هل سيستقيل رئيس الحكومة تمام سلام اليوم؟ أم أنه حسم أمره وأرجأ استقالته إلى يوم السبت المقبل؟ بين هذين الخيارين انحصرت خيارات مصير الحكومة التي لم تتمكن مكوناتها من الاتفاق على بيان وزاري. رغم ذلك، لا يزال تيار المستقبل يصر على أن سلام لن يستقيل. المحاولة الأخيرة للتوصل إلى اتفاق كانت أمس، من خلال مندوب النائب وليد جنبلاط، الوزير وائل أبو فاعور، الذي اتصل بالرئيس فؤاد السنيورة وبمدير مكتب الرئيس سعد الحريري، نادر الحريري، فاتأه الجواب الآتي: نقبل بصيغة تنص على «حق لبنان واللبنانيين بالمقاومة (...) والتحرير (...)»، تحت سلطة الدولة أو ضمن مسؤولية الدولة أو في كنف الدولة أو بناءً على قرار الدولة.
كانت الاتصالات مقطوعة بحزب الله، فاتصل أبو فاعور بالوزير علي حسن خليل، الذي أجاب برفض صيغ السنيورة والحريري، لافتاً إلى أن صيغة البيان الوزاري التي جرى الاتفاق عليها تتضمن تأكيد سلطة الدولة في أكثر من موضع، وبالتالي، لا داعي لربط قرار الدولة بالمقاومة. وبعد إبلاغ الرئيس تمام سلام بنتيجة المشاورات، أكد أنه سيستقيل اليوم. وبعد اتصالات أجريت به، قبل بإرجاء تنفيذ قرار الاستقالة إلى ما قبل 48 ساعة من انتهاء المهلة الممنوحة للحكومة للاتفاق على بيان وزاري، أي يوم السبت المقبل. وحتى ساعة متأخرة من ليل أمس، لم يكن أحد من المعنيين بالمفاوضات يملك تفسيراً منطقياً لانهيار التوافق الذي أمّن ولادة الحكومة.
وكان رئيس المجلس النيابي نبيه بري، قد أكّد خلال لقاء الأربعاء النيابي «أننا لن نتنازل عن حرف واحد من حروف المقاومة»، واستعرض دور المقاومة وإنجازاتها في مواجهة الاحتلال، شارحاً «الأسباب التي تجعلنا نتمسك بهذا الموقف».
وسأل بري: «أليست الحكومة حكومة المصلحة الوطنية؟»، لافتاً إلى أن «هذه المصلحة تتجسد بضرورة تمسكنا بالمقاومة، حرصاً على ثروتنا إضافة إلى ردع الاعتداءات وموضوع السيادة، فلماذا نريد أن تكون المقاومة ممنوعة من صرف الخدمة الوطنية؟».
وشرح بري أهمية المقاومة، قائلاً: «لم أوافق على القرار 1701 إلا بعد التعهد وتأكيد تفاهم نيسان الذي اعترف بالمقاومة، ثم أيضاً هناك المياه»، مذكّراً بأن «مزارع شبعا ليست شيعية، بل هي لبنانية». ولفت إلى أنّه سينتظر أن يردَه البيان الوزاري حتى منتصف ليل الاثنين، فإذا لم يصله، فسيتّصل برئيس الجمهورية ميشال سليمان ويطلب منه إجراء استشارات نيابية لتكليف رئيس حكومة جديد.
وبرغم مواقف بري المتشددة في موضوع المقاومة، أكدت مصادر عين التينة أنه ليس متشائماً، وهو يرى أنه «لا يزال هناك إمكانية للاتفاق في جلسة الحكومة، وعقد تفاهم بين جميع الأطراف». وأوضحت أنه خلال حديثه مع النواب لفت إلى «أن الصيغة التي توصل إليها مع النائب وليد جنبلاط أخيراً، لم تطرح، بسبب السلبية التي تعاطى بها البعض داخل اللجنة».
واستغربت المصادر ما وصفته «بالحضور الحاشد للنواب خلال لقاء الأربعاء»، خصوصاً من قِبل «تكتّل التغيير والإصلاح» الذي حضر عدد كبير من نوابه للقاء برّي.
من جهتها، أبدت مصادر وزارية في فريق الرابع عشر من آذار، استغرابها «وجود عقد عرقلت الوصول إلى اتفاق بشأن البيان الوزاري، خصوصاً بعد نجاح الأطراف السياسية في تشكيل حكومة جامعة». وإذ أكدت أن الاتصالات مفتوحة بين رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، ورئيس الحكومة تمّام سلام مع عدد من الشخصيات السياسية المؤثرة بهدف إيجاد مخرج، أشارت المصادر إلى أن «عدم الاتفاق يعني وجود قرار خارجي بعدم توفير ظروف تسمح لحكومة كاملة الصلاحيات بالاستمرار»، ويكون «هذا القرار أول الغيث للوصول إلى الفراغ الرئاسي».
