قبل شهر على صدوره بشكل رسمي، يتساءل المتابعون عن المضمون النهائي للتقرير التقييمي الخامس للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ.
ويعد هذا التقرير الذي يصدر مرة كل سبع سنوات التقرير الاكثر شمولية واحدث تقييم علمي لماضي تغيير المناخ وحاضره ومستقبله، ويقدم التقرير التقييم الاكثر اكتمالاً واحاطة بالعنصر الكمي لكيفية تأثير النشاطات الانسانية في توازن الطاقة الاشعاعية في الجو، والتغييرات الملاحظة في اوجه النظام المناخي كافة، مع استخدام احدث آلات القياس التي تشمل الجو واليابسة والمحيطات والثلج والارضيات الجليدية والمتجمدة.
يساهم في وضع التقرير اكثر من ٨٠٠ عالم من مختلف دول العالم يتوزعون في ثلاث فرق عمل. وفي حين لن تظهر النسخة الكاملة التجميعية قبل تشرين الاول ٢٠١٤ في كوبنهاغن ــ الدنمارك، يتوقع ان يتم الاعلان عن مساهمة فريق العمل الاول الذي يعالج «القاعدة العلمية الفيزيائية لتغير المناخ» خلال اجتماع الهيئة المقرر في ٢٣ ايلول المقبل في استوكهولم ــ السويد. ويعلن عن مساهمة فريق العمل الثاني الذي يعالج «التأثيرات والتكييف وسرعة التأثر من تغير المناخ» خلال اجتماع الهيئة في آذار ٢٠١٤ في مدينة يوكوهاما ــ اليابان، اما مساهمة فريق العمل الثالث الذي يعالج تخفيف تغير المناخ فسوف يبصر النور في برلين ــ المانيا في نيسان ٢٠١٤.
وسربت مسودة مساهمة فريق العمل الاول الذي يعالج «القاعدة العلمية الفيزيائية لتغير المناخ» في كانون الاول الماضي من قبل اليك راولز احد العلماء المشاركين في مراجعة التقرير، وهو عالم اميركي مغمور ينتمي الى فريق المشككين في أن النشاط البشري هو المسبب الرئيسي لتغير المناخ.
احدث تسريب التقرير جدلاً واسعاً في حينها في الاوساط العلمية والدبلوماسية، حيث استغله الفريق المشكك بظاهرة تغير المناخ، عبر التركيز على فقرة من التقرير تبحث اثر الشعاع الكوني على ظاهرة تغير المناخ. وادعى هذا الفريق ان من شأن التركيز على اثر الشعاع الكوني ان يغير قواعد اللعبة ويعيد النقاش الى نقطة الصفر. لكن كبار العلماء المشاركين في صياغة التقرير سارعوا الى وصف الخلاصة التي وصل اليها فريق المشككين بأنها «دعابة سمجة»، خصوصاً ان الفقرة التي تم التركيز عليها هي جزء صغير من مئات الصفحات، عدا عن التحوير والتلفيق في معالجة اثر الشعاع الكوني على ظاهرة تغير المناخ، للتهرب من تثبيت الحقيقة العلمية التي بات مبرهنة وراسخة من ان الغازات الناتجة عن النشاط البشري هي المسبب الرئيسي لتغير المناخ.
وبالمقارنة مع آخر تقرير صدر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ في العام ٢٠٠٧ يتبين ان علماء المناخ قد حسموا خيارهم بنسبة ٩٩ في المائة.. أن تغير المناخ ناتج من الانشطة البشرية، في حين كانت النسبة في تقرير العام ٢٠٠٧ قد وصلت الى ٩٠ في المائة.
ويأتي صدور تقرير «القاعدة العلمية الفيزيائية لتغير المناخ» قبل شهرين من انعقاد المؤتمر الـ ١٩ للدول الاطراف في الاتفاقية الدولية حول تغير المناخ، في وارسو ــ بولندا. وعادة ما يشكل هذا التقرير القاعدة الصلبة لتحديد المواقف التفاوضية من قبل الدول الكبرى.
وكان المؤتمر الاخير للإتفاقية الذي عقد في الدوحة ــ قطر قد اقر تعديل بروتوكول كيوتو، باعتباره الاتفاق الوحيد القائم والملزم الذي بموجبه تلتزم البلدان بخفض غازات الاحتباس الحراري. وقررت الحكومات أن طول فترة الالتزام الثانية ستكون حتى العام ٢٠٢٠.
