كذلك كان واضحاً أن المشروع المطروح يلغي أولئك الذين تجاوزا سن الـ55 وهم الذين حرموا من الانتساب إلى المعاش التقاعدي، علماً بأنهم يمثّلون الاكثرية بين المنتسبين إلى الضمان، وهم الأكثر حاجة إلى معاش التقاعد وإلى الضمان الصحي بعد التقاعد.
واللافت في المشروع المردود إلى اللجنة الفرعية أنه لا قاعدة ترعى احتساب المعاش التقاعدي، بل ترك الامر ليجري تحديده في إطار النظام الداخلي الذي سيصدر لاحقاً.

الأكثر قراءة

محتوى موقع «الأخبار» متوفر تحت رخصة المشاع الإبداعي 4.0©2025

.يتوجب نسب المقال إلى «الأخبار» - يحظر استخدام العمل لأغراض تجارية - يُحظر أي تعديل في النص، ما لم يرد تصريح غير ذلك

صفحات التواصل الاجتماعي