ولفتت المصادر إلى أن «استقالة الحكومة ليست مرتبطة بالبيان الوزاري؛ لأن الأسباب التي تؤدي إلى الاستقالة، لا تذكر موضوع الثقة»، لكن «يمكن أن يقرر سلام الاستقالة لأسباب سياسية»، مؤكّدة أن «كلامه في الجلسة الأخيرة للجنة صياغة البيان أوحى بوجود نية للاستقالة، مع العلم أنه لم يذكرها أمامنا». بدوره، أكد وزير البيئة محمد المشنوق أن سلام يريد وضع حد لما يجري في قضية البيان الوزاري ولا ينتظر أن يُقال له إنه ستجري استشارات نيابية لتكليف شخص جديد رئاسة الحكومة.
وفيما أكد عضو كتلة المستقبل النائب هادي حبيش، أنه إذا لم يتم الاتفاق على البيان الوزاري فإن وزراء 14 آذار سيستقيلون، ربطت مصادر الكتلة مصير الحكومة بالتطورات الدولية. واعتبرت أن «عمل لجنة صياغة البيان الوزاري كان نوعاً من المماحكة يهدف إلى الحفاظ على الاستقرار والتوتير في آن واحد». وأكدت أن «لبنان هو جزء من منظومة توتر إقليمي ودولي»، وعلى هذا الأساس «لا يزال لبنان مطروحاً على جدول الأعمال الدولي، والاستقرار فيه يُعد حالياً مطلباً دولياً». وبالتالي، ترى هذه المصادر أن «كل ما يحكى عن مهل دستورية تقيد عمل صيغة البيان لا أساس لها من الصحة، لأن البيان الوزاري يقف عند حدود ما يُتفق عليه دولياً». وإذا «ضغط المجتمع الدولي باتجاه تمديد المهل، فسنشهد الكثير من الاجتهادات الدستورية»، معتبرة أن «المطلوب اليوم ليس استقالة الحكومة».
من جهته، أكد وزير الدولة لشؤون مجلس النواب محمد فنيش، أنه «لا يمكن الجزم بأن التوافق حول البيان مستحيل ما دام هناك وقت باقٍ»، لكنه رأى أن «هذا الأمر رهن نيات الفريق الآخر». فيما أوضح وزير الخارجية والمغتربين في حديث تلفزيوني أن «هناك أملاً في معرض سؤال عن الاتصالات التي يجريها على خط المستقبل لإنجاز البيان الوزاري».
من جهته، استبعد وزير الصحة وائل أبو فاعور «حصول إنجازات قريبة بموضوع البيان الوزاري»، مؤكداً أن«الحل يكون في صيغ لغوية ويفسرها كل بما يريد».
ووسط الانقسام الداخلي الحاد شنّ وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق هجوماً عنيفاً على حزب الله وإيران وسوريا. واعتبر «أن ظواهر العنف أسبابها السياسية والاستراتيجية ناجمة عن التدخل الإيراني والتدخل السوري في الداخل اللبناني».
من جهته، أعرب رئيس الوزراء وزير الداخلية القطري عبد الله بن ناصر بن خليفة عن حرصه على حياد لبنان عن النزاعات العربية. وشدد بعد لقائه المشنوق على رأس وفد أمني على أن «الصلات الأمنية مع لبنان ستبقى مستمرة». وزار المشنوق وزير الداخلية السعودي محمد بن نايف بن عبد العزيز «الذي أبدى رغبته بزيارة لبنان قريباً، ووجه دعوة للوزير المشنوق لزيارة السعودية»، بحسب بيان رسمي صدر بعد اللقاء.
إلى ذلك، أكد الممثل الخاص للرئيس الروسي فلاديمير ‏بوتين في الشرق الأوسط، ونائب وزير الخارجية الروسي ‏ميخائيل بوغدانوف أن «روسيا تؤيد إعلان بعبدا بالمطلق»، ودعا جميع الأجانب للانسحاب من سوريا فوراً.
وأشار في حديث تلفزيوني إلى أن «النأي بالنفس عن الأزمة السورية أيدناه وقلناه للرئيس ميشال سليمان والشخصيات البارزة في بيروت، وطلبنا من الجميع أن ينسحبوا من سوريا ويجلس السوريون أنفسهم إلى طاولة التفاوض ليتفقوا على المخرج». وتمنى حصول استقرار في ‏لبنان، وسنكون سعداء فيما لو وافق الأميركيون عليه أيضاً».
في مجال آخر، تابع الوزير باسيل قضية المطرانين المخطوفين يوحنا إبراهيم وبولس اليازجي والمصور الصحافي سمير كساب، مع السفير التركي في لبنان إنان أوزلديز، وطلب منه مساعدة تركيا ونقل رسالة إلى نظيره التركي في هذا الخصوص. كذلك اتصل باسيل بنظيره القطري خالد العطية، وبحث معه في موضوع المطرانين والمصور كساب.