لو كان هناك مجلس للجامعة اللبنانية، لما تفردت إدارتها بقرارات أحادية غير مدروسة. لو كان المسؤول الأكاديمي يشعر بأنّه يواجه رابطة قوية تجرؤ على أن تسمي الفاسد باسمه، لما جرؤ هو على الإفساد في الجامعة والمسّ بالحقوق المكتسبة لأساتذتها. هذه بعض القناعات التي عبّر عنها مندوبو رابطة الأساتذة المتفرغين. رأى د. حسان حمدان أنّ الرابطة تعيش سيكوزوفرينيا وتنتظر دائماً ضوءاً أخضر من المراجع الطائفية والمذهبية بعدما باتت سلعة بين أيديها. لذا هناك جفاء بين قيادة الرابطة وقواعد الأساتذة التي لا تثق بجدوى عملها، على حد تعبير د. عصام عبيد.
لم يفهم المندوبون والهيئة التنفيذية للرابطة على السواء «الخلفيات وراء دعوة إدارة الجامعة الطلاب إلى تقويم أساتذتهم، فيما يجب أن يكون التقويم للجامعة كمؤسسة بمبانيها وأنظمتها وقوانينها وبرامجها وأساتذتها».
وقال رئيس الهيئة التنفيذية د. حميد الحكم: «بعثنا إلى رئاسة الجامعة رسالة مفصلة سألنا فيها ما إذا كان التقويم سيكون أكاديمياً أو أكاديمياً سياسياً أو سياسياً ومذهبياً». وانتقد رئيس مجلس المندوبين د. جورج قزي الآلية سائلاً: «إلى من ستذهب المعلومات؟ من سيقرأها بغياب مجلس الجامعة؟ من سيشرف على المحاسبة في ما بعد؟». وأكد د. عامر حلواني أنّ تقويم الأستاذ من طلابه يكون في المرحلة الأخيرة، بعد أن تكون الجامعة قد وفّرت فرصاً متكافئة في تعيين الأساتذة أنفسهم «أيهما أهم، تقويم الأستاذ قبل دخوله الصف أم في الصف؟ ثم ألا يقوّم الطالب أستاذه بناءً على علامة نجاحه أم انتمائه السياسي؟». ورأى عضو الهيئة التنفيذية د. محمد صميلي أن الأستاذ يجب أن يقوّم أولاً من اللجان العلمية، وهذا ما لا يحصل.
قضيتان تفصيليتان أخريان استحوذتا على حيّز من النقاش في الجلسة: القرار 669 الخاص بتعويضات المراقبة والتصحيح، واستمارات «استخبارية» تطلب من الأساتذة معلومات عنهم يفترض أنّها في حوزة الجامعة منذ دخولهم إليها.

تعويضات اللجان الفاحصة منصوص عليها في القانون 12/81 والمرسوم 6011
تماشياً مع سياسة ترشيد الإنفاق، كما جاء في القرار، حصر رئيس الجامعة تعويضات اللجان الفاحصة بامتحانات سنوات الإجازة والماستر والامتحانات النهائية والفصلية وامتحانات الدورة الثانية، على أن تصحح مسابقات الامتحانات في جميع المستويات التعليمية من قبل مصححَين اثنين، وتحتسب تعويضات التصحيح بمعدل 1.5 بدلاً من اثنين من أجر التصحيح.
هنا شدد الحكم على أنّ التعويضات منصوص عليها في القانون 12/81 والمرسوم 6011، سائلاً عن أسباب القضم الحاصل، هل هو التقشف؟ في وقت تغدق فيه الأموال على المستشارين الذين تغصّ بهم أروقة الجامعة وعلى اللجان التي أثبتت التجارب عدم جدوى معظمها، وكذلك على مكافآت لا ندري ما هي طبيعتها!
أساتذة كلية إدارة الأعمال كانوا أكثر المعترضين على القرار، وقد بدأوا إضراباً طوال الأسبوع الماضي، وهم سيقررون مصيره في جمعية عمومية يعقدونها اليوم. وقال د. عبد الله رزق إن «القرار يطاولنا مباشرة ككلية؛ إذ لا نستطيع أن نستغني عن الامتحانات الجزئية، نظراً إلى وجود أعداد كبيرة من الطلاب، ولا يمكن أن نقوّمهم إلا بواسطة هذه الامتحانات، ومن دون تعويضات لا امتحانات». وتدخل صميلي ليقول إن الخطورة في هذا الملف هي في الجانب الأكاديمي، نظراً إلى أهمية التصحيح الثاني في حماية النتائج ومستوى الكليات.
وفوجئ أساتذة إدارة الأعمال وأساتذة آخرون بإجبارهم على ملء استمارة لا يعلمون ما هو مصدرها ولمصلحة من سيملأونها، ولفتهم فيها سؤال عمّا إذا كان الأستاذ يدرّس في كليات الجامعة اللبنانية أو في المدرسة الحربية بالتعاقد أو في جامعة خاصة أو في مدرسة أو ثانية خاصة، مستغربين العبارة الأخيرة فيها: «إن إعطاء أي معلومة تعرّض صاحبها للملاحقة الجزائية».
وتصدّر المطلبان الملحان، أي تعيين عمداء أصيلين وتفرغ الأساتذة المستحقين، لائحة مطالب متمثلة بإدخال الأساتذة المتفرغين إلى الملاك، إصدار قانون تسوية المعاش التقاعدي للأستاذ الذي يجب أن يكون على جدول أعمال الهيئة العامة لمجلس النواب غداً، وإيجاد حل عادل للمحسومات التقاعدية.
كان لافتاً ما اقترحه رئيس مجلس إدارة صندوق التعاضد د. علي الحسيني لجهة تطبيق خطة لتفريغ الأساتذة على دفعات؛ إذ لا يعقل تفريغ 4200 أستاذ متعاقد مستوفين للشروط دفعة واحدة. وبما أنّ تعيين العمداء في مجلس الوزراء كذبة كبيرة، كما قال، فالمطلوب الضغط باتجاه شطب القرار 42 بتاريخ 17/3/1997 ليعود التعيين من صلاحية مجلس الجامعة. أما ترشيد الإنفاق فيكون ـ بحسب الحسيني ـ بإعادة عائدات رسوم الطلاب إلى الجامعة بدلاً من أن يأخذها مجلس الوزراء زوراً وبهتاناً، ما يؤمن 14 مليار ليرة لبنانية. برأيه، لا يجب تعليق أهمية كبيرة على الاستمارة، والعبارة الأخيرة إدارية وليست قضائية.