سياسة «النأي بالنفس» التي فُرضت على الدولة في تعاملها مع قضية اللاجئين السوريين، باتت تهدد بمخاطر جمّة وتشجّع على الصدام بين المجتمعات المحلية واللاجئين المقيمين في ظل أوضاع مأسوية. ففي الكثير من البلدات التي احتضنت أعداداً من اللاجئين السوريين تفوق قدراتها على التحمّل والاستيعاب، تنطلق دعوات وتحرّكات لإزالة المخيمات العشوائية التي انتشرت في غير منطقة في لبنان.
ففي بلدة مجدل عنجر اعترض بعض أصحاب المحالّ والمصالح على تزايد أعداد النازحين في البلدة، وطالبوا البلدية والهيئات المعنية بوضع حد لما اعتبروه تجاوزات، مهددين بأن يكون لتحرّكاتهم المقبلة أثر!
وفي قب الياس، التي تستوعب أكبر عدد من النازحين في البقاع الأوسط، منعت البلدية منذ أسبوع إقامة مخيم للنازحين السوريين وأزالت الخيم الموجودة على العقار رقم 262 في سهل قب الياس - حي التفاحة. أتى هذا القرار بناءً على عريضة موقعة من بعض سكان المنطقة وأصحاب البساتين، الذين اعتبروا فيها أن هذه المنطقة تضم بيوتاً سكنية وفيلات، وبساتين أشجار مثمرة هي مصدر الدخل الأساسي لأصحابها.

أزالت البلدية مخيماً يقع على العقار رقم 262 في سهل قب الياس ـ حي التفاحة

وجاء في العريضة أنه «حرصاً على إبقاء هذه المنطقة ذات الطابع المميز زراعياً وبيئياً، نطالب البلدية بإزالة المخيم من وسط هذه المنطقة؛ لأنه يسيء ويجلب الضرر على سكان الحي والبساتين والعقارات».
قيام شرطة البلدية بتنفيذ القرار بإزالة المخيم أثار سخط اللاجئين فيه، متهمين البلدية وشرطتها بإزالة الخيم دون وجه حق، والتعدي على الساكنين في الخيم. وقال أحد القاطنين: «نحن نقيم على أرض يملكها رئيس بلدية المرج ونحن نملك عقداً نظامياً». ولفت إلى أن الاعتراض جاء من جار لهم، لا يريد سوريين في جواره، «هددنا إذا ما أُزيلت الخيم سيشعل فيها النار». وقالت امراة من سكان الخيم، وهي تلطم وجهها: «وين نروح نحن وولادنا، ما عنا الإمكانية نستأجر بيوت، حرام اللي بيعملوه فينا». فيما أشار محمد الحسن من سكان المخيم: «ما بننكر أن البلدية حضنتنا وأمنت لنا كل ما نريده، لكن نحن أخذنا هذه الأرض، ضمان من مالكها رئيس بلدية المرج».
أحد موقّعي العريضة قاسم العمقي، قال: «نتضامن مع الإخوة اللاجئين السوريين»، إنما المصلحة العامة تقتضي أن لا يكون هناك ضرر لأبناء قب الياس وأبناء العقارات الموجودة، إن هذه المنطقة التي يسكنون فيها هي منطقة فيلات ومنطقة زراعية، ونحن بيهمنا أن نحافظ على بيئتنا وأن نحافظ على الزراعة وأن نحافظ على أمننا». ورأى أنّ «من المعيب أن يقوم شخص بتأجير قطعة أرض بأسعار مرتفعة، مستغلاً آلام النازحين وحاجتهم للسكن، في مقابل أن يلحق الضرر بالمنطقة المحيطة. وهذا ضرر للجميع في سبيل منفعة لشخص واحد».