كثفت إسرائيل تهديداتها و«عرض عضلات» جيشها، في الآونة الاخيرة. يكاد لا يخلو يوم من موقف أو تقرير أو مقابلة، ومنها ما هو مشغول مباشرة من قبل الناطق العسكري، تحذر من قدرات حزب الله العسكرية، وتؤكد في الوقت نفسه «جبروت» الجيش الاسرائيلي وتفوقه، وجاهزيته للحرب المقبلة مع الحزب.
قادة مناطق وفرق وألوية أدلوا بما لديهم، ولم يتبق إلا قادة الكتائب والسرايا. ثقة الضباط الاسرائيليين تبدو مفرطة، الى حد يدفع المتابعين إلى التساؤل عن سبب امتناع تل أبيب عن شن الحرب الموعودة وإنهاء حزب الله دفعة واحدة، ما دام التفوق تاماً والجاهزية قائمة والنصر في متناول اليد!
آخر التصريحات صدر عن وزير الشؤون الاستخبارية يوفال شتاينتس الذي حرص على التأكيد أن حزب الله لا يملك سلاحاً كيميائياً، ولم يضع يده على جزء من هذا السلاح، قبل عملية تفكيكه في سوريا وخلالها. تصريح شتاينتس، قد يكون رداً توضيحياً على ما صدر أخيراً عن أحد الضباط الاسرائيليين من أنه «لا يمكن نفي أو تأكيد إمكان أن يكون حزب الله قد وضع يده على جزء من السلاح الكيميائي»، الأمر الذي يزيد منسوب قلق الاسرائيليين من الخسائر المرتقبة في حال اندلاع المواجهة مع حزب الله».
وعلى غرار الايام الماضية، تابعت تل أبيب حملتها ضد الحزب، ما يثير أكثر من علامة استفهام حول غاياتها ودوافعها، وفي هذا الوقت تحديداً. في العادة المتبعة إسرائيلياً، تهدف حملات كهذه، خصوصاً أن محركها هو الناطق باسم الجيش الاسرائيلي، الى زيادة منسوب الردع تجاه حزب الله لمنعه من شن عمليات، أو تحذير من ردّ قد يقدم عليه في حال قررت تل أبيب شن اعتداء ما. فهل تهدف هذه الحملة المتواصلة منذ أسابيع الى تحقيق إحدى الغايتين أو كليهما معاً؟
آخر المواقف الاسرائيلية جاء على لسان قائد لواء «كفير» العقيد ايشر بن لولو الذي أكد الجاهزية لمواجهة السيناريو الأسوأ والأكثر تعقيداً، في وجه حزب الله، رغم تأكيده في المقابل أن «العدو الذي نواجهه، والأكثر ذكاءً وبراعة في القتال، هو حزب الله، سواء على مستوى المعلومات أو الوسائل القتالية أو العقيدة الحربية». وقال بن لولو في مقابلة مع صحيفة «معاريف» إن «حزب الله عدو ذكي، ويملك شبكة من الأنفاق تحت الارض، ولديه مقاتلون محترفون ووسائل قتالية متطورة جداً».
وعن سيناريوات الحرب المقبلة مع حزب الله، حذّر بن لولو من أن «الحرب لن تشهد أرتالاً من الآليات المدرعة أو فيالق من الجنود، بل حرب عصابات وعمليات عدائية من داخل المناطق المدنية». وأكد الحاجة الى قوات إضافية في الميدان، مرجّحاً أن يقوم لواء «كفير» بالمهمة. وقال: «الحرب المقبلة ستشهد إدخال قوات بهدف السيطرة على المناطق التي تطلق منها الصواريخ، ونحن في لواء كفير نتدرب على الحرب خلف الخطوط وتكبيد العدو ثمناً باهظاً»، ورأى «أن سلاح المشاة هو القيمة المضافة على المعركة، وتحديداً قدرة الوصول الى أماكن غير متوقعة». وأوضح أن «الجهات العدوة لإسرائيل، خصوصاً حزب الله، تدرك جيداً تفوق سلاح الجو الاسرائيلي، إضافة إلى المعلومات الاستخبارية وقدرة النيران الدقيقة»، موضحاً «أن حزب الله سيعمل من داخل الأرض ولن يعتمد على الاتصالات، وبالتالي سيحاول إبطال تفوقنا كجيش نظامي». وفي السياق نفسه، رأى قائد كتيبة «حيريف» في جيش الاحتلال رفعت حلبي أن وحدته تستعد للانتقال «من درجة صفر إلى درجة مئة» (أي من حال الروتين إلى حال الحرب) في غضون لحظة واحدة. وفي مقابلة مع موقع «إسرائيل ديفينس»، كشف الضابط المسؤول عن الكتيبة المتخصصة في القتال على الساحة اللبنانية، عن زيادة الاستعدادات في الفترة الأخيرة وعن تكثيف التدريبات وزيادة الجاهزية على الجبهة الشمالية. وقال: «علينا أن نكون جاهزين في غضون ثانية». وتابع «إن عناصر حزب الله يتجولون على الحدود بواسطة سيارات رباعية الدفع أو متخفين بصورة رعاة غنم وأحياناً ترى راعي غنم يحمل منظاراً».
وعما إذا كان تدخل حزب الله في سوريا يخدم الجيش الإسرائيلي، قال حلبي: «من جهة، هذا يضرّ بحزب الله، لكن مع ذلك، فإنه يتيح لمقاتليه مراكمة خبرة عملياتية وهم يتعلمون كيفية تنفيذ الهجمات». ورأى أن «كل القتال الهجومي جديد بالنسبة إلى حزب الله الذي لعب حتى الآن في خط الدفاع». وأشار إلى أن عناصر وحدته يتنقلون بين المواقع على الحدود مع لبنان من أجل إنعاش جاهزيتهم دورياً، وهم سيكونون في الحرب المقبلة داخل الأراضي اللبنانية لوقت طويل، وسيصلون إلى المناطق التي تنتشر فيها المنصات الصاروخية التابعة للحزب.
وذكر موقع «إسرائيل ديفينس» المتخصص في الشؤون العسكرية أن كتيبة «حيريف» طورت تقنيات جديدة لمقاتلة حزب الله، وأشارت إلى أن قيادة المنطقة الشمالية في الجيش الإسرائيلي تدرس حالياً نقل أساليب الوحدة إلى وحدات أخرى يجب عليها أن تكون جاهزة للحرب. وأوضح أن عناصر الكتيبة يتدربون على الهجوم إلى داخل الأراضي اللبنانية خلال حرب لبنان الثالثة التي وعد فيها (الأمين العام لحزب الله السيد) حسن نصرالله بمفاجآت على شكل الهجوم على الجليل، وكذلك على الدفاع عن التجمعات السكنية في الجليل.