1- القاتل
لا. لم يكفه أنه قتلها بجرعات عنف على مدى 15 عاماً، ثم تزوج عليها، ثم ضربها ضرباً مبرحاً، وأحرقها وخنقها أمام والدتها، ثم منع عنها 3 فرق إسعاف، منع الجيران، وحبس الأهل، ثم سحلها مدماة ومغمى عليها أمامهم وهم يتوسلون إليه أن يتركها، ليسمح، بعد «مشوار» ساعتين مع شقيقها بأن تنقل الى المستشفى حيث توفيت بنزف داخلي.

لا، لم يكفه كل هذا، فها هو يحاول بعد دفنها بأيام، أن يطعنها مرة أخرى، ولكن هذه المرة في شرفها، ليبرّر جريمته!
كم مرة قتل محمد النحيلي منال؟
لا يصدق! حقيقي ولا يصدق. هكذا علمنا أن زوج منال عاصي، سلم نفسه في عطلة الأسبوع الماضي الى السلطات بناءً على نصيحة محاميه. سلّم نفسه نادماً؟ مستهولاً ما فعله؟ أبداً. بل بعدما أمّن «منفذاً قانونياً» من «حبل المشنقة»، بحياكته «رواية» تهدف إلى إيجاد أعذار تخفيفية لجريمته التي، لو حكم بسببها حتى بالإعدام، فإن الناس لن يشعروا بأنه نال قصاصه العادل! هكذا، و«للمصادفة العجيبة»، وفي التوقيت ذاته الذي سلم فيه المجرم نفسه للسلطات متهماً زوجته التي قتلها للتوّ بالزنا، سلّم شخص آخر نفسه للسلطات المعنية على أساس أنه ... عشيق منال!
من ادّعى عليه ليسلّم نفسه؟ كيف يتهم نفسه و ... القتيلة، بجرم الزنا، من دون أن يكون هناك أي دعوى مرفوعة عليه؟
هل هناك فضيحة أكبر من هذه؟ هل هناك أوضح من هذه المحاولة لتضليل العدالة والهروب من القصاص؟ نعم هناك: هذا المجتمع الذي أنجب محمد النحيلي، سوف يحميه بهذه الرواية.
أي عقاب قليل على هذا المجرم، حتى لو طبقنا مبدأ العين بالعين، فلن يكفي جسد محمد النحيلي بكامله لاستيفاء دين منال.

2- القتيلة

لا. لم يكفها أنه ضربها على مدى سنوات زواجهما. ظلت تحبّه. ثم تزوج عليها فغضبت وضربها، سكتت وظلت تحبّه. ثم عشق وهجرها، فشتمت العشيقة وكرهتها، أما هو؟ فظلت تحبّه. أراد الزواج بثالثة، ثارت عليه فضربها. لكنه، وقد اعتاد منها الخضوع، وأن تظلّ تحبه بعد كل «حفلة»، كونها تعتقد كما ربوها بأن الرجولة في ما يقوم به، استرسل في ضربها. هل كان يستشعر لذة مريضة في ذلك؟ وهي؟ كيف تحتمل كل هذا الضرب؟ بم تحسّ حين يضربها؟ ربما تظن أنه يحبها. وأنه لولا ذلك لما رفع يده عليها. الضرب علامة الاهتمام؟ هكذا تظن بعض النساء. هل كانت منال تعتقد بذلك أيضاً؟ لا أعرف. ولكن ما أعرفه أنه لا مبرر لسكوتها. ربما تفاقم الأمر في المرة الأخيرة لأن هذا الإيمان بأن زوجها يضربها لأنه يحبها اهتزّ مع إعلان رغبته في الزواج بثالثة. هنا، ربما تكون قد فهمت أخيراً بأن الضرب ليس علامة الحب، لكن الوقت كان قد فات. ماتت منال.

3- إني «أتّهمنا»

كان كلما ضربها، تهرب الى أهلها، فيتدخلون بخجل، يذكّرونه بالدين وبالرأفة، وتارة يذكّرونها هي بالجرصة والفضيحة والأولاد. كأن ضربها على مسمع ومرأى من الجيران ليس جرصة: طبيعي، «رجّال طالع خلقه على مرتو شو خصّنا؟». تفاهم بين الرجال في مجتمع مريض بالذكورية. ذكور خائفون على رجولتهم المهانة بالفقر والبطالة وهشاشة المجتمع، يتضامنون في ما بينهم.
هكذا، اجتاحته تلك النوبة من العنف. العنف مسكر كالكحول، وخاصة إن كان مطلقاً بدون مقاومة، تعاطي العنف يوصل الى نوع من النشوة تماماً كالمخدرات، انتشى المجرم بغضبه و ... خضوعها. الخضوع، عكس ما تظن النساء، مادة تؤجج نار الغضب، هكذا، أحبّ أن يطوّر المشهد الذي كان بطله، تفنن: اتصل بأمها وأختها: تعالي خذي بنتك عالقبر أنا قتلتها. جاءتا. فأعاد ضربها أمامهما وهي مغمى عليها. ثم حبس الأم في الغرفة مع ابنتها التي كانت تحتضر. صدّ توسلات الأم وسيارات الإسعاف الواحدة بعد الأخرى. لا أحد يحاسبه: لم لا يفعل أكثر؟ الجيران الذين أطلّوا من شرفاتهم على صوت شقيقتها المستغيثة، فضّلوا عدم التدخل. «بكرة بيرجعوا مع بعضن، ومنطلع بسواد الوج». هكذا قالوا ربما، أو ربما قالوا «يا داخل بين البصلة وقشرتها ما بينوبك إلا ريحتها». الجيران خائفون: بمن يتصلون في دولة شريعة الغاب؟ اتصلوا بالدرك، لكن أحداً لم يات. جاء شقيقها. ترك أخته في الداخل مقفلاً عليها مع الوالدة، وأخذ صهره القاتل لـ ... «يروّقه»، وأقنعه «بعد ساعتين» بأن يتركهم يأخذوا أخته الى المستشفى.
كيف لم يقتله؟ كيف لم يقتله أحد منهم؟ لا أعرف! ليس محمد النحيلي وحده القاتل. ولا المجتمع الذكوري وحده، وحتى القتيلة ليست بريئة تماماً. أما البرلمان الذي يحاول التملص من قانون العنف الأسري كما يجب أن يقرّ، فهو المسؤول الأكبر.
وبانتظار ذلك، سنفعل كل ما بوسعنا لكي لا يساهم القضاء، عبر بعض أجهزته، بقتل منال مرة أخرى، وذلك بالسماح لقاتلها بالنفاد من العقوبة بروايته الأخيرة عن شرفها.
لا. هذه الطعنة لن تصل إلى جسدك يا منال.