ومن المفترض ان تعمل الحكومات بوتيرة سريعة لوضع اتفاق عالمي جديد بشأن تغير المناخ يغطي جميع البلدان اعتبارا من عام 2020، والذي سيُعتمد بحلول عام 2015 في باريس، وإيجاد سبل لمضاعفة الجهود قبل عام 2020 بما يتجاوز التعهدات القائمة للحد من الانبعاثات بحيث يستطيع العالم أن يبقى تحت الدرجتين المئويتين في ارتفاع درجة الحرارة كحد أقصى. وسيتاح عناصر النص التفاوضي للاتفاقية الجديدة في موعد أقصاه نهاية عام 2014، بحيث تكون مسودة النص التفاوضي متاحة قبل ايار 2015.
وتشكلت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ بالتعاون ما بين المنظمة العالمية للارصاد الجوية وبرنامج الامم المتحدة للبيئة من اجل تامين تقرير دولي موثوق يعرض الفهم العلمي لتغير المناخ. ويعيب تقارير الهيئة الحكومية انها تخضع للتفاوض الدبلوماسي من قبل الدول الاعضاء، الامر الذي يجعل النسخة النهائية من التقرير تتضمن الحد الادنى من التوقعات العلمية المسموح بنشرها خصوصاً الارقام المتعلقة بارتفاع حرارة الارض ومياه المحيطات.
ويؤكد تقرير «القاعدة العلمية الفيزيائية لتغير المناخ» إن العالم شهد ظروفا مناخية متطرفة غير مسبوقة خلال العقد المنتهي في 2010 تراوحت بين موجات الحر في اوروبا والجفاف في استراليا الى الفيضانات في باكستان في اطار ظاهرة ارتفاع درجة حرارة الأرض.
ويلفت التقرير الى أن كل عام من الاعوام العشرة ــ باستثناء عام 2008 ــ كان من أشد الاعوام من حيث ارتفاع درجة الحرارة منذ بدء تسجيلها عام 1850 وكان عام 2010 أشدها حرارة. وإن الكثير من الظواهر المناخية المتطرفة يمكن تفسيرها في ضوء تفاوت مستويات هذه الظواهر من عواصف الى موجات جفاف فيما لعبت الانبعاثات الغازية المتزايدة الناشئة عن الأنشطة البشرية دورا لا يستهان به.
وبحسب التقرير «أدى تزايد تركيزات الغازات التي تسهم في الاحتباس الحراري الى تغيير مناخنا مما ترتب عليه آثار بعيدة المدى للبيئة والمحيطات التي تمتص كلا من ثاني اكسيد الكربون والحرارة.»
وقال التقرير إن من بين هذه الظواهر المناخية المتطرفة الاعصار، كاترينا في الولايات المتحدة عام 2005 واعصار نرجس في ميانمار عام 2008 وفيضات باكستان عام 2010 والجفاف في منطقة حوض اريزونا واستراليا وشرق افريقيا وتراجع كتلة الجليد في المنطقة القطبية.
وتشير المنظمة العالمية للارصاد الجوية ومقرها جنيف إن اجمالي وفيات الظواهر المناخية المتطرفة بلغ 370 الف شخص بارتفاع نسبته 20 في المئة عن تسعينات القرن الماضي على الرغم من الارتفاع الكبير في عدد سكان العالم خلال تلك الفترة من 5.3 مليارات نسمة عام 1990 الى 6.9 مليارات نسمة عام 2010.





موجات الحر الى المثلين بحلول 2020



قالت دراسة علمية صدرت قبل اسبوعين إن مساحة مناطق الموجات الحارة في العالم ستزيد إلى المثلين بحلول 2020 وستواصل الاتساع في العقود المقبلة مع ازدياد سخونة مناخ العالم بفعل الغازات المسببة للاحتباس الحراري.
واعتمدت التوقعات على نماذج جديدة اعدت بواسطة الكمبيوتر. والتوقعات الجديدة اكثر اثارة للقلق مما جاء في تقرير لجنة الامم المتحدة المعنية بالتغيرات المناخية العام الماضي والذي اكتفى بالقول ان «من المرجح جدا ان يزيد أمد وتواتر وشدة فترات ارتفاع درجات الحرارة أو موجات الطقس الحار في غالبية مناطق اليابسة» هذا القرن. وكتب العلماء في دراستهم الجديدة التي نشرت نتائجها في دورية انفيرومنتال ريسيرش ليترز «من المتوقع ان يزيد هذا إلى المثلين بحلول 2020 وإلى اربعة امثال بحلول 2040».